رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


المعادلـــة الأمنيـــة

25-1-2025 | 15:34


صورة أرشيفية

بقلم:لواء. حسين عماد الدين عارف

لا أكون مبالغًا حين أقول أن الأمن يمثل عنصرا أساسيا من العناصر الضرورية، التى يحتاجها الإنسان من بداية مولده وحتى مماته شأنه شأن الماء والهواء والغذاء، ولا يستطيع أى إنسان على وجه البسيطة أن يحيا حياة مستقرة إلا بتوافر عنصر الأمن والأمان فى الوسط الذى يعيش فيه.

 

فالإنسان منذ نشأته سعى إلى العيش فى جماعات وقبائل بسيطة وأقام بيوتا يتحصن بها هو وأسرته وأوكل لفريق من جماعته مهمة الدفاع عن مجتمعه وتأمين نفسه وماله ومسكنه وعرضه وذويه.

ولعل خير دليل على مدى أهمية الأمن فى المجتمع أن نسترجع بذاكرتنا سويا الماضى القريب ومحاولات قوى الشر- مدفوعة بمعاونة بعض القوى الخارجية- من خلق حالة من الفوضى داخل البلاد، فكان أول ما قامت به هو استهداف أقسام ووحدات الشرطة وحرقها واقتحام السجون وتهريب المسجونين إلى خارج أسوار السجون لإشاعة الفوضى والرعب بين المواطنين داخل البلاد.

 

كذلك لو دققنا النظر فيما نراه يحدث حولنا فى بعض الدول المحيطة بنا من صراعات وحروب أهلية داخلية أدت إلى نزوح أعداد هائلة من مواطنى تلك الدول بحثا عن الأمن والأمان، وكانت وجهتهم الأساسية إلى مصر التى طالما كانت عبر التاريخ قبلة الدول العربية ومنارتها وحصن أمانها.

 

ولقد أدركت القيادة السياسية منذ الوهلة الأولى أن نجاح المنظومة الأمنية الداخلية فى مصر لن يتحقق فقط بسرعة إعادة بناء وتجهيز أقسام ووحدات الشرطة المنهوبة والمحترقة، بل أن الأهم من ذلك هو إعادة بناء جهاز الشرطة من الداخل ببناء، وتعزيز جسور من الثقة، فيما بين المواطن والشرطة وتنمية شعور الفرد بأن جهاز شرطته يعمل لصالحه وينشد أمنه وأمانه، وأن ذلك لن يتأتى إلا من خلال تحسين أداء الخدمة الأمنية والشرطية بصفة عامة، مما يحقق رضا وطموحات المواطن البسيط فيما يتلقاه من خدمات وتبسيط إجراءات حصوله عليها.

 

ومن المؤكد أن كل منصف يرى ما تحقق خلال السنوات العشر الماضية من تطور غير مسبوق ليس فقط فى المنشآت الشرطية وبيئتها الأساسية التى تليق بآدمية وكرامة المترددين عليها وتزويدها بأحدث الأجهزة الفنية المساعدة لتحقيق عملها على أكمل وجه.

 

بل ومن خلال رؤية ثاقبة للقيادة السياسية وتحت رعايتها استطاعت وزارة الداخلية تيسير إجراءات حصول المواطن على الخدمات الأمنية المختلفة من مختلف قطاعات جهاز الشرطة، سواء قطاع مصلحة الأحوال المدنية وقطاع مصلحة الجوازات والجنسية وإدارات المرور، إما من خلال تطبيقات إلكترونية مبسطة أو من خلال ما استحدثته الوزارة من منافذ حديثة منتشرة بجميع المحافظات، ومن خلال سيارات متنقلة يستطيع المواطن من خلالها أينما وجد أن يستخرج الترخيص أو الشهادة أو بطاقة الرقم القومى أو حتى جواز السفر دون الحاجة إلى أن يتوجه إلى موطنه الأصلى لاستخراج المستند المطلوب.

 

ولا يفوتنى أن أذكر الدور الاجتماعى الملموس الذى تقوم به وزارة الداخلية من خلال قطاع المشروعات والتنمية مشروع شركة أمان للمنتجات والسلع الغذائية بمنافذها ومعارضها المنتشرة بجميع محافظات الجمهورية لتخفيف الأعباء المعيشية اليومية من على كاهل المواطنين البسطاء وتقوم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية مباشرة بتوزيع المساعدات العينية على قاطنى المناطق الحضارية الجديدة المنتقلين إليها من العشوائيات، وكذا قاطنو الريف فى جميع المناسبات والأعياد وطوال شهر رمضان، وفى بداية العام الدراسى وهو ما يعرف إعلاميا باسم مبادرة كلنا واحد ومن خلال مأموريات برئاسة ضباط يتم التوزيع للتأكد من وصول المساعدات لمستحقيها.

