رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


15 شهرًا من الإبادة.. سلسلة جرائم العدوان الإسرائيلي على غزة لا تنتهي

15-1-2025 | 13:44


إبادة غزة

محمود غانم

بعد أكثر من 15 شهرًا، مارس خلالها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، حرب إبادة جماعية مكتملة الأركان حوت أبشع مشاهد العصر الحديث، يترقب العالم بأكمله في الساعات القادمة إعلان التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بين الفصائل الفلسطينية من جهة، وتل أبيب من جهة أخرى، منهيًا بذلك هذا العدوان الغاشم الذي تزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي، وحال مرارًا دون توقفه.

 15 شهرًا من الإبادة

ولأكثر من 15 شهرًا، أمعنت إسرائيل بدعم أمريكي في إبادة الشعب الفلسطيني عمومًا، وأهالي قطاع غزة حيث تُشن حرب إبادة جماعية خصوصًا، موقعة عشرات الآلاف بين شهيد وجريح، جلهم من النساء والأطفال.

ففي غزة أسفرت الجرائم الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر 2023 عن سقوط أكثر من 156 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتفصيلًا، أسفر هذا العدوان الغاشم عن سقوط 46.645 شهيدًا، و110.012 مصابًا، جلهم من النساء والأطفال، بحسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، التي تؤكد على أنه ما زال هناك عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لاتستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وشملت المجازر الإسرائيلية أعضاء المجموعة، ومن ذلك قتل المدنيين داخل المنازل السكنية وداخل مراكز الإيواء وداخل الخيام وفي المناطق الإنسانية، إلى جانب قتل المدنيين دهسًا بالآليات العسكرية والدبابات وبالإعدامات الميدانية والقتل بطائرات كوادكابتر، والقتل في التجمعات والأسواق.

وإلى جانب ذلك، قتل المدنيين "المجوعين" حول شاحنات المساعدات الإنسانية، وقتل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وكذلك قتل المدنيين بالتجويع، وقتل العاملين في العمل الإنساني والإغاثي والكفاءات والنخب الفلسطينية، بحسب توثيق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

وبالتوازي مع ذلك، عملت إسرائيل بشكل ممنهج على تدمير المنظمومة الصحية عبر تدمير وإحراق المستشفيات والمراكز الطبية وإخراجها جميعًا عن الخدمة، فضلًا عن إعدام أكثر من 1000 طبيب وممرض وكادرًا صحيًا، بجانب منع إدخال المستلزمات الطبية والأدوية والعلاجات والوقود.

 

مجزرة مستشفى المعمداني

في الـ17 من أكتوبر 2023، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي أبشع مشاهد العصر الحديث بقصف مستشفى المعمداني، ما أسفر عن سقوط 500 شهيد جلهم من النساء والأطفال.

وأثارت تلك المجزرة موجة غضب واسعة على المستويين الإقليمي والدولي، لكن الاحتلال اعتبرها كمقدمة لسلسة مجازر أخرى لاتزال متواصلة حتى الآن.

وآنذاك، أكدت الرئاسة الفلسطينية، أن قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى المعمداني في مدينة غزة، يعد جريمة إبادة جماعية وكارثة إنسانية تتحمل إسرائيل كامل المسؤولية عنها والمحاسبة عليها أمام المحاكم الدولية.

وبدورها، اعتبرت مصر هذا القصف المتعمد لمنشآت وأهداف مدنية، انتهاكًا خطيرًا لأحكام القانون الدولي والإنساني، ولأبسط قيم الإنسانية.

 

مجزرة مستشفى كمال عدوان

لاتوجد حصيلة رسمية عن تلك المجزرة، التي ارتكبت في النصف الثاني من ديسمبر الماضي، لكن الشاهد أن قوات الاحتلال ارتكبت فيها ما لايرتكب وفعلت ما لايفعل، لقد وصل بها الحال إلى قبر الجرحى أحياء بمستشفى كمال عدوان، حيث حفرت قوات الاحتلال حفرة كبيرة وألقت فيها جثث الشهداء باستخدام جرافاتها.

