في النصوص الجنائية .. لا يزال التمييز ضد المرأة مستمراً!
تحقيق : مروة لطفي
ما أن تقدمت النائبة مارجريت عازر للبرلمان بمشروع تعديل النصوص الجنائيةالتي تشكل تمييزاً صارخاً ضد المرأة حتى تعالت الأصوات بين مؤيد ومعارض لمشروعها.. فماذا عن أبرز المواد القانونية المراد تعديلها؟! وهل حقاً تتنافى تلك المواد مع الدستور والشريعة الإسلامية على حد قول النائبة؟! حول هذه التساؤلات وغيرها كان لـ"حواء" هذا التحقيق..
- في البداية التقيت مع النائبة مارجريت عازر مقدمة مشروع التعديل القانوني الجديد لأسألها عن ما يتضمنه من نصوص والأسباب التي دفعتها للمطالبة بتعديله فقالت: هناك تباين بين ما نص عليه الدستور والأديان السماوية وماتتضمنه المواد التي أطالب بتعديلها في القانون الجنائي.. فرغم أن الدستور والشريعة الإسلامية ساويا بين المرأة والرجل إلا أن عقوبة الزنا التي نصت عليها المواد 273 ، 277 ، 263 فيها تمييز ضد المرأة.. فلا يوجد عقوبة على الرجل في جريمة الزنا إلا إذا وقعت في بيت الزوجية، بينما تعاقب الزوجة على نفس الجريمة سواء وقعت الجريمة في بيت الزوجية أو خارجه.. وأود أن أنوه في هذا السياق أنني لا أطالب تخفيف العقوبة على المرأة بل بتغليظها على المرأة والرجل على حد سواء، باعتبار أن الشريعة الإسلامية تعاقب الرجل والمرأة بالجلد مائة جلدة.. كما أن الدستور يكفل المساواة التامة بين الرجل و المرأة.. كذلك أطالب المشرع بالمساواة بين الرجل والمرأة حال قتل أحدهما للآخر متلبساً بالزنا.. فالقانون الحالي يعتبر الرجل مدافعاً عن شرفه إذا قتل زوجته ويأخذ حكماً مخففاً بينما يحكم على المرأة بالإعدام لو انعكس الأمر.. وقد يبرر البعض أن الرجل من حقه الزواج بأكثر من واحدة واحتمال أن يكون متزوجاً من أخرى وهو مبرر يتنافى مع القانون الذي نص على ضرورة أن يخبر الرجل زوجته إذا تزوج من أخرى.. وأرى أنه لو تحايل الزوج على القانون ولم يخبرها يصبح من حقها أن تدافع هي الأخرى عن الشرف حال رؤيته متلبساً بالزنا..
- وتؤكد عازر أن التمييز ضد المرأة ليس قاصراً على جرائم الزنا في العلاقة الزوجية فحسب، بل أيضاً في قضايا الدعارة حيث تعاقب المرأة التي تمارس الرزيلة ويعتبر الرجل مجرد شاهد.. والأجدى معاقبة كلا الطرفين حتى لا تشيع الفاحشة بالمجتمع، لذا أرى ضرورة تعديل النصوص المعاقبة على هذه الجريمة.
وجدير بالذكر أن المجتمع الذكوري الذي نعيشه وراء هذا التمييز ومن ثم تحتاج المسألة لتصحيح نظرة المجتمع للمرأة إلى جانب تعديل النصوص الجنائية.. فالقانون وحده لا يكفي لإصلاح المجتمع..
مخالفة الدستور
- وبعد أن تعرفنا على رأي صاحبة اقتراح التعديل القانوني الجديد أصبح من الضروري معرفة موقف أساتذة القانون الجنائي،والمجتمع المدني، ورجال الدين في هذا المشروع.
