رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


نهر المساعدات المصرية يتدفق لقطاع غزة

1-2-2025 | 07:52


نهر المساعدات المصرية يتدفق لقطاع غزة

تقرير: وليد عبدالرحمن

يواصل نهر المساعدات المصرية التدفق على غزة لإنقاذ أهالى القطاع وإعادة الحياة للمكان الذى دمرته يد الاحتلال خلال أشهر من الدمار والخراب والقتل والجوع والألم بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة المستمرة منذ أكتوبر 2023.

 

فالمساعدات الإنسانية، هى التى تمنح الفلسطينيين القوة لاستكمال حياتهم فى غزة، وهى حائط صد ضد أى دعوات لـ«التهجير» خارج القطاع، وهى التى تُشير إلى دور مصرى كبير فى إغاثة أهالى غزة، ما يؤكد على جهود مصر المتواصلة طوال الأشهر الماضية، حتى يعود الهدوء إلى القطاع، وحتى تهدأ المنطقة التى اشتعلت بفعل التصرفات الإسرائيلية.

ومنذ سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل وحركة «حماس» يوم 19 يناير الجارى، ويتواصل عبور شاحنات المساعدات والوقود إلى القطاع عبر مصر، فمصر التى قدمت أكثر من 80 فى المائة من المساعدات لغزة خلال الأشهر الماضية، تتصدر الآن المشهد وترسم الفرحة على وجوه أهالى غزة خلال «الهدنة الثانية».

 

وأطلق الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، الأحد، أكبر قافلة مساعدات إنسانية شاملة للأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة من حى «الأسمرات» تحت شعار «نتشارك من أجل الإنسانية» المقدمة من صندوق (تحيا مصر).

 

«مدبولي» قال إن «مصر مستمرة فى دعم أشقائها فى الدول العربية، وعلى رأسهم الشعب الفلسطينى بقطاع غزة». كما أكد «أهمية التعاون بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى»، وأشار إلى أن «هذه الشراكة تعكس صورة التكافل الوطنى والإنسانى، وتُعزز دور مصر الإقليمى فى تقديم الدعم الإنسانى للدول الشقيقة». وأعرب «مدبولى» عن أمله فى أن تُسهم هذه الجهود فى إنهاء معاناة الشعب الفلسطينى قريبًا، وأن تبدأ مرحلة جديدة من الاستقرار وإعادة الإعمار فى القطاع.

 

وضمت القافلة 305 شاحنات تحمل أكثر من 4200 طن من المواد الغذائية، والمستلزمات المعيشية، والأدوية، وسيارات الإسعاف، بهدف تخفيف الأعباء عن أهالى غزة.

 

وبحسب السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، فإن دور مصر مهم للغاية، والفلسطينيين، تعتبرهم مصر أشقاء، وهناك اعتبارات عديدة للدعم المصرى المتواصل للفلسطينيين، منها، أن استقرار قطاع غزة، استقرار لأمن مصر، لأنها بوابتنا الشرقية. فمصر تقدم لفلسطين المساعدات ليتعافى أهالى القطاع من القتل والقهر والتدمير، فالإحساس العام فى مصر، سواء الشعبى أو الرسمى، هو تقديم المساعدات الإنسانية فى ظروف بالغة الصعوبة.

 

وأضاف «حسن» أن مصر تريد من تقديم المساعدات لأهالى غزة، توصيل رسالة لتشجيع الأطراف الدولية والعربية، أنها تساهم فى تقديم المساعدات للفلسطينيين، فقطاع غزة يحتاج إلى مساعدات كبيرة ولفترة طويلة، ويحتاج إلى إعادة ترميم للمدارس والمستشفيات والأبنية وحتى الأراضى الزراعية التى دمرها الاحتلال.

 

ويُقدر عدد الشاحنات التى دخلت من الجانب المصرى عبر معبر رفح إلى غزة منذ بدء الهدنة الثانية نحو 1700 شاحنة، من بينها 1608 شاحنات مساعدات إغاثية وإنسانية، و92 شاحنة وقود وغاز الطهى، بحسب مصدر مسؤول بميناء رفح البرى فى شمال سيناء، وقال يُضاف إلى الشاحنات السابقة، القافلة الكبيرة التى ضمت305 شاحنات، وهذه الشاحنات تم إدخالها إلى القطاع عن طريق معبرى العوجة البرى وكرم أبوسالم جنوب شرق قطاع غزة.