وآنذاك، كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن تلقى شهادات وشكاوى من فرق طبية وإعلامية تؤكد أن الجرافات الإسرائيلية دفنت فلسطينيين أحياء في ساحة المستشفى قبل انسحابها منه.

وأضاف أنه كان بالإمكان مشاهدة أحد الجثث على الأقل وسط أكوام الرمال، وسط تأكيد مواطنين أنه كان مصابًا قبل دفنه وقتله.

 

مجزرة الطحين

في الـ29 من فبراير 2024، ارتكبت قوات الاحتلال واحدة من أبشع مجازرها ضد مدنيين ينتظرون المساعدات عند دوار النابلسي شمالي قطاع غزة مما أسفر عن استشهاد ما يزيد عن 100 فلسطيني، وإصابة مايزيد عن 800 آخرين، وذلك على الأقل تقدير.

وتعليقًا على ذلك، قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة، إن الاحتلال ارتكب هذه المجزرة المروعة مع سبق إصرار في إطار الإبادة الجماعية لأهالي القطاع، حيث كان يعلم بوصول الضحايا إلى المنطقة للحصول على مساعدات، لكنه قتلهم بدم بارد.

 

مقبرة مجمع ناصر الطبي

في الـ21 من أبريل الماضي، عُثر على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث بمجمع ناصر الطبي، ولاحقًا، كشف الدفاع المدني بغزة عن انتشال جثمان 400 شهيد من تلك المقبرة.

وفي ذلك الحين، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن المقابر الجماعية المكتشفة في المستشفيات، خاصة في مجمع الشفاء الطبي في غزة ومجمع ناصر الطبي في خان يونس، تثير شبهات بأن الجيش الإسرائيلي نفذ إعدامات خارج نطاق القانون بحق أشخاص معتقلين ومحتجزين ثم أقدم على دفنهم، حيث عثر على أشخاص مقيدين وأشخاص يبدو أنهم كانوا يتلقون علاجات.

ومن جهتها، طالبت حركة حماس "الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية ذات العلاقة، بضرورة إرسال فرق متخصصة في الطب الشرعي ومعدات لازمة للبحث عن المفقودين والتعرف على الجثامين".

 

مجزرة النصيرات

في الثامن من يونيو الماضي، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي أحد أبشع مجازره في غزة، بغية تحرير أربعة محتجزين إسرائيليين، حيث شن هجومًا وحشيًا غير مسبوق على مخيم النصيرات، ومناطق عدة في المحافظة الوسطى، ما أسفر عن مقتل نحو 270 فلسطينيًا، فضلًا عن سقوط نحو 400 مصاب على أقل تقدير. واللافت أنه على إثر تلك العملية قتل ثلاثة من المحتجزين بالقطاع.

وآنذاك، أفادت وزارة الصحة بغزة، بأن أعدادًا كبيرة من القتلى والمصابين تصل إلى مستشفى شهداء الأقصى، غالبيتهم من الأطفال والنساء، نتيجة القصف الإسرائيلي المتواصل على عدة مناطق في المحافظة الوسطى بالقطاع.

 

مجزرة المواصي

في الـ13 من يوليو الماضي، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة "المواصي" في سبيل إفشال مسار المفاوضات القائم مع حماس.

حيث قصف جيش الاحتلال خيام النازحين بمنطقة المواصي في خان يونس جنوبي قطاع غزة، رغم تصنيفها على أنها ضمن "المناطق الآمنة".

وأكد الدفاع المدني بغزة، آنذاك، أنه بعد انتهاء عملية البحث في المنطقة انتشلت طواقمه 400 شخص بين شهيد ومصاب، موضحًا أن القصف الإسرائيلي دمر 1200 خيمة ومقر لتوزيع مساعدات خيرية ومحطة تحلية مياه.

 

مجزرة الفجر

في الـ10 من أغسطس الماضي، أسفر قصف إسرائيلي بحق المصلين أثناء تأديتهم صلاة الفجر داخل مدرسة التابعين بمدينة غزة، عن استشهاد 100 فلسطيني، فضلًا عن عشرات المصابين.