 

هذا بخلاف ما تقدمه من سلع غذائية بمنافذها بأسعار رمزية لحماية المواطنين البسطاء من استغلال وجشع بعض المعارض التى تغالى فى أسعار السلع.

 

أنا لا أعنى بحديثى أن الأداء الأمنى قد بلغ منتهه من قمة الأداء والإبداع وأن المواطن قد أصبح راضيا بنسبة مائة فى المائة من الأداء الأمنى فى كل القطاعات، ولكن من الإنصاف والموضوعية أن نرى ما تحقق على أرض الواقع من تطور وإنجاز بشكل مرضٍ فى القطاعات السابق الإشارة إليها، وأن نرصد معا ما نود أن نراه يتحقق فى المستقبل القريب، وقد تساهم خبراتى التراكمية خلال سنوات الخدمة، والتى بلغت 40 عاما أمضيتها فى خدمة الوطن العزيز كلها كانت فى خدمة الأمن العام ومكافحة الجريمة وإنفاذ القانون قد تساهم فى أن نرى معا ما يمكن تحقيقه بشكل سريع وواقعى لما يستهدفه المواطن من خدمة أمنية متميزة تحقق له الرضا. فقد شهدت السنوات العشر الماضية نهضة كبرى فى مجال إنشاء وتحديث وتوسعة شبكات الطرق الرئيسية شملت جميع المحافظات للرفع من كفاءتها، وتيسيرًا على حركة المواطنين وانتقالتهم من وإلى أماكن عملهم، الأمر الذى استلزم بالتوازى معه تطوير الأداء.. بإدارات المرور بالمحافظات المختلفة بما يتلاءم مع الشكل الحضارى الراقى للطرق الحالية وزيادة الخدمات المرورية على الطرق بشكل أكثر تطورا وحداثه من خلال كاميرات مثبتة بشكل أكثر بهذه الطرق، لا تقتصر مهمتها فقد على تسجيل المخالفات المرورية من زيادة السرعة أو عدم توافر وسائل الأمان فى المركبات، وإنما يمكن الخدمات المرورية من متابعة حالة الطريق أولا بأول وسرعة الانتقال لأماكن الحوادث أو الإشغالات أو الدفع بوسائل سريعة لإزالة أى أعطال قد تعوق سيولة المرور.

 

وأتوجه إلى السيد وزير الداخلية وإلى الزملاء والأبناء فى هيئة الشرطة بالتهنئة بمناسبة عيد الشرطة.

 

وإذا سمح لى الزملاء والأبناء من القيادات الوسطى والصغرى من أبناء هذا الجهاز العريق أن أهمس لهم وأقول أنتم واجهة ومرآة هيئة الشرطة أمام المجتمع بكل طوائفه وطبقاته أنتم من تلتقون بالطريق العام وبوحداتكم وأقسامكم المواطن البسيط والفقير- والمواطن الغنى والمقتدر- الشخص محدود الثقافة والتعليم- ووجهاء المجتمع ونخبته- الظالم والمظلوم- القوى والضعيف.

 

كن كالسيف فى الحق بشوشا فى وجه الجميع مستمعا ومنصتا ومصغيا باهتمام لكل صغير وكبير، أحرص أن تكون سفيرا للجهاز الذى تنتمى إليه تمثله خير تمثيل بشرف وكرامة وابذل قصار جهدك فى العمل بجد وإخلاص واعلم أن شعبنا الطيب الأصيل بما لديه من تراكم حضارى وفطنة، قادر أن يميز بين الطيب والخبيث ويحترم ويقدر كل من يتفانى بإخلاص فى عمله ويسعى إلى تحقيق العدل وإعادة الحق لمستحقيه حتى لو لم يبلغه ولم يحقق له الهدف المنشود، ولكن يكفيه السعى والاجتهاد.

 

وليكن دائما هدفك فى عملك ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى وتأكد دائما أن ما عند الله لا يضيع أبدًا.

 

وإن أردتم خلاصة خبرتى وتجربتى فدعونى أوجزها فى الآتي:

 

المعادلة الأمنية الناجحة هى عطاء أمنى بإخلاص وجدية + ثقة متبادلة بين المواطن ورجل الشرطه = رضا وتعاون متبادل بين المواطن وجهاز الشرطة.