غزة.. استمرار المجازر رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار
في تمام الساعة الثامنة والنصف بتوقيت قطاع غزة من صباح -اليوم الأحد- الموافق الـ19 من يناير 2025، دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين طرفي النزاع في القطاع، موقفًا حرب الإبادة الإسرائيلية التي استمرت 470 يومًا، مخلفة أكثر من 157 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ المشاهد التي سجلها تاريخنا المعاصر، وذلك بحسب ما ينص عليه الاتفاق.
اتفاق وقف إطلاق النار
تسري المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة حماس وإسرائيل، بداية من اليوم الأحد، تحت إشراف مصري قطري أمريكي، وهم "الوسطاء"، وذلك عبر آليات لمتابعة تنفيذ الاتفاق وأي خروق قد تحدث.
وتزامنًا مع سريان الاتفاق، تبدأ المساعدات الإنسانية بالتدفق إلى غزة عبر الجانب المصري من معبر رفح بمعدل 600 شاحنة يوميًا لتلبية احتياجات السكان المتضررين، والتي تشمل موادًا غذائية ومعدات لوجستية وإغاثية.
كما بدأ النازحون في العودة إلى منازلهم، التي أخرج منها جراء القصف الإسرائيلي، الذي تعمد استهداف المنازل المدنية والأحياء السكنية، بغية إيقاع أكبر قدر من القتلى والجرحى.
وفي غضون ذلك، وضعت حكومة غزة خطة تهدف إلى ضمان عودة الحياة الطبيعية تدريجيًا في القطاع، وتتضمن إجراءات ميدانية عاجلة، أبرزها تأمين المناطق المتضررة وتقديم المساعدات الإنسانية للسكان.
وبحسب بيان صادر عن مكتب "الإعلام الحكومي" بغزة، فإن فرقًا حكومية متخصصة من الوزارات والمؤسسات ستباشر تنفيذ الخطة ميدانيًا لضمان سلامة المواطنين وتوفير الاحتياجات الأساسية.
وأشار إلى أن الشرطة الفلسطينية ستعمل على حفظ الأمن والنظام، بينما ستتولى البلديات مهام تنظيف المناطق المتضررة، وإعادة فتح الشوارع، وترميم البنية التحتية، بما يشمل تمديدات المياه والكهرباء.
وأكدت "حكومة غزة" على جاهزية مؤسساتها لتنفيذ هذه الإجراءات، حيث ستتابع فرق ميدانية متخصصة من مختلف الوزارات تطبيق الخطة لضمان عودة الحياة إلى طبيعتها في أسرع وقت ممكن.
من جانبه، ذكر حيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت، أنه يبقى منتشرًا في مناطق محددة في قطاع غزة، محذرًا من الاقتراب من قواته في تلك المناطق حتى إشعار آخر.
استمرار المجازر
وحتى الآن لم تبدي إسرائيل من جانبه التزامًا باتفاق وقف إطلاق النار، حيث سقط 10 شهداء إثر قصف للاحتلال على القطاع منذ بدء التوقيت المعلن لوقف إطلاق النار.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد -صباح اليوم الأحد- أن وقف إطلاق النار لن يبدأ إلا بعد استلام قائمة الأسيرات الثلاث المفترض الإفراج عنهن.
وفي المقابل، أكدت حركة حماس، صباح الأحد، التزامها ببنود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، عازية تأخر تسليم أسماء الأسرى الإسرائيليين الذين سيتم إطلاق سراحهم في الدفعة الأولى "لأسباب فنية ميدانية".
اتفاق وقف إطلاق النار
وتشمل المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان، وإعادة فتح معبر رفح للمساعدات من اليوم الأول ولخروج المرضى في اليوم السابع، كما تشمل الإفراج تدريجيا عن 33 إسرائيليا محتجزا بغزة سواء الأحياء أو جثامين الأموات مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين، تقول مصر إنهم 1890 أسيرًا.
أما المرحلة الثانية من الاتفاق، فتتعلق بعودة الهدوء المستدام التام، وتبادل أعداد أخرى من الأسرى والمحتجزين، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل إلى خارج غزة.
وبالنسبة للمرحلة الثالثة، فتركز على بدء خطة إعادة إعمار غزة على مدى ثلاث إلى خمس سنوات، وتبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين، وفتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.
فظائع غزة
أسفرت حرب الإبادة الإسرائيلية حتى اليوم الـ470 للعدوان على غزة عن استشهاد 46.899 فلسطينيًا، فضلًا عن إصابة 110.725 آخرين، بينما ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات عجزت طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم.
وشملت المجازر الإسرائيلية أعضاء المجموعة، ومن ذلك قتل المدنيين داخل المنازل السكنية وداخل مراكز الإيواء وداخل الخيام وفي المناطق الإنسانية، إلى جانب قتل المدنيين دهسًا بالآليات العسكرية والدبابات وبالإعدامات الميدانية والقتل بطائرات كوادكابتر، والقتل في التجمعات والأسواق.
وفضلًا عن ذلك قتل المدنيين "المجوعين" حول شاحنات المساعدات الإنسانية، وقتل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وكذلك قتل المدنيين بالتجويع، وقتل العاملين في العمل الإنساني والإغاثي والكفاءات والنخب الفلسطينية، بحسب توثيق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
وجراء تعمد استهداف المنازل المدنية والأحياء السكنية، أُرغم ما لا يقل عن 1.9 مليون شخص -أي حوالي 90% من سكان غزة- على النزوح في جميع أنحاء القطاع، وقد أُجبر عدد كبير منهم على النزوح مرات عدة، بعضهم 10 مرات أو أكثر، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وواجه هؤلاء خطر الموت بردًا في ظل الشتاء القارس، إضافة إلى أن المناطق التي نزحوا إليها تفتقر إلى البنية التحتية، ولا تتوفر فيها مياه أو مرافق خدماتية، نظرًا لكونها مناطق غير مأهولة، ما يجعلها بيئة خصبة لانتشار الأمراض والأوبئة.
ولن ينقذ اتفاق وقف إطلاق النار بعض هؤلاء من هذا الواقع المأساوي، حيث دمرت الحرب ما يقرب من 69 بالمائة من مباني القطاع.
كما جعلت الحرب المستمرة منذ أكثر من 15 شهرًا 96 بالمائة من أهالي القطاع، يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، جراء الحصار الخناق المفروض عليهم منذ 18 عامًا، والذي أصبح على نحو غير مسبوق مع بدء حرب الإبادة في أكتوبر 2023.