رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


العلاقات المصرية القبرصية اليونانية.. 10 قمم ثلاثية وتاريخ من التعاون المشترك

8-1-2025 | 12:17


القمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان

على مدار أكثر من عشر سنوات، عقدت كل من مصر وقبرص واليونان، عشر قمم ثلاثية، في ظل حرص القيادة السياسية في الدول الثلاث على تعزيز التعاون والتنسيق المشترك، وتستضيف القاهرة اليوم القمة الثلاثية العاشرة بين مصر وقبرص واليونان، حيث يستضيف الرئيس في قصر الاتحادية كلا من الرئيس نيكوس خريستودوليدس رئيس جمهورية قبرص، ورئيس وزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.

تاريخ العلاقات المصرية القبرصية اليونانية

ارتبطت مصر مع قبرص واليونان بتاريخ طويل، حيث ربطت مصر وقبرص علاقات تعود لعام 1960 فور استقلال قبرص، وتبادلت البلدان حينها إنشاء السفارات والبعثات الدبلوماسية، وتميزت العلاقات السياسية بينهما على مر السنوات بتنسيق المواقف بينهما حيال القضايا المختلفة، والتعاون في المحافل الدولية والإقليمية، وخاصة في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتبادل البلدان التأييد في الترشيحات لعضوية اللجان الدولية المختلفة.

كما وقعت البلدان بروتوكولا للتشاور السياسي بين وزارتي الخارجية، وبعد نجاح ثورة 30 يونيو وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد السلطة في 2014، شهدت العلاقات المصرية – القبرصية تطورًا كبيرًا، حيث حرصت القيادة السياسية في البلدين على استمرار أوجه ومجالات التعاون وخاصة في قطاع الطاقة والغاز.

وربطت مصر واليونان علاقات تاريخية تعود للحضارات القديمة في البلدين، حيث يعود الإرث التاريخي بين القاهرة وأثينا، إلى ما قبل الميلاد بنحو 300 عام، وفي العصر الحديث تعمقت أوجه العلاقات والتعاون بي البلدين وتطورت منذ القرن الثامن عشر ميلادية، أما على مستوى العلاقات الدبلوماسية فهي ترجع إلى عام 1833، ويوجد في مصر جالية يونانية كبيرة ويتمتع البلدان بتعاون وثيق على مستوى متعدد الأطراف فى سياق المنظمات الدولية وفى إطار الشراكة الأور ومتوسطية.

شهدت العلاقات المصرية اليونانية نقلة نوعية على مختلف الأصعدة السياسية، الاقتصادية والثقافية وأصبحت نموذجًا يحتذى به في التعاون الثنائي لمصلحة الشعبين، وتعزيز الاستفادة من الثروات الطبيعية في شرق المتوسط وحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، ومنذ 2014 شهدت العلاقات المصرية اليونانية نقلة نوعية على الصعيد السياسى وتوالت الزيارات الرئاسية والدبلوماسية بين البلدين، سواء في إطار التعاون الثنائي بين القاهرة وأثينا أو فى إطار القمم الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص، التى تستضيفها الدول الثلاث بالتناوب.

القمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان

عقدت القمة الثلاثية الأولى بين مصر وقبرص واليونان، في نوفمبر 2014، حيث استقبل الرئيس السيسي حينها بمقر رئاسة الجمهورية نيكوس أنستاسيادس رئيس جمهورية قبرص آنذاك، كما استقبل أنتونيس ساماراس رئيس وزراء اليونان حينها، وعقد الزعماء الثلاثة مباحثات مغلقة تلتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفود الدول الثلاث.

وأكد الرئيس السيسي خلال القمة الثلاثية الأولى أن مصر تولي أهمية كبيرة لهذه القمة التي تعطي قوة دفع جديدة للتعاون القائم بين الدول الثلاث، معربًا عن تطلع مصر لتعزيز التعاون والتنسيق مع كل من قبرص واليونان في مختلف المجالات وبما يتناسب مع التنسيق السياسي بينهم في المحافل الإقليمية والدولية، وذلك ليس فقط للارتقاء بمجالات التعاون الثنائي ولكن أيضًا للتوصل إلى حلول دائمة وعادلة للتحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط، لا سيما حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المســتقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فضلًا عن عودة الاستقرار إلى ليبيا، والمساهمة في تسوية الأزمة في كل من سوريا والعراق.

تبادل اللقاء وجهات النظر إزاء عدد من الموضوعات الإقليمية والدولية، ثم تم اختتام فعاليات القمة بإصدار "إعلان القاهرة" الذي أعربت فيه الدول الثلاث عن اعتزامها تعزيز وتوثيق التعاون فيما بينها في جميع المجالات كما عبَّرت عن رؤيتها المشتركة لمختلف القضايا الإقليمية والدولية، واتفاقها على إقامة آلية للتشاور الثلاثي بهدف العمل على إطلاق كامل الطاقات من أجل تحقيق الفائدة لشعوب الدول الثلاث والمنطقة بأسرها.

