«الأقصى الحزين».. للشاعر أحمد محرم مدافعًا عن القضية الفلسطينية
الشاعر المصري الكبير أحمد محرم. واحد من أعلام الشعر المصري، وأحد شعراء مدرسة الإحياء والبعث التي أسسها أحمد شوقي وحسن محمود البارودي وحافظ إبراهيم، ونشهد اليوم ذكرى ميلاده.
وكان أحمد محرم في صفوف الأولى من شعراء زمنه الذين وقفوا مع القضية الفلسطينية بعد «وعد بلفور» 1926م، وقام من خلال اتجاهه الشعري بإحياء الوجدان والشعور في نفوس الأمة العربية تجاه القضية.
ويعد «محرم» هو أول من طرح مصطلح «النكبة الفلسطينية» في كتابته وشعره، وكتب قصيدة بعنوان «النكبة الفلسطينية»، رصد فيها الآلام وهموم الفلسطينيين، كما وصف المشهد بعلو ظلم الاستعمار ومعاناة الأراضي المقدسة، و جاء في القصيدة:
«فــي حمى الحق ومن حول الحرم أمـة تـُؤذى وشـعب يُهتضــم
فـــزع القدس وضجت مكة وبكــت يـثـرب من فرط الألم
ومــضى الظـلم خليًـا ناعمًـا يسحب البُردين من نار ودم
يأخذ الأرواحَ ما يَعصِمُها مَعقلُ الحقِّ إذا ما تَعتصِمْ
ويــــرى النــّاسَ إذا أعـجـبــه أن يَـبـيـدوا كـأقـاطــيعِ البَهــَمْ
بَــعَثتــه شَـهــوةٌ وحـشــيّةٌ تتلظَّــى مثـــلُ أجـوافِ الأُطُـــمْ
ما تُبالي إن مَضَتْ ويلاتُها ما أصابت من شُعوبٍ وأُمَمْ
أَهْونُ الأشياءِ في شِرعتِها أُمّةٌ تُمحى وشعبٌ يُلتَهمْ
هي من رُوحِ الدّهاقينَ الأُلى نشروا النُّورَ وطاحوا بالظُلَمْ
أنــقـــذوا العــالـــمَ مـــن أرزائـــه وأَذاقــــوه أفــاويــقَ النَّـعــمْ
وأزالـــوا مــا حَــوَتْ أرجـاؤُه لـــلأوالــي من قُــــبورٍ ورِمَـــمْ
فـــإذا الدنيــا جمالٌ يُجْتَنَى وإذا العيـــشُ سـلامٌ يُــغْـــتَنَمْ
زَيَّنــوهــا قصــةً نــاعقــةً زَيَّنــتْ للنّــاسِ مكــروهَ الصَّـمَــمْ»
وجاء في قصيدة أخرى له دفاها عن القضية بعنوان «فلسطين صبرًا أن للفوز موعدًا»، معبرًا عن غضبه من جرائم الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، وأمله في فوز الفلسطينيين وتحرير أراضيها، وبث روح النضال والأمل العزة في نفوس العرب، حيث قال فيها:
«فلســــطـينُ صـبرًا إنّ للفـوز مَـوْعِــدًا
فَــإِلَّا تـفــوزي اليـــومَ فــانتظــري غـــدًا
ضمَانٌ على الأقدارِ نصرُ مُجاهدٍ
يـــــرى المـوتَ أن يـحيـا ذليــلًا معَبَّدا
إذا السّيفُ لم يُسْعِفْهُ أَسْعَفَ نَفْسَهُ
بـِبــــأسٍ يــراه السّـــيفُ حــتمًــا مُــجرَّدا
يـــَلوذُ بِحــدَّيْهِ ويمضــي إلــى الوَغَــى
علـــى جــانبيــهِ مــن حيـــاةٍ ومن رَدَى
مَـــنَـعْـتِ ذِئـابَ السُّــوءِ عـن غِيــلِ حُرَّةٍ
سَمَتْ في الضّواري الغُلْبِ جِذمًا ومَحْتِدا
لـــهـــا مـــن ذويهـــا الصّالحين عزائمٌ
تَــفُـضُّ القُـــوى فضًّا ولو كُنَّ جلمدا
إذا صدمت صُمَّ الخُطوبِ تَطَايرتْ
لدى الصّدمةِ الأُولى شَعاعًا مُبدَّدا
لكِ اللهُ من مظلومةٍ تشتكِي الأَذَى»
وكتب أحمد محرم العديد من القصائد مساندة للقضية الفلسطينية، والبث روح النضال والأمل في نفوس العرب، والتنديد بالعدوان على أهل فلسطين، وألف ديوانًا بعنوان «الأقصى الحزين».
ورحل الشاعر أحمد محرم عن عالمنا في 13 يونيو عام 1945م، عن عمر يناهز الثمانية والستين عامًا بعد أن ترك إرثًا شعريًّا عظيمًا بقي خالد في تاريخ ومسيرة الشعر العربي القديم والحديث.