رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


معرض الكتاب 2025| "مدينة ضائعة" رواية جديدة تنتصر للريف الصيني

9-1-2025 | 17:41


غلاف الرواية

دعاء برعي

تزامنًا مع معرض الكتاب 2025 تصدر قريبًا ضمن سلسلة "قراءات صينية" الترجمة العربية لرواية "مدينة ضائعة" للروائي الصيني يوهوا، ترجمة وتقديم د. حسانين فهمي حسين أستاذ ورئيس قسم اللغة الصينية بكلية الألسن جامعة عين شمس والمشرف على "قراءات صينية".

تدور أحداث الرواية في الفترة التاريخية الممتدة من أواخر عهد أسرة تشينغ الإمبراطورية ومطلع جمهورية الصين، وهي الفترة التي ضجت فيها الصين بالاضطرابات الداخلية وتصارعت فيها الفرق السياسية والميلشيات والعصابات، وتحكي الرواية باختصار مشوار حياة بطلها لين شيانغفو الذي نشأ في أسرة ميسورة الحال بشمال الصين، والصدفة التي جمعته بزوجته جي شياومي الفارة من تسلط ومضايقات حماتها في الجنوب، والتي قضى معها لين أجمل أيام حياته وأنجب منها ابنته الوحيدة لين بايجيا، قبل أن تسرق منه شياومي عدد من السبائك الذهبية التي ورثها عن عائلته وتفر جنوبًا مع زوجها الأول آه تشيانغ إلى مدينة وهمية، ورحلة لين شيانغفو في البحث عنها وتنقله من مدينة إلى أخرى وما لاقاه خلال هذه الرحلة الطويلة والمليئة بالإثارة والمعاناة، والتي انتهت بموته غريبًا على يد عصابات قطاع الطرق دون أن يعثر على شياومي.

ويقدم يوهوا من خلال هذا كله صورة بانورامية كاشفة عن الأحداث والاضطرابات التي شهدها المجتمع الصيني خلال الفترة التاريخية الممتدة من أواخر عهد أسرة تشينغ الإمبراطورية ومطلع جمهورية الصين، وما عاناه الريف الصيني والإنسان الصيني العادي الذي هو محور اهتمام يوهوا في معظم كتاباته، والذي دائمًا ما ينتصر له يوهوا في صراعه مع الواقع المرير وتقلبات الحياة. وليضيف يوهوا لبنة جديدة في بناءه السردي الشامخ الذي أسس له بروايته المهمة "على قيد الحياة"، مرورًا بـرواية "مذكرات بائع الدماء" والتي تعد أبرز ما كتب عن معاناة الطبقة المهمشة في المجتمع الصيني المعاصر، والتي أصبح بطلها شيوسان قوان رمزًا لتحمل عذابات الحياة والتضحية في سبيل إنقاذ مَن يعول من براثن الفقر والجوع والمرض، وروايته الضخمة "الإخوة"، لتأتي "مدينة ضائعة" لتكمل هذا المشوار السردي المميز لأحد أبرز رواد الرواية الصينية المعاصرة، الذين عززوا مكانة الرواية الصينية وفتحوا لها آفاقها نحو العالمية.

وأصدر الدكتور حسنين فهمي، مترجم الرواية، العديد من الترجمات بين الصينية والعربية عن دور نشر مصرية وعربية وأجنبية، من أهمها أعمال صاحب نوبل الصيني مويان "الذرة الرفيعة الحمراء" و"الصبي سارق الفجل"، و"مذكرات بائع الدماء" للروائي الصيني يوهوا، و"ثقافة الطعام الصيني" و"مختارات قصصية لكاتبات صينيات معاصرات" وغيرها من الترجمات.

وحاز على "جائزة "الشباب للترجمة" المركز القومي للترجمة"، و"جائزة الإسهام المتميز في ترجمة الكتب الصينية"، وهي أكبر جائزة تمنحها الصين للمترجمين الأجانب، وجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي والعديد من شهادات التقدير المحلية والدولية لجهوده في الدراسات الصينية والترجمة.

