يُمثل المسرح «أبو الفنون» بداية انطلاق الشرارة نحو الثقافة والسعي نحو تطوير المجتمعات وتنميتها بالعالم وصولًا بها لحياة أرقى وأفضل، ويتفرد المسرح بقدرته عن غيره من الفنون باستهداف الجماهير من جميع الفئات باختلاف أعمارهم وهويتهم واتجاهاتهم وثقافتهم ولغاتهم وحضارتهم وسيظل هو الفن الأكثر انتشارًا بالعالم كله.
وتقدم بوابة «دار الهلال»، أشهر المسرحيات عبر سلسلة «روائع المسرح العالمي» لنتعرف على أهم المسرحيات من مختلف الثقافات مما خطها وقدمها المسرحيون في مختلف الأزمنة والعصور منذ خلق ونشأة المسرح بعالمنا.
ونلتقي اليوم مع مسرحية «صداع خفيف» لالإنجليزي «هارولد بنتر»
«هارولد بنتر» كاتب مسرحي بريطاني ولد في لندن بدأ حياته المهنية كممثل ومسرحيته الأولى «الغرفة» قُدمت في جامعة بريستول عام 1957 م، ونصه الثاني ويعدّ الآن من أفضل ما كتب «حفلة عيد الميلاد»، قُدمت 1958 م، وكتب مسرحية «الناظر» 1960م، و جعلته مسرحيا مهما، وهذه المرة استقبلت بشكل جيد، و لقب «شاعر الصمت» لأنه يكثر من استخدام فترات الصمت في الحوار لجعل المتفرج يتصور الاضطرابات النفسية أو المخاوف والأحاسيس المختلفة التي تضطرم في نفسية الشخصيات.
وفي 13 أكتوبر عام 2005م، أعلنت الأكاديمية السويدية فوز هارولد بنتر بجائزة نوبل للأداب لعام 2005 م، معللة ذلك «بأن مؤلفاته تكشف الهاوية الموجودة خلف قوى الاضطهاد في غرف التعذيب المغلقة».
مسرحية «صداع خفيف»
وفي المسرحية نرى «إدوارد»، كاتب المقالات الفلسفية والاجتماعية يتحدث مع زوجته «فلورا» في بيتهما الريفي، وينتقلان من الحديث عن أمر لآخر، ولا يوجد تواصل واضح بين هذه الموضوعات، فيتحدثان أولا عن بعض الأمور في حديقة بيتهما، ثم عن «دبور» غزا بيتهما ويحاولان قتله، ويتمكنان من قتله في النهاية، وفجأة يتحدث إدوارد عن ذلك الشخص الذي يقف عند باب بيتهما الخلفي ويبيع الثقاب، ونرى الزوجة تحث زوجها على عدم الاهتمام بهذا الشخص فهو يبدو عجوزًا بائسًا، ولكن الزوج يهتم به، ويرى أنه يقف في هذا المكان منذ شهرين من الفجر حتى وقت الغسق، ولا يبدو أنه يبيع أي علبة ثقاب؛ لأنه يقف في مكان بعيد عن الطريق العام، وقلما يمر في مكانه هذا أحد.
ويظن الزوج أن ذلك الشخص ليس بائع ثقاب كما يبدو من هيئته، ويطلب إلى زوجته أن تحضره ليتحدث معه ليعرف حقيقته، ويكلمه إدوارد أولا، ولا يتكلم هذا الشخص أي كلمة خلال كلام إدوارد معه، ويسرد له إدوارد كثيرًا من ذكرياته، ويستفزه صمته في النهاية ويوبخه، ثم ييأس من التواصل معه، فيتركه ويخرج لحديقة البيت ليجمع أنفاسه، ويهدئ أعصابه، وتتحدث إليه الزوجة فلورا، وأيضًا لا يرد على كلامها، وتكلمه عن بعض ذكرياتها، وتحاول أن تغريه بالحديث حين تكلمه عن أمور الحب والجنس، ولكنه لا يرد عليها أيضًا.
ثم يعاود الزوج الحديث معه، ويسرد له بعض ذكرياته، وينهره لصمته، ويخبره بشكه في أن يكون متنكرًا في هذه الشخصية لأهداف أخرى.
وفي ختام حديث »إدوارد معه يبدو أن هذا الشخص قد امتص روحه بصمته الشديد، وأصبح ضائعًا منهكًا، وهنا تأتي النهاية الغريبة، فتأتي فلورا وتقول لذلك الشخص وقد أطلقت عليه بارنباس إنك يا بارنباس قد قمت بعملك على أحسن وجه. وتتغزل فيه، وتطلب إليه أن يحل محل زوجها، وتطلب إلى زوجها أن يحل محل بائع الثقاب، فيأخذ صندوق علب الثقاب ويقوم بوظيفته، وهذه النهاية الغريبة يمكن أن يكون لها تأويلات، منها أن بائع الثقاب هذا هو عاشق لهذه المرأة وتنكر في هذه الهيئة؛ لينهك الزوج إدوارد، ويتعب روحه بصمته؛ ليتمكن هو من أن يحل محله في العلاقة مع زوجته.
«صداع خفيف» في الإذاعة المصرية
وقدمت «صداع خفيف.. A Slight Ache » في العديد من دول العالم بمعالجات متنوعة ومتباينة، وقدمت المسرحية من إنتاج إذاعة البرنامج الثقافي بمصر تحت عنوان «من مسرح التراجي كوميدي» عن النص الأصلي من تأليف Harold Pinter.. هارولد بنتر، ترجمة و إخراج: الشريف خاطر.
و المسرحية من بطولة سميحة أيوب، علي الغندور والراوي: حمزة الشيمي