استطاعت الهيئة العامة لقصور الثقافة تحت إشراف الكاتب الكبير محمد عبد الحافظ ناصف فى الفترات الأخيرة أن تقدم أنشطة ثقافية كثيرة ومتنوعة، وتسعى بكل جدية لنشر الثقافة والفنون فى كل ربوع مصر من خلال برامج مبتكرة وأفكار ثقافية وفنية جديدة، تهتم بكل أبناء مصر فى كل مكان حتى المتواجدين فى القرى والنجوع والمحافظات الحدودية البعيدة لتحقيق التنمية الثقافية الشاملة، التى أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى حديثه الدائم عن أهمية الثقافة والفنون واكتشاف المبدعين وتنمية مهاراتهم وتوفير احتياجاتهم ونشرها فى كل الأقاليم المصرية بلا استثناء فى إطار تحقيق العدالة الثقافية التى تنتهجها الدولة.
أطلقت الهيئة العامة لقصور الثقافة مؤخرا تطبيقا إلكترونيا جديدا بعنوان «توت» متخذة من أيقونه فرعونية شعارا له خاصة أن الاسم يرمز إلى إله الحكمة والعلم والمعرفة عند المصريين القدماء، وهو يساهم فى نشر المعرفة والثقافة بطريقة مبتكرة تسهل وصول الأطفال والأسر إلى إصدارات الهيئة العامة لقصور الثقافة، وأيضا إصدارات المركز القومى لثقافة الطفل ومجلة قطر الندى، وتهدف الفكرة إلى تعزيز الإبداع وتنمية حب القراءة لدى النشء، ومن المقرر أن يتم تزويده بكتب من باقى قطاعات وهيئات الوزارة خلال المرحلة الثانية من الإطلاق إضافة إلى المسابقات التى يتيحها وخاصة مسابقة «مصر تقرأ» و«مصر ترسم» وكلها مسابقات تسعى لتنمية الحس الإبداعى عند الأطفال.
وفكرة الموقع فى ظل التطور التكنولوجى وارتفاع أسعار الورق والكتب - التى قلّ عدد مقتنيها بشكل كبير خلال السنوات الماضية - تقدم تجربة مجانية تفاعلية سهلة الاستخدام، بالإضافة إلى أنها تجمع بين التصميم الجذاب والمحتوى الهادف، بما يسهم فى جذب المزيد من القراء وتعزيز مكانة الثقافة فى حياتهم اليومية.
ورغم جمال الفكرة وأهميتها فى الوقت الحالى ومع تدهور مستوى القراءة والتفكير العقلانى الذى سيطرت عليه المعلومات المغلوطة فى وسائل التواصل الاجتماعى؛ إلا أن اقتصارها على كتب الهيئة أو بعض هيئات وزارة الثقافة لن تؤدى إلى نتيجة كبيرة مثلما فعلت مكتبة الأسرة عند صدورها، وهو ما يجعلنى أتمنى أن تعيد وزارة الثقافة مشروع مكتبة الأسرة مرة أخرى حتى لو إلكترونيا من خلال تطبيق إلكترونى مثل تطبيق «توت» أو حتى إطلاق مشروع قومى آخر للقراءة والثقافة.
هذا المشروع مهم جدا لأنه سيساهم فى إعادة الناس للقراءة والمعرفة مرة أخرى، فيجب أن نعيد التفكير جيدا فى إعادته ونشره؛ لأننا أصبحنا فى حاجة شديدة إلى مشروع قومى للقراءة فى ظل انتشار الجهل الثقافى والهجمات الشرسة التى يحدثها المخربون فى مواقع التواصل الاجتماعى والشائعات والمعلومات المغلوطة التى تروج من خلالها الجماعات الإرهابية لفكر هدام وزعزعة استقرار الدولة، وهذا لن يحدث طالما أن الثقافة موجودة بين أبناء الشعب. إذن نحن فى حاجة ماسة إلى مشروع قومى للقراءة على غرار مكتبة الأسرة حتى لو كان إلكترونيا يتيح لنا المعرفة والثقافة، ويفتح لنا آفاقا جديدة على الثقافات المختلفة حتى نستطيع أن نتثقف ونثقف أبناءنا لمواجهة خطر الجماعات المخربة التى تهدف إلى تدميرنا.