وكانت القمة الثلاثية الثانية، بين البلدان الثلاث، في قبرص، في أبريل 2015، بمقر القصر الجمهوري القبرصي، وأكد الرئيس القبرصي حينها أهمية استثمار العلاقات المتميزة بين الدول الثلاث من أجل مواجهة التحديات المشتركة في منطقة المتوسط، لا سيما مكافحة الإرهاب، فضلًا عن أهمية تعزيز التعاون في منطقة شرق المتوسط في كافة المجالات لتحقيق الأمن والاستقرار، والرخاء.

وأشاد الرئيس بعقد القمة الثلاثية بعد ستة أشهر من عقد القمة الأولى بالقاهرة، مؤكدًا أهمية انتظام عقد آليات التشاور السياسي على كافة مستوياتها لما فيه صالح الدول الثلاث وشعوبها وكذا المنطقة بأسرها، لاسيما أن تلك المشاورات تتيح فرصة طيبة لتعزيز مختلف جوانب العلاقات الثلاثية، وكذا متابعة آخر التطورات والمستجدات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك في منطقتي الشرق الأوسط والمتوسط.

صدر عن القمة الثلاثية الثانية إعلان نيقوسيا متضمنًا التأكيد على مواصلة تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث من أجل تنمية واستقرار منطقة شرق المتوسط، وأهمية تكاتف جهود المجتمع الدولي من أجل مكافحة الإرهاب وكشف مصادر الدعم المالي والسياسي الذي تحصل عليه الجماعات الإرهابية، والاستفادة من الاحتياطيات الهيدروكربونية في منطقة شرق المتوسط، وتعزيز التعاون في مجالات السياحة والملاحة البحرية لنقل الركاب والبضائع، كما تناول عددًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك والتي جاء في مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في كل من ليبيا وسوريا واليمن والعراق.

وعقدت القمة الثلاثية الثالثة بين قادة مصر وقبرص واليونان، في ديسمبر 2015 في أثينا، أقر قادة الدول الثلاث "إعلان أثينا" والذي أكدوا فيه على أهمية تعزيز أطر التعاون الثلاثي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية، والبناء على ما يجمع بين مصر واليونان وقبرص من قيم مشتركة من أجل إرساء دعائم الأمن والاستقرار والسلام ودفع عملية التنمية في منطقة شرق المتوسط، وتوافق القادة الثلاثة على أهمية الدور الذي تضطلع به آلية التعاون الثلاثي كنموذج للحوار الإقليمي القائم على العمل المشترك وزيادة التنسيق داخل المحافل الدولية وتعزيز مستوى التواصل بين الدول الأوروبية والعربية ودفع العلاقات الأورو متوسطية.

وحينها تم الاتفاق على الارتقاء بمستوى التعاون من أجل تنفيذ مشروعات مشتركة بقطاعات الصناعات البحرية والسياحة، وتعزيز الربط البحري، والارتقاء بدور القطاع الخاص لدفع الشراكة الاقتصادية بين الدول الثلاث، وتم الاتفاق في نهاية أعمال القمة على إنشاء آلية مشتركة ودائمة للتعاون بين الدول الثلاث، بحيث تقوم بتحديد عدد من المشروعات المشتركة والعمل على تطويرها.

وكانت القمة الرابعة في أكتوبر 2016، في القاهرة، وخلالها أكد الرئيس السيسي أن المباحثات تطرقت إلى سُبل الإسراع في تنفيذ المشروعات المشتركة في عدد من المجالات، منها تعظيم الاستفادة من موارد الطاقة وتنميتها واستخدامها لصالح شعوبنا، والحفاظ عليها باعتبارها ملكًا للأجيال القادمة ومصدرًا لتأمين الطاقة لها، وذلك إلى جانب المحافظة على البيئة في البحر المتوسط وتفعيل الربط بين موانئ دولنا، بالإضافة إلى المشروعات المشتركة التي يتم إقامتها في مجالات الزراعة والسياحة بهدف توفير فرص العمل لشبابنا وضمان حياة كريمة ومستقبلًا آمنًا لهم على المستوى السياسي والدولي، فقد تطرقت مناقشاتنا البناءة إلى العلاقات الممتدة التي تربط بين مصر والاتحاد الأوروبي، حيث أكدت أن أساس تلك العلاقة هو التعاون الذي يتأسس على الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة، فضلًا عن الرغبة المشتركة في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة في ظل ما يشهده الشرق الأوسط وشرق المتوسط من توتر وأحداث تدركونها جميعًا.

وكانت القمة الثلاثية الخامسة في نوفمبر 2017، في قبرص، وتناولت القمة حينها عددًا من القضايا والملفات الإقليمية والدولية، خاصة في ضوء التوقيت الدقيق والتطورات المتلاحقة والمتشابكة التي تمر بها منطقتا الشرق الأوسط وشرق المتوسط، حيث تم التوافق خلال المباحثات على مواصلة التشاور والتنسيق إزاء مُجمل تلك التطورات، وأكدت الدول الثلاث التزامها بالعمل المشترك على الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وتحقيق تطلعات شعوبها نحو السلام والاستقرار والتنمية، فضلًا عن تعزيز جهود مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف، والتصدي للخطر الذي يمثله على مقدرات شعوب المنطقة والعالم، وعقب انتهاء أعمال القمة​، تم التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال التعاون السياحي بين الدول الثلاث.