وعلى وقع ذلك، قال مكتب الإعلام الحكومي بغزة، إن جيش الاحتلال قصف النازحين بشكل مباشر أثناء تأديتهم صلاة الفجر، مما رفع أعداد الشهداء بشكل متسارع، مشيرًا إلى أنه من هول المذبحة وعدد الشهداء الكبير، لم تتمكن الطواقم الطبية والدفاع المدني وفرق الإغاثة والطوارئ من انتشال جثامين جميع الشهداء حتى صدور البيان.

وقصف الاحتلال الإسرائيلي المدرسة، التي تؤوي نازحين بـ3 صواريخ يزن كل واحد منها ألفي رطل من المتفجرات، بحسب المكتب، الذي شدد على أنه كان يعلم بوجود النازحين داخل المدرسة.

وأكد على أن رواية الجيش الإسرائيلي لما حدث مليئة بالأكاذيب والمعلومات المزيفة، مشيرًا إلى أنه يسعى من خلال بياناته الزائفة تبرير جرائمه في حق شعبنا.

فيما قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن "مدرسة التابعين" في غزة التي تعرضت لقصف إسرائيلي كبير خلف أكثر من 100 شهيد لا تضم أي تجمعات مسلحة أو مظاهر عسكرية.

وأظهرت جميع الأدلة والشهادات أن المدرسة خالية من أي تجمعات أو مراكز عسكرية، وكانت تؤوي المئات من الأطفال، إذ لم يكن ممكنًا أن تُعرض العائلات أطفالها للخطر لو كان الموقع يستخدم لأغراض عسكرية، طبقًا للمرصد.

وتعليقًا على ذلك، أكدت السلطة الفلسطينية أن تلك الجريمة نتيجة لفشل المجتمع الدولي ومؤسساته، بما فيها مجلس الأمن، في تحمل مسؤولياته لوقف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، إضافة إلى فشله المتواصل في توفير الحماية الدولية لشعبنا.

 

إبادة شمال غزة مستمرة حتى الآن

في الخامس من أكتوبر 2024، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته التصعيدية بمحافظة شمال غزة، تحت ذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة".

وقد أسفر هذا العدوان عن مقتل وفقدان 5 آلاف فلسطيني وإصابة 9.500 آخرين، و2600 معتقل، بحسب معطيات مكتب الإعلام الحكومي بغزة الصادر الأحد الماضي.

وكشف أن الدمار الذي طال المنازل والمستشفيات والمرافق العامة والبنية التحتية "يفضح جليًا نية الاحتلال الإسرائيلي في القضاء على مقومات الحياة في قطاع غزة بشكل متعمد وممنهج، متسببًا في أزمة إنسانية عميقة تُفاقم من معاناة شعبنا الفلسطيني".

الجوع والحصار

وجعلت تلك الحرب المستمرة منذ أكثر من 15 شهرًا 96 بالمائة من أهالي القطاع، يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، جراء الحصار الخناق المفروض عليهم منذ 18 عامًا، والذي أصبح على نحو غير مسبوق مع بدء حرب الإبادة في أكتوبر 2023.

كما أن الحرب الإسرائيلية تركت 2.3 مليون شخص في العراء يواجهون خطر الموت بردًا في ظل الشتاء القارس، إضافة إلى أن المناطق التي نزحوا إليها تفتقر إلى البنية التحتية، ولا تتوفر فيها مياه أو مرافق خدماتية، نظرًا لكونها مناطق غير مأهولة، ما يجعلها بيئة خصبة لانتشار الأمراض والأوبئة.

ومرارًا، طالب جيش الاحتلال الإسرائيلي الأهالي بالنزوح إلى مناطق يزعم أنها آمنة ثم يستهدفهم بالطيران الحربي، وهو ما أثار استنكارًا واسعًا للشعب الفلسطيني.

وبحسب بيانات الأمم المتحدة إلى اضطر 9 من كل 10 أشخاص يقيمون في غزة إلى النزوح، بسبب الهجمات الإسرائيلية.

ويتزايد الوضع سوءًا جراء تكدس نحو 1.7 مليون نازح فلسطيني في حيز ضيق لا يتجاوز عُشر مساحة قطاع غزة، في واقع عمدت إسرائيل إلى خلقه بنفسها، فعلى مدى الحرب عمدت إسرائيل إلى تقليص المساحة الإنسانية حتى جعلتها في أغسطس 2024، 36 كلم مربعا، بما نسبته 9.5% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضي زراعية ومقابر وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.

