رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


بورسعيد مدينة تروي أسطورة وتضحية.. 68 عامًا على الصمود والنصر

23-12-2024 | 12:30


أرشيفية

فاطمة الزهراء حمدي

«بورسعيد» تلك المدينة الباسلة ذات الأرض الطاهرة والعطرة التي تخصبت وارتوت بدماء شهدائها وأبطالها وشعبها الأبي العتيد، الذي رفض أن تمس أو تطأ قدم أي عدو لبلده وأرضه، حيث وقف ابنائها بكل قوة وبسالة في وجه العدوان الثلاثي الغاشم، متصدين له بكامل قوتهم متسلحين بقلبٍ من فولاذ وروح أبيه وشجاعة ورأس شامخة رافضة التخلي أو الإنكسار.

كما تعد مدينة بحرية وتجارية تضم العديد من المعالم المميزة، ومنها ميناء بورسعيد، ومبنى هيئة قناة السويس، وفنار القديم، ما جعلها مطمع للإعداء وأصبحت العين متسلطة عليها مثل الفريسة منتظرة الإنقضاض على أرض الفدائيين ولكن جاءت الصفعة التي لطمت كافة الوجوه الغاشمة المتمثلة في العدوان الثلاثي، ليرحل آخر جندي من جنود الاحتلال عن أرض بورسعيد في 23 ديسمبر 1956م، ويمر 68 عامًا على الهزيمة والقهر لهم والانتصار والشجاعة لتلك المدينة الثرية بالخيرات ويصبح عيدًا قوميًا ووطنيًا لها.

أسباب العدوان الثلاثي على مصر

بعد تولي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حكم مصر، تتطلع لاإزدهارها وإبعاد أي تدخل أجنبي في شئونها، حيت قام في 19 أكتوبر 1954 بتوقيع اتفاقية الجلاء مع بريطانيا من أجل جلاء القوات البريطانية المرابطة في منطقة القناة، وبالفعل في 18 يونيو 1956 أجلي آخر جندي بريطاني عن الأراضي المصرية.

أراد عبد الناصر بناء السد العالي، وعرضت أمريكا وانجلترا والبنك الدولي على مصر للحصول على قرض لتنفيذ مشروع السد العالي، وفي ديسمبر 1955 وقبلت مصر ذلك العرض، ثم طلبت بعد ذلك شراء صفقة أسلحة ولكن قوبل ذلك الطلب بالرفض فاتجهت مصر إلى الاتحاد السوفيتي لشراء ما تحتاج من أسلحة.

أثارت تلك الخطوة غضب أمريكا وانجلترا حيث وجدوا في تلك الخطوة المصرية مظهراً من مظاهر التحدي فتراجعا عن تمويل السد العالي، وتعللوا بأن مصر غير قادرة على سداد القرض لضعف قدرتها المالية، ولكن لم يقف ذلك في وجه عبد الناصر حيث أعلن في 26 يوليو 1956 من ميدان المنشية بالإسكندرية قرار تأميم شركة قناة السويس رداً على سحب عرض تمويل السد العالي بطريقة مهينة لمصر.

ومن هنا بدأ تشكل بداية العدوان الثلاثي، حيث أرادت بريطانيا بعد تأميم القناة التصدي لمصر وقامت بالفعل بتجميد الحسابات والأرصدة المصرية لديها وفرضت حظراً على تصدير السلاح إلى مصر وعقدت العزم على تدبير رد عسكري، وانتهزت فرنسا الفرصة وقررت ضرب مصر رداً على مساعدة عبد الناصر لثورة الجزائر، وشاركت إسرائيل رداً على منع مرور سفنها بقناة السويس.

أحكمت الثلاث الدول "بريطانيا وفرنسا وإسرائيل" خطة ثلاثية لاحتلال مصر والاعتداء عليها وتجمعوا في ضاحية سيفرز بباريس، وإثر ذلك بدأ هجوم إسرائيلي مفاجئ يوم 29 أكتوبر 1956، تلاه في يوم 30 أكتوبر تقديم كل من بريطانيا وفرنسا إنذار لمصر يطالب بوقف القتال بين الطرفين، ويطلب من مصر وإسرائيل الانسحاب عشر كيلو متر عن قناة السويس وقبول احتلال بورسعيد والإسماعيلية والسويس، من أجل حماية الملاحة في القناة.

ولكن لم تقبل مصر وأعلنت رفضها القاطع، ولكن جاء الهجوم في 31 أكتوبر من قبل الدولتين على مصر وبدأت غاراتهما الجوية على القاهرة والقناة والإسكندرية، وأصبحت مصر تحارب في جبهتي سيناء والقناة، مما جعل عبد الناصر يصدر الأوامر بسحب جميع القوات المصرية من صحراء سيناء إلى غرب قناة السويس.

بورسعيد والصمود والنصر

لم تهدأ الغارات والضربات على مصر، وبدأت عملية غزو مصر في 5 نوفمبر من جانب القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد، التي تم ضربها بالطائرات والقوات البحرية تمهيداً لعمليات الإنزال الجوي بالمظلات، ولكن تفاجأت قوات الاحتلال بما لم يحسبوا له حساب وهي مقاومة بورسعيد الاحتلال بكل شجاعة وكفاح واستبسال مما أثار وزلزل العالم وحركة ضد القوات البريطانية والفرنسية.

تصدى شعب بورسعيد وقوات المقاومة الشعبية في وجه قوات الاحتلال ودارت معارك عنيفة بينهم مما أسفر عن ظهور أمثلة مشرفة للعديد من أبطال المقاومة مثل السيد عسران ومحمد مهران، وبالطبع لم تتخل الدول العربية عن مصر وتصدوا أيضًا أمام العدوان وقامت بنسف أنابيب البترول، ومنعوا وصوله إلى بريطانيا وفرنسا.

وأظهر العالم تكاتف ضد ذلك العدوان حيث اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بإيقاف القتال، كما وجه الاتحاد السوفيتي وفي اليوم التالي إنذاراً إلى بريطانيا وفرنسا، وأعلن عن تصميمه لمحو العدوان بالقوة، إذا لم تتراجع الدولتان عن موقفهما.

لم يصمد العدوان الثلاثي أمام ذلك الضغط ووقف التغلغل الإنجليزي الفرنسي، وقبولهما وقف إطلاق النار ابتداء من 7 نوفمبر، وخضعت الدولتان للأمر الواقع، وفي 19 ديسمبر أنزل العلم البريطاني من فوق مبنى هيئة قناة السويس ببورسعيد، وانسحب بعدها القوات الفرنسية والإنجليزية من بورسعيد في 22 ديسمبر، حتى تسلمت السلطات المصرية مدينة بورسعيد واستردت قناة السويس، ورحل أخر جندي من من جنود الإحتلال عن أرض بورسعيد في 23 ديسمبر 1956م، ليصبح ذلك التاريخ عيدًا قوميا للمدينة الباسلة بورسعيد وشعبها أو "عيداً للنصر".