- تقول د. فوزية عبد الستار أستاذة القانون الجنائي بجامعة القاهرة: لاشك من وجود تمييز بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بالمواد الخاصة بالزنا، حيث تتعارض تلك النصوص مع مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور المصري وفيه"المواطنون سواء لا ميزة بينهم في الحقوق والواجبات بسبب العقيدة أو الدين أو الجنس، إلى آخره".. وكلمة الجنس تعني المرأة والرجل.. بينما نجد أن النصوص المقررة في قانون العقوبات فيها تمييز بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بجريمة الزنا.. وذلك في عدة أوجه، فتنص المادة 274 على أن المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين.. بينما المادة 277 تنص أن الزوج إذا زنا في منزل الزوجية وثبت ذلك يجازى بالحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر.. الأمر الذي يعد تمييزاً ضد المرأة سواء في العقوبة المقررة الأشد أو في ارتكابها حيث تقع الجريمة على المرأة في أي مكان.. أما الزوج فلا يعتبر مرتكباً للجريمة إلا لو وقعت في بيت الزوجية.. كذلك يجوز للزوج أن يوقف تنفيذ الحكم بالعقوبة على زوجته الزانية إذا رضى معاشرتها بينما هذا لا يجوز للمرأة إّذارضت بإعادة العشرة ولا تنقذ من العقوبة!
أما التمييز الأخير في هذا القانون فهو ما جاء في المادة 273 حيث تنص على أنه من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال ومن يزني بها يعاقب بالحبس بدلاً من عقوبة القتل العمد أما الزوجة فلا يوجد نص كهذا!..
لذا أطالب بإزالة هذه الفروق بين المرأة والرجل في العقوبة، كذلك يجب أن تقع جريمة الزنا سواء كان الطرفان أو أحدهما متزوجاً أو لا حتى لا تشيع الفحشاء في المجتمع.
دراسة القوانين
- وتؤكد د. هدى بدران رئيسة الاتحاد العام لنساء مصر أن عقوبة الزنا أصبحت بحاجة ملحة للتعديل لما تنم من انعدام المساواة بين المرأة والرجل وهو ما رصده الاتحاد والجمعيات النسائية المختلفة من خلال دراسة أجراها الاتحاد لرصد كافة إشكالالتمييز ضد المرأة في القوانين فرصدت نتائج الدراسة مواد عقوبة الزنا، كذلك قضايا الدعارة التي يفلت فيها الرجل من العقاب ما دعانا لعمل مذكرة مفصلة بكل هذه الثغرات القانونية وتقديمها للمجلس القومي للمرأة حتى نوحد الجهود ونقدمها للبرلمان.. لذلك أضم صوتي لصوت النائبة التي تقدمت بهذا التعديل القانوني.
موقف الشرع
- وعن موقف الشرع من التعديل القانوني المقدم للبرلمان يقول فضيلة الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية: الله سبحانه وتعالى لم يفرق بين الرجل والمرأة ويطبق حد الزنا على كلاهما.. فالعقوبة واحدة كما جاء في سورة النور"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مائة جلدةٍ".. ومن ثم فلا تمييز أو تفرقة في الشرع وينبغي أن تكون العقوبة واحدة لكلا الطرفين حتى لا يفجر الرجال في المجتمع وتعم الفاحشة.
خلط الأنساب
- ورغم أن النائبة د.آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية تؤكد أن الزنا من الجرائم المحرمة على المرأة والرجل وفقاً للشرع وأنهما متساويان في الجريمة والعقوبة إلا أن التشديد للمرأة قد يكون راجعاً لتقديم المرأة عن الرجل في الآية"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مائة جلدةٍ".. فأرى أن تقديم المرأة على الرجل في هذه الجريمة قد يكون لحكمة فكان التشدد لما قد يترتب على زنا المرأة من خلط الأنساب.. من هذا المنطلق لا أجد ضرورة لتعديل عقوبة الزنا في القانون الحالي.
- هذا عن الآراء المؤيدة والمعارضة لمشروع تعديل النصوص الجنائية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة، فماذا عن موقف أعضاء البرلمان من تلك المواد؟! الإجابة ستكشف عنها مناقشات البرلمان في الفترة القادمة.