وفي إطار الحرب، واجهت إسرائيل اتهامات بالتنسيق الكامل مع العصابات الخارجة عن القانون والأخلاق، التي تقوم بسرقة المساعدات بإيعاز مباشر منها لضمان عدم إيصالها إلى مستحقيها، وعدم إيصالها إلى أبناء الشعب الفلسطيني.

وكان ذلك يتم عبر تسهيل الأوضاع للعصابات المسلحة الخارجة عن القانون، لسرقة شاحنات المساعدات والبضائع وفرض إتاوات دون تدخل منه، وفي الوقت ذاته، يمنع جيش الاحتلال عناصر الشرطة الفلسطينية وشركات الحراسة الخاصة من تأمين شاحنات المساعدات، وسط تهديدات باستهدافها، بحسب السلطات في القطاع.

وفي نوفمبر 2024، اتهمت 29 منظمة غير حكومية جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه يشجع على نهب المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، عن طريق مهاجمته قوات الشرطة الفلسطينية التي تحاول تأمين المساعدات.

 

تقويض النظام في غزة

وعملت إسرائيل على تقويض النظام العام وتفكيك منظومتي الأمن والعدالة في قطاع غزة على نحو منهجي، بشكل يضمن إهلاك الفلسطينيين بعضهم بعضًا دون تدخل عسكري مباشر منها، كما يقول المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

وجرى ذلك عبر استهداف أفراد الشرطة المدنية والأمن وأفراد تنسيق دخول المساعدات الإنساني، خلال عملهم في تأمين دخولها أو خلال تواجدهم في منازلهم وأماكن إيوائهم، لإشاعة حالة من الفوضى والانفلات الأمني، كجزء من حرب الإبادة الجماعية وخلق ظروف كارثية تؤدي إلى إهلاك الفلسطينيين في القطاع بصفتهم هذه، وفقًا للمصدر ذاته.

قانون «الغاب»

ومنذ بدء عدوانها على غزة، لم تكترث إسرائيل بالقرارات الدولية، التي صدرت لصالح الجانب الفلسطيني، وذلك بداية من قرارات محكمة العدل الدولية، التي صدرت في يناير من العام الجاري، حين طالبتها باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية.

لكن إسرائيل في المقابل أمعنت في إبادة أهالي القطاع، فحين صدر قرار العدل الدولية في الـ26 من يناير 2024، كان تعداد الشهداء نحو 26 ألف شهيد، أما الحين فقد سقط أكثر من 46 ألف شهيد.

الأمر ذاته حدث عندما طالبت المحكمة إسرائيل في مايو الماضي، بوقف عملياتها العسكرية برفح، وأن تحافظ على فتح معبر رفح، لتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

غلق معبر رفح من الجانب الفلسطيني

واقتحم الاحتلال مدينة رفح الفلسطينية، وحولها إلى كومة من الأنقاض، وأغلقت الجانب الفلسطيني من معبر رفح، منذ السابع من مايو الماضي، ما حال دون إدخال المساعدات إلى قطاع غزة بشكل منتظم، إن لم يكن بشكل كلي.

وكذا لم تحترم قرار مجلس الأمن الصادر في الـ25 من مارس 2024، الذي طالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف، بما يؤدي إلى "وقف دائم ومستدام لإطلاق النار"، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن. 

ومع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة، بوتيرتها الدامية، رغم كافة قرارات الشرعية الدولية، أصدر المحكمة الجنائية الدولية في الـ21 من نوفمبر الماضي، مذكرتي اعتقال دوليتين بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع المُقال يوآف جالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.

حظر عمل الأنروا 

ودخلت إسرائيل في عداء صريح مع "الأونروا"، حيث قررت في الـ28 من أكتوبر الماضي، إلغاء اتفاقية عام 1967 التي سمحت للوكالة الأممية بالعمل في "تل أبيب"، وهذا يعني توقف أنشطة الوكالة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وحظر أي اتصال بين المسؤولين الإسرائيليين وموظفيها.