رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«الاتزان السياسي» براعة مصرية

2-2-2025 | 15:29


عمرو سهل,

في ظل قيادة حكيمة ورؤية استراتيجية واضحة يواصل الرئيس عبد الفتاح السيسي تعزيز الدور المصري المحوري في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية والتصدي للأطماع الإسرائيلية التي تهدد استقرار المنطقة فمن خلال إدارة دبلوماسية متزنة وتحرك عربي منسق استطاعت مصر أن تجمع الدول العربية على موقف موحد يرفض محاولات فرض الأمر الواقع في فلسطين ويؤكد على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وفق حل الدولتين وتعكس استضافة القاهرة لهذا الاجتماع الوزاري وما صدر عنه من قرارات حاسمة قدرة القيادة المصرية على توجيه الجهود العربية نحو موقف قوي وفاعل يحبط أي محاولات لتقسيم الأراضي الفلسطينية أو تقويض حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة.

وقد مثل البيان الصادر عن الاجتماع العربي الوزاري الذي دعت إليه القاهرة موقفا عربيا موحدا ضد الأطماع الإسرائيلية من خلال تأكيده على مجموعة من المبادئ التي تقوض أي محاولات إسرائيلية لتغيير الواقع الجيوسياسي في غزة والضفة الغربية وتم الإعلان وبوضوح عن رفض تقسيم غزة أو فصلها عن الضفة الغربية حيث تسعى إسرائيل منذ سنوات إلى تكريس واقع يجعل من قطاع غزة كيانا منفصلا عن الضفة الغربية ما يضعف المطالب الفلسطينية بإقامة دولة موحدة غير أن البيان شدد على وحدة الأراضي الفلسطينية وأكد ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من ممارسة دورها في غزة كجزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة وهذا الموقف يجهض أي محاولة إسرائيلية لتكريس الانقسام الداخلي واستغلاله لفرض حلول غير عادلة.

ومن أحد الأهداف الإسرائيلية غير المعلنة هو إبقاء وجود عسكري جزئي أو فرض مناطق عازلة داخل قطاع غزة بذريعة "الأمن" غير أن البيان أكد بشكل صريح ضرورة الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع وهو ما يحبط أي محاولة لإعادة احتلال أجزاء منه أو فرض ترتيبات أمنية تخدم إسرائيل على حساب الفلسطينيين ومن ناحية أخرى تسعى إسرائيل وحلفاؤها إلى تقويض دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" باعتبارها مؤسسة ترمز إلى قضية اللاجئين وحق العودة غير أن البيان رفض بشكل قاطع أي محاولات لتجاوز الوكالة أو تحجيم دورها ما يعني استمرار الدعم الدولي للاجئين الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة وهو ما يتعارض مع الأجندة الإسرائيلية التي تحاول إنهاء ملف اللاجئين تمامًا كما تحاول إسرائيل استغلال الدمار الذي لحق بغزة لإحداث تغيير ديموغرافي عبر دفع السكان للنزوح القسري لكن البيان شدد على ضرورة إعادة إعمار القطاع بأسرع وقت ممكن بما يضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم وعدم تهجيرهم كما أكد البيان رفض أي محاولات لفرض وقائع جديدة تؤدي إلى تغيير التركيبة السكانية للقطاع ما يفشل أي خطط إسرائيلية بهذا الاتجاه.

ويشكل النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية إحدى أبرز أدوات إسرائيل لفرض سيطرتها على الأرض غير أن البيان شدد على رفض الأنشطة الاستيطانية وهدم المنازل وضم الأراضي أو تهجير السكان معتبرا أن هذه الممارسات تهدد الاستقرار الإقليمي وتقوض فرص السلام وهذا الموقف العربي الموحد يضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته ويزيد الضغط على إسرائيل لوقف سياساتها التوسعية.

أما محاولات إسرائيل فرض "واقع بديل" يقوم على تجزئة الحلول وإبقاء الفلسطينيين في حالة تفاوض مستمر دون تحقيق نتائج فعلية فقد تم التشديد على أن حل الدولتين هو الحل الوحيد القابل للتطبيق ودعت المجتمعون المجتمع الدولي خاصة مجلس الأمن إلى تحمل مسئولياته لتنفيذ هذا الحل على أساس قرارات الشرعية الدولية وخطوط 1967 وهذه الرسالة تحبط أي محاولات إسرائيلية لفرض حلول أحادية الجانب لا تحقق الحقوق الفلسطينية.

ورحب البيان بالمؤتمر الدولي المزمع عقده في يونيو 2025 برئاسة السعودية وفرنسا وهو ما يمثل خطوة عملية لإعادة الزخم للقضية الفلسطينية على المستوى الدولي فدائما ما تفضل إسرائيل التفاوض المباشر مع الفلسطينيين وفق شروطها لكن عقد مؤتمر دولي يضعها أمام التزامات دولية ملزمة، ويعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي، مما يقيد محاولاتها للتهرب من التسويات العادلة.

ليشكل الاجتماع الوزاري في القاهرة رسالة عربية قوية في مواجهة الأطماع الإسرائيلية حيث يرفض أي محاولات لتقسيم غزة، ويدعو إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل ويؤكد وحدة الأراضي الفلسطينية ويدعم حل الدولتين ويرفض الاستيطان والتهجير القسري كما يعزز البيان دور "الأونروا" ويحشد الدعم الدولي لإعادة الإعمار ما يقوض المخططات الإسرائيلية لإعادة هندسة الواقع السياسي والديموغرافي في فلسطين
وبذلك لا يقتصر الاجتماع على مجرد موقف دبلوماسي بل يمثل خارطة طريق لمواجهة السياسات الإسرائيلية ويؤسس لتحرك عربي ودولي أكثر فاعلية في دعم الحقوق الفلسطينية ومنع إسرائيل من فرض أمر واقع جديد يخدم مصالحها على حساب الفلسطينيين.

 ويبقى السؤال الأهم هل يلتقط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخيط ويدفع باتجاه تحقيق سلام عادل ومستدام في الشرق الأوسط مستفيدا من الجهود العربية والدولية الرامية إلى تنفيذ حل الدولتين وإنهاء النزاع.. إن اللحظة الراهنة تمثل اختبارا حقيقيا للإرادة السياسية الأمريكية فإما أن تكون شريكا في صنع السلام أو أن تغذي سياسات الأمر الواقع التي تهدد استقرار المنطقة برمتها.