بقلم: د. عبد المنعم السيد
مصر تبذل جهودًا كبيرة فى إطار الحماية الاجتماعية لدعم السيدات وتمكينهن اقتصاديًا، خاصة من الأسر الفقيرة، بهدف تحويلهن من الاحتياج إلى الإنتاج، وقد أعدت الدولة الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة والحفاظ على حقوقها ووضعها فى المكانة التى تليق بقيمتها وقدراتها وتضحياتها على مدار التاريخ، التزامًا بالدستور المصرى الذى يعبر عن إرادة الشعب المصرى، والذى رسخ قيم العدالة والمساواة، وإعمالًا لما جاء به من مبادئ تكافؤ الفرص، وما كفله للمرأة مـن حقـوق، واتساقًا مع رؤية مصر 2030 واستراتيجياتها للتنمية المستدامة، التى تسعى لبناء مجتمع عادل يضمن الحقوق والفرص المتساوية لأبنائه وبناتـه، من أجل أعلى درجات الاندماج الاجتماعى لكافة الفئات، وإيمانًا من الدولة المصرية بأن الاستقرار والتقدم لن يتحقق إلا من خلال ضمان مشاركة فاعلة للمرأة فى كافة أوجه العمل الوطنى،
فقد شهد ملف تمكين المرأة المصرية طفرة غير مسبوقة محليًا ودوليًا خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث تم ترجمة الحقوق الدستورية للمرأة إلى قوانين واستراتيجيات وبرامج تنفيذية تقوم بها جهات حكومية وغير حكومية.
ومن بين أبرز المشروعات والمبادرات التى تهدف إلى تحقيق هذا الهدف، برنامج «تكافل وكرامة»، حيث تشكل النساء 76 فى المائة من إجمالى المستفيدين، بما يعادل 3.6 مليون سيدة، ويقدم البرنامج مساعدات نقدية مشروطة لتحسين مستوى المعيشة والتعليم والصحة للأسر المستفيدة.
وبرنامج «مستورة»، ويستفيد منه أكثر من 27 ألف سيدة، بإجمالى تمويل 560 مليون جنيه، ويهدف إلى تقديم قروض ميسرة للنساء لتمويل مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، مما يعزز التمكين الاقتصادى.
وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث إن نسبة المشروعات الموجهة للمرأة45 فى المائة من إجمالى المشروعات، وإجمالى التمويل 15.4 مليار جنيه، وعدد المشروعات 870.3 ألف مشروع حتى نهاية 2024، والخدمات المقدمة تتضمن تمويلا ميسرا، تدريبا، وخدمات تطوير الأعمال لدعم السيدات فى إنشاء وتطوير مشروعاتهن.
أما مبادرة «حياة كريمة» والتى تهدف إلى تطوير القرى الأكثر فقرًا، بما فى ذلك تمكين السيدات فى الريف، من خلال برامج تدريبية وتوفير فرص عمل، وتقدم تدريبات على الحرف اليدوية والصناعات الغذائية، وتعزيز دور المرأة فى التنمية المحلية.
وكذا برنامج الشمول المالى والادخار والإقراض الرقمى «تحويشة»، وتستفيد منه 1.8 مليون سيدة فى 14 محافظة حتى الآن، ويهدف إلى تعزيز الشمول المالى للنساء من خلال توفير خدمات الادخار والإقراض الرقمى.
وصندوق التنمية المحلية، وبلغت نسبة المشروعات الموجهة للمرأة فيه نحو 65 فى المائة من إجمالى المشروعات، وعدد المستفيدات 19.2 ألف سيدة حتى 4 مارس 2024، والهدف منه تقديم قروض ميسرة لدعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر للنساء فى المناطق الريفية.
وبرنامج ريادة الأعمال، الذى يهدف إلى تدريب 136 ألف سيدة على إدارة مشروعاتهن، ويشمل التخطيط، التسويق، المفاهيم الأساسية لريادة الأعمال، وإدارة الوقت والمسئوليات.
