محمد التابعي.. أمير الصحافة المصرية ومعلم الأساتذة
فارس من فرسان الكتابة الصحفية في مصر، أثرى الحياة الثقافية والفكرية المصرية والعربية، وصاحب مدرسة خاصة في الكتابة الصحفية، تميز بأسلوبه الساخر في الهجوم، تتلمذ تعلم وتعلم على يديه كبار الصحفيين والكتاب والمفكرين من بينهم محمد حسنين هيكل، مصطفى أمين وعلي أمين، كامل الشناوي، إحسان عبد القدوس، أحمد رجب، فأصبح معلم الأساتذة ولقّب بـ «أمير الصحافة» إنه الكاتب الصحفي محمد التابعي.
الميلاد والنشأة
ولد محمد التابعي في 18 مايو 1896على شاطىء بحيرة المنزلة في محافظة بورسعيد والتحق بالمدرسة الأميرية الابتدائية فى المنصورة وحصل على الابتدائية عام 1912م، ثم التحق بالمدرسة السعيدية الثانوية، وحصل على التوجيهية عام 1917، ثم ليسانس الحقوق فى 1923، وعمل في إدارة التموين بالسويس بعد تخرجه.
بدأ «التابعي» عام 1924 بكتابة مقالات فنية في جريدة الأهرام تحت توقيع اسم «حندس» كما كتب في بداياته في «روزاليوسف» بدون توقيع، فقد كان يعمل موظفا في البرلمان المصري في قلم الترجمة.
سببا في زيادة التوزيع
واستقال «التابعي» من وظيفته الحكومية من مجلس النواب وتفرغ للكتابة في «روزاليوسف»، وكان ثمنها في ذلك الوقت خمسة مليمات مصرية، وتسببت مقالاته السياسية القوية في زيادة توزيعها وزاد ثمن شرائها، وأظهرت مقالاته مهاراته الصحفية، وكان يتسلح بقلم يهاجم ما يراه ظلما بأسماء مستعارة، وكادت المقالات تحدث أزمة سياسية بين الدستوريين والسعديين.
وأسس «التابعي» مجلة «آخر ساعة» في عام 1934م، كما شارك في تأسيس جريدة «المصري» مع محمود أبو الفتح وكريم ثابت.
الصحفي المحقق والمتفرد
واشتهر «التابعي» بأنه صحفي متميز يتحقق من معلوماته قبل نشرها، وكان يحصل على الأخبار من مصادرها مهما كانت، وكان يتميز بأسلوبه الساخر في كتاباته وخاصة عندما يهاجم، وعرف عن «التابعي»، أنه الصحفى المصرى الوحيد الذي رافق العائلة الملكية في رحلتها الطويلة لأوروبا عام 1937 و كان شاهدًا ومشاركًا للعديد من الأحداث التاريخية حينذاك
أصبح «التابعي» مدرسة خاصة في الكتابة الصحفية، ومن بين أسلوبه الساخر أن أطلق أسماء هزلية على بعض الشخصيات السياسية المعروفة، وكان يكفى أن يشير«التابعي» في مقال إلى الاسم الهزلي ليتعرف القراء على الشخصية المقصودة.
وسعى «التابعي» لتكوين أول نقابة للصحفيين وكان من أعضائها المؤسسين، إذ صدر قرار وزارى فى مارس سنة 1941 بتشكيل مجلس مؤقت لادارة النقابة برئاسة محمود أبو الفتح وعضوية الأساتذة إبراهيم عبد القادر المازني، وجبرائيل تقلا، وفارس نمر، ومحمد التابعى، وعبد القادر حمزة، وادجار جلاد، وحافظ محمود ومحمد خالد، ومصطفى أمين، وفكرى أباظة وخليل ثابت.
مؤلفات بالسينما والتلفزيون
كتب«التابعي» 13 رواية، إإضافة لترجمة كتاب «مذكرات اللورد سيسل» فى العشرينيات من القرن الماضي، ومن مؤلفاته: «بعض من عرفت» 1950م، «من أسرار الساسة و السياسة» 1959، «أسمهان تروى قصتها» 1961م، «ألوان من القصص 1964 ، «أحببت قاتلة» 1966، «لما نحب» 1969، والتي حولت إلى فيلم سينمائي من بطولة رشدي أباظة ونادية لطفي، وقدمت بالمسرح من إعداد دكتور سمير سرحان ومحمد عدل.
وكتب«التابعي»أيضًا «لماذا قتل» 1969، «ليلة نام فيها الشيطان» 1969،«جريمة الموسم» 1960، وحول إلى مسلسل بالتلفزيون المصري، من بطولة النجم عادل أدهم، «صالة النجوم» 1970، «رسايل و أسرار» 1970، «حكايات من الشرق والغرب» 1972، كما قجم العدييد من المؤلفات الأخرى للسينما والتلفزيون.
«التابعي» معلمًا للأساتذة
تتلمذ على أيدي محمد التابعي العديد من الكتاب والصحفيين الكبار والأساتذة بعالم الصحافة و السياسة و الأدب مثل محمد حسنين هيكل، مصطفى أمين وعلي أمين، كامل الشناوي، إحسان عبد القدوس، أحمد رجب وغيرهم.
وقال تلميذ مصطفى أمين: «كانت مقالات التابعي تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولا يخاف ولا يتراجع، وكلما سقط علي الأرض قام يحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرار».
و تم تأليف العديد من الكتب عن «التابعي» ومنها سيرته الذاتية في جزئين بقلم الكاتب الصحفى الراحل صبري أبو المجد، و من أوراق أمير الصحافة بقلم الكاتب الصحفي محمود صلاح، كما ألف عنه حنفي المحلاوي كتاب «غراميات عاشق بلاط صاحبة الجلالة، ويحكي عن أشهر غراميات التابعي في مصر وفي أوروبا.
و من أشهر أقوال محمد التابعي.
«أن يفوتك 100 سبق صحفي أفضل من أن تنشر خبرًا كاذبًا».
«رسالتي الصحفية أن أحارب الظلم أيا كان وأن أقول ما أعتقد أنه الحق ولو خالفت في ذلك».
«أنا لا أسكت على الحال المايل، رأيي أن الصحافة تستطيع أن توجه الرأي العام، وليست أن تتملقه أو تكتب ما يسره أو يرضيه».
ورحل «التابعي»، أمير الصحافة المصرية عن عالمنا في مثل هذا اليوم 24 ديسمبر 1976 عن عمر ناهز 80 سنة في السنبلاوين بالدقهلية، بعد أن ترك لنا وللجميع أثرًا باقيًا ومهمًا في الصحافة المصرية والعربية والفكر العربي.