 

وينص «اتفاق الهدنة» على إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميًا إلى غزة بينها 50 شاحنة وقود، وتخصص 300 شاحنة منها لشمال القطاع.

 

تامر عبدالفتاح، المدير التنفيذى لصندوق «تحيا مصر»، قال إن «قافلة الأحد» تضمنت الأجهزة والمستلزمات الطبية والأدوية الأساسية، لإمداد المستشفيات الفلسطينية ولضمان استمرار تقديم الرعاية الطبية للسكان فى ظل هذا الوضع الإنسانى الحرج، بالإضافة إلى 3282 طنًا تقريبًا من المواد الغذائية الجافة مثل الأرز، والمكرونة، والشعرية، والسكر، والزيت، والشاى، والتمور والجبن، والمياه المعدنية والغازية، والألبان، والعصائر، وغيرها، من المواد التى تعتبر جزءًا أساسيًا من النظام الغذائى.

 

وأضاف أنه نظرًا للظروف الصعبة التى يمر بها النازحون بعد فقدان منازلهم وممتلكاتهم تحت وطأة الحرب، ظهرت الحاجة المُلحة للملابس الشتوية، حيث تضمنت القافلة كميات هائلة من الملابس تناسب جميع الأعمار؛ سواء الكبار أو الأطفال والألحفة، والبطاطين، والسجاد، كما شملت مجموعة متنوعة من الاحتياجات الأساسية، بدءًا من المنظفات والمطهرات وحقائب الإيواء التى تحتوى على المستلزمات الضرورية التى تلبى الاحتياجات اليومية، وصولًا إلى البطاطين والخيام المقاومة للظروف الجوية القاسية.

 

وفى الوقت نفسه، أشار «عبدالفتاح» إلى أن صندوق «تحيا مصر» قدم نموذجًا يُحتذى به فى حشد الجهود والتضامن بين أجهزة الدولة، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدنى، ورجال الأعمال، لجمع المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة؛ من أجل تخفيف معاناة أهالى قطاع غزة الذين يعيشون تحت وطأة الأوضاع الصعبة.

 

وأشاد «عبدالفتاح» بدور المتطوعين؛ باعتبارهم جنودًا مجهولين، يعملون ليلًا ونهارًا لإعادة ترتيب المساعدات فى طرود صغيرة وفق معايير دولية صارمة، وكل طرد يمر بفحص دقيق لضمان سلامة المحتويات، وصلاحيتها قبل التحميل فى مقرات لوجستية مخصصة، ومنها تنقل على الشاحنات لتصل بأسرع وقت إلى أشقائنا فى قطاع غزة فى ظل الظروف الصعبة التى يمرون بها.

 

وتتضمن المرحلة الأولى من اتفاق «هدنة غزة» تكثيف إدخال والتوزيع الآمن والفعال للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع فى جميع أنحاء قطاع غزة، وإعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز، وإدخال مستلزمات الدفاع المدنى والوقود، وإدخال مستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم بسبب الحرب.

 

السفير «حسن» قال إن مصر تقدم نموذجًا فى إدخال المساعدات لبقية الدول سواء العربية أو الغربية، كما أنها تعد أيضًا البوابة الرئيسية لدخول المساعدات سواء عبر معبر رفح أو معبر «كرم أبوسالم»، لافتًا إلى أن مشاهد دخول المساعدات إلى قطاع غزة تكشف مدى الحب الشعبى والرسمى فى مصر للأشقاء فى القطاع.

 

المشاهد المصرية لإدخال المساعدات خلال الفترة الماضية منذ «هدنة غزة الثانية» لم تكن هى الأولى التى برهنت على دعم الفلسطينيين، حيث سارعت مصر عندما تعثر إدخال المساعدات الإغاثية برًا إلى قطاع غزة عبر المعابر بسبب المعوقات الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية، إلى تكثيف أعمال الإسقاط الجوى لعشرات الأطنان من المساعدات على سكان القطاع، خصوصًا فى المناطق الشمالية.

 

ليتصاعد الدور المصرى فى تخفيف المعاناة عن أهالى القطاع، عبر تقديم الإغاثات برًا وجوًا وبحرًا، وهو ما أشادت به وفود دولية كثيرة زارت مصر أخيرًا، حيث أكدت على محورية الدور المصرى فى إغاثة الفلسطينيين وفى جهودها للتوصل إلى وقف إطلاق النار فى القطاع.

