معرض الكتاب.. ندوة «دور مستقبل الثقافة في مصر» تناقش التحديات الراهنة وتأثيرها على الهوية
استضافت قاعة «المؤسسات» ندوة بعنوان «دور مستقبل الثقافة في مصر في ظل الأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط»، في إطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، بحضور عدد من الأكاديميين والمفكرين البارزين، منهم الدكتور رفعت جبر، أستاذ ورئيس قسم البيوتكنولوجيا في جامعة القاهرة، والدكتور أحمد بهاء خيري، رئيس الجامعة اليابانية السابق، والدكتور حامد عيد، أستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة، والدكتور بهاء حسب الله، أستاذ اللغة العربية.
لا يوجد تعليم دون ثقافة
في بداية الندوة، أكد الدكتور حامد عيد على أهمية العلاقة الوثيقة بين التعليم والثقافة، مشيرًا إلى أنه «لا يوجد تعليم دون ثقافة»، موضحًا أن مصر لها تاريخ طويل في التعليم، منذ العصور القديمة، وقد مر هذا النظام بالعديد من الإصلاحات.
وأضاف أن عملية التعليم يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من الأمن الاجتماعي، وأنه يجب على النظام التعليمي أن يجهز الطلاب بالمهارات اللازمة للنهوض بالوطن. وأكد على ضرورة أن لا يكون التعليم معزولًا عن المجتمع، بل هو حق أصيل لكل المواطنين.
وقال الدكتور أحمد بهاء خيري: «الثقافة في مصر ترتكز على بناء الشخصية المصرية، فمصر تمتلك رصيدًا ثقافيًا غنيًا ساهم في تشكيل هويتها»
وأضاف أن الحروب والمعارك التي خاضتها مصر عبر التاريخ، مثل معركة قادش وحطين وعين جالوت، كانت جزءًا من تشكيل الشخصية الثقافية المصرية، وأشار إلى أن اليابانيين اختاروا التعاون مع مصر لإنشاء الجامعة اليابانية بسبب إعجابهم بالشخصية المصرية العادية، مؤكدًا أن التاريخ المصري يمتلك إرثًا ثقافيًا يفرض نفسه على الدول الأخرى.
والدكتور بهاء حسب الله، فقد تحدث عن دور مصر في تشكيل الهوية الثقافية عبر العصور، مؤكدًا أن مصر كانت دائمًا تُعتبر أمة وليس مجرد دولة، وذلك منذ القرن التاسع الهجري.
وأوضح أن مصر كانت ملتقى حضارات متعددة، حيث تنصهر فيها الثقافات الرومانية والإسلامية وغيرها، مشيرًا إلى الدور المهم الذي لعبته مكتبة الإسكندرية في حفظ ونقل العلوم والمعارف.
وأكد على أهمية دور التعليم في ربط الثقافة بالمجتمع، محذرًا من تهميش المواد النظرية مثل الفلسفة في المناهج الدراسية.
وفي الختام، تحدث الدكتور رفعت جبر عن التحديات التي تواجه مستقبل الثقافة في مصر، مشيرًا إلى أن الهوية الثقافية المصرية محاصرة في ظل التقدم التكنولوجي والاعتماد المتزايد على الإنترنت.
وأضاف أن الشباب اليوم يميلون إلى البحث عن المعلومات عبر الشبكات الإلكترونية بدلاً من قراءة الكتب، مما يهدد قدرتهم على الحفاظ على هويتهم الثقافية.
و أشار إلى أن مصر تمتلك ثروات تاريخية هائلة، ولكن مع الأسف هناك قوى خارجية تسعى للحد من استفادة مصر من هذه الثروات من خلال تكنولوجيا متقدمة، وهو ما يعكس التحديات التي تواجه مصر في المستقبل.
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
ويقام معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه الهيئة العامة المصرية للكتاب، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، وأعلن لأول مرة عن ضيفي شرف المعرض في الدورتين 2026، و2027، وهما رومانيا وقطر كما أعلن إطلاق مبادرة المليون كتاب ضمن فعاليات المعرض هذا العام.
ويشهد المعرض استحداثات جديدة لأول مرة ومن بينها جناح مجاني لاتحاد الناشرين الذي تشارك فيه دور النشر الناشئة وذلك بهدف دعم صناعة النشر، بالإضافة إلى استحداث قاعة جديدة لتكون عدد قاعات معرض الكتاب فى دورته الجديدة 6 قاعات بدلًا من 5 قاعات، بالإضافة إلى أجنحه للكتب المخفضة.
ووقع الاختيار على اسم العالم والمفكر الدكتور أحمد مستجير، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب، والكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول، شخصية معرض كتاب الطفل، وجاء شعار المعرض هذا العام بعنوان «اقرأ.. في البدء كان الكلمة».
وتحل دولة سلطنة عمان ضيف شرف المعرض، وتشارك ببرنامج ثقافي متنوع يعكس التاريخ الثقافي والفكري للسلطنة، ويسلط الضوء على العديد من الجوانب التاريخية والتراثية والفكرية بها.
وتشهد الدورة الحالية نقلة نوعية تستحق التقدير، سواء من حيث التنظيم أو المُشاركة الدولية والمحلية، وتقام الدورة الحالية للمعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، بإجمالي مساحة تضم 6 صالات للعرض، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة من مختلف دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضًا هذا العام، يعرضون تنوعًا ثريًا من الإصدارات الأدبية والفكرية.
ويضم البرنامج الثقافي للمعرض ما يقرب من الـ600 فعالية متنوعة تشمل ندوات أدبية وحوارات فكرية وعروضًا فنية، بمشاركة نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم.
ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وفي عام 2006 اعتبر ثاني أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، زار المعرض في دورته السايقة الـ55 4,785,539 زائر.
انطلق المعرض لأول مرة في عام 1969م، حينما كانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفي، فقرر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الكاتبة والباحثة الراحلة سهير القلماوي بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب في مصر.
وأوضح أن ريادة مصر تعتمد في جوهرها على العلم والمعرفة وموقعها المتميز كمركز للثقافة والفكر. ومن هنا تأتي الدعوة لكل فئات الشعب المصري لتوجيه طاقاتهم نحو القراءة والتعمق في المعرفة، لتنوير العقول والاستفادة من ثمار الفكر الإنساني.