فضلًا عن مبادرات البنك المركزى المصرى للشمول المالى، وتشمل 21 مليون سيدة حتى 2024، وتقدم 1.4 مليون منتج خلال فعاليات الشمول المالى للمرأة منذ 2019 حتى 2024، كما امتد تمكين المرأة ليشتمل السياسات التشريعية والدعم المؤسسى من خلال، دعم المساواة فى سوق العمل، عبر إصدار تشريعات لضمان حق المرأة فى العمل، وتشجيع القطاع الخاص على توظيف النساء ومنحهن فرصًا متساوية.
وتمثيل المرأة فى المناصب القيادية، حيث ارتفعت نسبة تمثيل المرأة فى المناصب الحكومية إلى 28 فى المائة حتى عام 2024، وتشجيع مشاركة المرأة فى البرلمان والمجالس المحلية، ودعم التعليم والتدريب المهنى للمرأة، كما أن هناك مبادرات للتدريب والتأهيل من خلال المجلس القومى للمرأة وتضم برامج تدريبية للنساء فى مجالات التسويق، التخطيط، والحرف اليدوية، وتم تدريب 136 ألف سيدة على ريادة الأعمال، وتوفير ورش عمل لتعليم النساء المهارات الإنتاجية مثل الخياطة والتطريز والصناعات اليدوية.
وبرامج محو الأمية، وتنفذ حملات محو أمية المرأة فى المناطق الريفية، مما يعزز فرصها فى سوق العمل، ويعزز الحماية الاجتماعية للمرأة، فضلا عن الرعاية الصحية، عبر برامج توعية صحية للمرأة، مثل برنامج “2 كفاية” للحد من الزيادة السكانية، وتحسين الخدمات الصحية للأمهات الحوامل والأطفال.
وكذا دعم المرأة المعيلة، عبر تخصيص برامج لرعاية النساء الأرامل والمطلقات من خلال الدعم المالى والتمويل، وتمكين المرأة المعيلة من خلال مشروعات صغيرة تساعد فى تحسين دخلها.
ولاشك أن هذه البرامج التمويلية والاجتماعية والتشريعية تهدف إلى تعزيز الاعتماد على الذات للسيدات، وتقليل معدلات الفقر من خلال تحويل الأسر الفقيرة إلى أسر منتجة، وتحسين مستوى التعليم والصحة لدى الأجيال الجديدة، كما أن هذه الجهود تعكس التزام مصر بتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا، مما يساهم فى تحقيق التنمية المستدامة.
ولا شك أن الأثر الإيجابى للجهود الحكومية يتمثل فى زيادة المشاركة الاقتصادية: حيث ارتفعت نسبة مشاركة المرأة فى سوق العمل إلى 19.7 فى المائة عام 2023. وتقليل معدلات الفقر حيث تم تحسين الوضع الاقتصادى للعديد من الأسر الفقيرة. وتحقيق التنمية المستدامة: بدعم المرأة مما يُسهم فى تحسين جودة الحياة للأسر بشكل عام.
وتظهر جهود الحكومة المصرية بوضوح فى سياساتها ومبادراتها التى تستهدف تمكين المرأة وتحسين الأوضاع المعيشية للأسر الفقيرة، مما يعزز من دورها فى المجتمع ويقلل من الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الجنسين، إلا أن ملف مظلة الحماية الاجتماعية وتمكين المرأة والأسرة المعيلة مازال يحتاج للمزيد من جهود الدولة المصرية لتقليل معدلات الفقر وتحويل الأسر من العوز إلى أسر قادرة على كسب العيش فى ظل ارتفاع الأسعار ومواجهه التضخم، ولن يتحقق هذا إلا بمزيد من المبادرات والتوسع فى الأعمال الحالية لتشتمل مظلة الحماية الاجتماعية كافة النساء والفتيات والأسر الأكثر احتياجا.