 

وينفذ اتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة «حماس» على ثلاث مراحل؛ بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية. ويتم خلال المرحلة الأولى من الاتفاق ومدتها 42 يومًا منذ بدء سريان الاتفاق؛ انسحاب وإعادة تموضع القوات الإسرائيلية خارج المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وتبادل رفات المتوفين، وعودة النازحين داخليًا إلى أماكن سكناهم فى قطاع غزة، وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقى العلاج.

 

وبحسب محمدالحمصانى، المتحدث باسم مجلس الوزراء، فإن الحكومة تدرك تمامًا حجم المعاناة التى يواجهها الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة. وأضاف أن الحكومة تعمل دون كلل لتخفيف هذه المعاناة من خلال جهود مشتركة بين جميع مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى وصندوق «تحيا مصر» إلى جانب تعاون مع بيت الطعام والزكاة والصدقات والجمعية الشرعية.

 

وأشار «الحمصانى» إلى أن مجلس الوزراء قد شارك فى إطلاق أكبر قافلة مساعدات إنسانية عبر صندوق «تحيا مصر»، وذلك تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى؛ استجابة للأوضاع الإنسانية فى غزة. وأوضح أن هذه القافلة التى ضمت 305 شاحنات تأتى كتعبير عن التضامن المصرى مع الأشقاء فى غزة.

 

وكانت حركة مرور المساعدات الإنسانية قد توقفت فى معبر رفح منذ مايو الماضى، بعد استيلاء القوات الإسرائيلية عليه من الجانب الفلسطينى، ورفض مصر التنسيق مع إسرائيل لعودة العمل بالمعبر. وفى نوفمبر الماضى استضافت مصر مؤتمرًا وزاريًا لحشد المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بمشاركة جميع وكالات الأمم المتحدة ومن بينها (الأونروا)، واستطاعت أن تضع الصورة كاملة أمام العالم بأن الفلسطينيين فى حاجة إلى المساعدات الفورية، وسلطت الضوء على الأوضاع المعيشية القاسية لأهل القطاع.

 

عودة إلى السفير رخا أحمد حسن، الذى قال إن مصر لها دور كبير أيضًا فى علاج واستقبال الجرحى الفلسطينيين، فعندما يسمح باستقبالهم عبر معبر رفح، سوف تكون مصر ملاذًا آمنًا لهم، وسيتلقون العلاج فى المستشفيات المصرية، كما تلقوه فى وقت سابق.

 

ويرى «حسن» أن رسالة أخرى تقدمها مصر من خلال تكثيف المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بأن يرتبط الفلسطينيون بأرضهم، لافتًا إلى أن الأخوة الفلسطينيين فى قطاع غزة، صمدوا بشكل بطولى طوال الأشهر الماضية فى مواجهة آلة القتل والتدمير الإسرائيلية، التى خلفت أجيالًا مشوهة، ولذا فهم صمدوا لأشهر طويلة، ولا ينتظر أن يتحركوا ويغادروا أراضيهم.

 

ووصلت حصيلة الشهداء فى قطاع غزة منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلى فى السابع من أكتوبر 2023 حتى مساء الأحد، 47 ألفًا و306 شهداء، أغلبيتهم من الأطفال والنساء. وارتفعت الإصابات إلى 111 ألفا و483 جريحًا، فى حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

 

عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية يرى أن أكبر دليل على تمسك الفلسطينيين بأرضهم، هو الرفض الفلسطينى لدعوة دونالد ترامب، ومن ورائه إسرائيل، لترك أهل غزة أرضهم، والترحيل إلى مصر والأردن، وهذا مرفوض فى فلسطين وفى مصر وبجميع الدول العربية. لذا فالمساعدات الإنسانية إلى أهالى غزة تأكيد على أنهم ليسوا وحدهم وأن مصر تقف بجوارهم وستظل واقفة لحين (حل الدولتين)، وحصول الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة.

 

واقترح توفير خيام إعاشة بصورة آمنة كمستشفيات ومدارس لأهل غزة، لحين ترميم المبانى التى دمرها الاحتلال، وهذا سوف يثبتهم أكثر فى بلدهم، لحين تأتى الفرصة لبناء المستشفيات والمدارس والمؤسسات التى دمرت فى الحرب، لأن أهل غزة لديهم قدرة على ترميم ما تم هدمه فى وقت قصير، فالآن مطلوب زيادة المساعدات من جميع الدول، وتوفير مخيمات إعاشة صالحة للمعيشة، إلى أن يتم إعادة الإعمار، وذلك لتفويت الفرصة على إسرائيل وأمريكا وصد أى حديث أن محاولات لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.