فيما كانت القمة الثلاثية السادسة في أكتوبر 2018، في جزيرة كريت، وفي كلمته بالمؤتمر الصحفي حينها، أكد الرئيس السيسي أنه شهدت القمة تقاربًا معهودًا في الرؤى تجاه القضايا والأزمات التي تمر بها بعض دول المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والأوضاع في كل من سوريا وليبيا، فلا مجال لوقف نزيف الدم وإعادة البناء والإعمار إلا بتسوية الأزمات سياسياً، وتلبية طموحات الشعوب في مستقبل أفضل، وبما يفوّت الفرصة على التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، التي تستغل تلك الأزمات للنيل من دولنا وترويع شعوبنا، مستندين في ذلك إلى ما يتلقونه من دعم مالي وسياسي ولوجستي من بعض الأطراف، التي لا تتردد في الخروج عن القوانين والأعراف الدولية، كي توجد لنفسها موطئ قدم ونفوذ، وتُحقق مصالحها الضيقة على حساب أرواح ومقدرات الشعوب المُسالمة.

وعقد القمة الثلاثية السابعة في أكتوبر 2019، في القاهرة، وخلالها تم بالتوقيع على عدد من الوثائق والبرامج التنفيذية، بين مصر وقبرص واليونان، في مجال الترويج للاستثمار للأعوام من ٢٠١٩ إلى ٢٠٢١، وكذا التوقيع على اتفاق منع الازدواج الضريبي بين مصر وقبرص، وصدر الإعلان المشترك حينها حيث جدد القادة عزمهم على مواصلة الجهود المبذولة نحو تحقيق المزيد من التعاون والتنسيق فيما بينهم، ومواصلة العمل عن كثب بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك لصالح شعوبهم وشعوب المنطقة ككل.

وعقدت القمة الثامنة في العاصمة القبرصية نيقوسيا في أكتوبر 2020، وحينها أعلن الرئيس السيسي في كلمته أنه "وقعت دولنا الثلاث، إلى جانب شركائنا في شرق المتوسط، على الميثاق التأسيسي لمنتدى غاز شرق المتوسط الذي لا يمثل فقط نموذجًا لتشجيع التعاون الإقليمي والحفاظ على الاستقرار بالمنطقة، وإنما يعد إطارًا للتوافق على محددات ومشروعات مشتركة في مجال الغاز، لتوظيف الثروات الهائلة في شرق المتوسط من أجل تحقيق المنافع المتبادلة، مع احتفاظ كل دولة بحقوقها السيادية اتصالًا بتلك الثروات."

وكانت القمة الثلاثية التاسعة في العاصمة اليونانية أثينا في أكتوبر 2021، تناولت القمة أوجه التعاون بين الدول الثلاث في إطار آلية التعاون الثلاثي، حيث تم التأكيد على نجاحها في تكريس التشاور الدوري والتنسيق الوثيق حول الملفات الإقليمية والدولية التي تؤثر على كافة شعوب المنطقة، كما عكست كذلك التزامًا متبادلًا بترجمة التوافق السياسي إلى حزمة من المشروعات المثمرة على أرض الواقع في مختلف القطاعات الاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية، فضلًا عما شهدته من تعاون مشترك خلال الآونة الأخيرة للتصدي للتحديات والأزمات الطارئة مثل حرائق الغابات، ومواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية لجائحة كورونا.

تناول الزعماء الثلاثة المشروعات القائمة والمقترحة للتعاون في إطار آلية التعاون الثلاثي في قطاعات الطاقة، الغاز، الكهرباء، والسياحة والنقل والزراعة وغيرها، مع التأكيد على وجود آفاق واعدة لتعزيز روابط التعاون بين الدول الثلاث في عدد آخر من القطاعات الحيوية كالبيئة ومواجهة ظاهرة التغير المناخي.

تطرقت القمة إلى جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب والفكر المتطرف، حيث أكد الزعماء الثلاثة أهمية مواصلة الجهود المبذولة نحو تحقيق المزيد من التعاون والتنسيق فيما بينهم في هذا الصدد.

تم التباحث حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها ملف الاستقرار بمنطقة شرق المتوسط، بما يتطلب تحقيقه من ضرورة احترام وحدة وسيادة دول المنطقة وعدم التدخل في شئونها الداخلية، فضلًا عن مراعاة مقتضيات الأمن البحري لكل دولة كونه جزءًا من الأمن الإقليمي.

كما تم التأكيد على أهمية التبادل الدوري والمنتظم للرأي والتنسيق الوثيق للمواقف إزاء عدد من القضايا التي ترتبط باستقرار المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والملف الليبي والوضع في سوريا وسبل دعم لبنان الشقيق.