أما يوهوا فولد في 1960 بمدينة خانغجوو جنوبي الصين، قبل أن ينتقل لاحقًا مع والديه إلى مدينة خاي يان بمقاطعة جه جيانغ، بدأ مشواره مع الكتابة عام 1983، وقدم أول عمل له قصة قصيرة بعنوان "النجوم" نشرت بالعدد1-1984 بمجلة "أدب بكين"، ثم التحق بعدها بالدراسة بمعهد لوشون للأدب بجامعة المعلمين ببكين، وهو المعهد الذي تخرج فيه أيضًا مويان، وعدد كبير من جيل الرواد في الأدب الصيني المعاصر.

أبدع يوهوا عددًا من الأعمال في القصة والرواية والمقالة، وحازت أعماله على شهرة واسعة داخل وخارج الصين، وكانت من أوائل الأعمال الأدبية لأبناء جيله التي تُترجم إلى عدة لغات أجنبية، حيث تُرجمت أعمال يوهوا حتى الآن إلى حوالي 40 لغة أجنبية من بينها اللغة العربية.

ومن أهم أعماله الروائية: "مناجاة تحت المطر" في 1991، و"على قيد الحياة" في 1992، و"مذكرات بائع الدماء" في 1995، و"الإخوة" في 2005، و"اليوم السابع" في 2013، و"مدينة ضائعة" في 2022، وغيرها من الأعمال التي لاقت طبعاتها الأجنبية انتشارًا كبيرًا خارج الصين.

وينتمي يوهوا لما يُعرف بجيل الرواد في الأدب الصيني المعاصر، الذي قدم مبدعوه تجارب سردية جديدة، ساروا فيها على نهج وخطوات رموز الأدب الصيني الحديث، مع تأثرهم الواضح بقراءاتهم من الإبداع العالمي، وهو جيل نشأ في ظروف صعبة بتاريخ الصين الحديث، وعانى كثيرًا للحصول على الكتاب والكتب المترجمة عن اللغات الأجنبية على وجه التحديد، وهو ما تحدث عنه مويان ويوهوا وآخرون من أبناء هذا الجيل.

كما نجد في كتاباته تأثرًا واضحًا بالواقعية النقدية لعميد القصة الصينية ورائد الأدب الصيني الحديث لوشون، الذي ترك هو أيضًا دراسة الطب ليدرس الأدب، إيمانًا منه بأن الإنسان الصيني آنذاك (مطلع القرن العشرين) كان بحاجة إلى العلاج النفسي والروحي أكثر من حاجته لعلاج الجسد من أمراضه، ليسير يوهوا على نهج لوشون ويترك طب الأسنان، بعد أن عمل طبيبا للأسنان لمدة خمس سنوات. كما نجد في إبداع يوهوا تأثرا كبيرًا بقراءاته عن الأدب العالمي وفق ما صرح به في أكثر من مناسبة داخل وخارج الصين. حصل يوهوا خلال مشواره الإبداعي الطويل على عدة جوائز وأوسمة أدبية داخل وخارج الصين.

ويوهوا اسمًا ليس بغريب على القارئ العربي من المحيط إلى الخليج، فربما هو أكثر كاتب صيني تُرجمت أعماله إلى العربية خلال السنوات العشر الأخيرة، والتي شهدت رواجًا في التواصل الأدبي الصيني العربي، وزيادة واضحة في ترجمة الإبداع الصيني إلى العربية عن اللغة الصينية مباشرة.

زار يوهوا مصر والإمارات، وشارك في مؤتمرات وندوات لمناقشة أعماله بمصر، منها مشاركته في "منتدى الأدب الصيني والعربي.. الإبداعي الأدبي على طريق الحرير" عام 2018 ضمن وفد أدبي صيني كبير برئاسة تييه نينغ الكاتبة ورئيس اتحاد الكتاب الصينيين، ومشاركته في ندوات نظمتها سلسلة "قراءات صينية" ودار النشر الصادر عنها الكتاب بالقاهرة لمناقشة ترجمة الأعمال القصصية ليوهوا، ومشاركته ضيفًا لندوة "لقاءات أدبية بعنوان: قراءات صينية".