منذ العصور القديمة، كانت القراءة والكتابة جزءًا أساسيًا من حياة المصريين، وهذا ما أكدته البرديات والكتابات على جدران المعابد، ولم تقتصر هذه المكانة على المصريين القدماء، بل استمرت حتى يومنا هذا، وخير دليل على ذلك هو ما يشهده معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ 56، الذى انطلق يوم الجمعة الماضى للجمهور، ويستمر حتى 5 فبراير.

افتتح الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، فعاليات الدورة الـ 56 لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، يوم الخميس الماضي، والذى يحمل شعار «اقرأ.. فى البدء كان الكلمة»، وحلت عليه سلطنة عمان «ضيف شرف»، وتم اختيار اسم الدكتور أحمد مستجير، العالم والأديب المصري، «شخصية المعرض»، واسم الكاتبة فاطمة المعدول، «شخصية معرض كتاب الطفل».

الدكتور أحمد فؤاد هنو، أكد على اعتزازه بتنظيم مصر لهذا المحفل الثقافى الدولي، الذى يجسد ريادتها الثقافية، لأن معرض القاهرة الدولى للكتاب لا يمثل فقط حدثًا ثقافيًا عالميًا، بل يعكس أيضًا مكانة مصر كجسر للتواصل بين الحضارات، هذا المعرض هو منصة تجمع بين الفكر والإبداع، ويرسخ التزام مصر بدعم الثقافة كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة ونشر قيم السلام العالمي.

«المصور» رصدت بعض المؤشرات فى الأسبوع الأول من المعرض، منها أن هناك إقبالا كبيرا من الجمهور، لحضور الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية المقدمة، إلى جانب اقتناء الكتب، والمؤلفات المعروضة سواء من أجنحة وزارة الثقافة، أو دور النشر المشاركة والتى يبلغ عددها 1345، من 80 دولة، تمثل قارات العالم، ومن بينها أكثر من 10 دول تشارك لأول مرة وهي: تشيلي، بلجيكا، الكونغو، رومانيا، بلغاريا، النمسا، بليز، بيرو، هولندا، سورنام، كولومبيا، فيتنام، تنزانيا، سنغافورة، وبوليفيا، ويشتمل المعرض برنامجًا ثقافيًا ثريًا يضم أكثر من 600 فعالية متنوعة، ويعبر هذا الإقبال عن إدراكهم بأهمية المعرفة، وأن المعرض خرج عن كونه حدثاً للمصريين فقط، بل تزداد شهرته العالمية يوما بعد يوم.

وتشير الأرقام إلى أن عدد زوار معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام سيتجاوز 5 ملايين زائر، حيث يستقطب المعرض ما يقرب من 400 ألف شخص يوميًا، وقد حرص الكثير من الزوار على المشاركة فى هذا الحدث الثقافى السنوي، معتبرين أنه بمثابة عيد ثقافى لا يمكن تفويته دون التقاط صور بجوار الكتب التى اشتروها، ومن اللافت للنظر أن غالبية الزوار هم من الشباب، وهى ظاهرة تستحق الإشادة، حيث تبرز عكس الادعاءات التى تُردد عن قلة اهتمام الشباب بالقراءة.

وتشهد أجنحة البيع والعرض التابعة للهيئة المصرية العامة للكتاب، إقبالًا جماهيريًا واسعًا خلال الأسبوع الأول من المعرض، لما تقدمه الهيئة العامة للكتاب من مبادرات وتخفيضات غير مسبوقة على مجموعة واسعة من الإصدارات، التى تنوعت موضوعاتها بين التراث والتاريخ والأدب والموسوعات وكتب الأطفال والروايات، جاءت هذه التخفيضات لتلبى تطلعات القراء من مختلف الشرائح والاتجاهات الفكرية.

وتميزت أسعار الكتب التى طرحتها الهيئة بأنها تبدأ من جنيه واحد فقط، مع تخفيضات تصل إلى أكثر من 30 فى المائة، هذه الأسعار التنافسية تعكس حرص الهيئة على تعزيز نشر الثقافة والفكر بين الجمهور، انطلاقًا من رسالتها فى دعم الثقافة الوطنية وإتاحتها للجميع. وقد أدى هذا العرض إلى حالة من التزاحم الشديد أمام أجنحة البيع، مما حول المشهد إلى ما يشبه «تظاهرة ثقافية» فريدة من نوعها.

وتُقدر العناوين المعروضة من قبل الهيئة بآلاف الكتب التى تشمل مختلف مجالات الفكر والثقافة. تصدرت كتب مثل «المختار من بدائع الزهور فى وقائع الدهور» للمؤرخ المصرى محمد بن إياس، وموسوعة «وصف مصر»، وكتاب «الأغاني» لأبى الفرج الأصفهانى قائمة الإصدارات الأكثر طلبًا من قِبل زوار المعرض.

وضمن برنامج معرض القاهرة الدولى للكتاب تشارك الهيئة العامة لقصور الثقافة، ببرنامج فنى حافل يتضمن أكثر من 35 عرضا فنيا، تقدمه هيئة قصور الثقافة بالمجان على مسرحى بلازا «2،1» بمشاركة فرق الموسيقى العربية والفنون الشعبية التابعة لها من مختلف المحافظات.

ويشهد ركن الطفل مجموعة كبيرة من الورش الفنية والحرفية يقدمها نخبة من الفنانين والمدربين المتخصصين، بجانب اللقاءات المقدمة احتفاء باختيار الكاتبة فاطمة المعدول، شخصية معرض الطفل، والزيارات والجولات الميدانية المخصصة للأطفال المشاركين فى دورى المكتبات بالمحافظات والأطفال من المناطق الجديدة الآمنة «بديل العشوائيات».

وعلى هامش المعرض أطلق الدكتور أحمد هنو، وزير الثقافة، والدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تطبيق «كتاب» المجاني، كأداة لتعزيز الثقافة الرقمية، تحت شعار: «كتابك مكان ما تحب ووقت ما تحب».

ويمثل تطبيق «كتاب» مكتبة رقمية متاحة للجميع بها أكثر من 2000 كتاب وفرتها وزارة الثقافة، وهو تطبيق سهل الاستخدام، وبه كل الخصائص الحديثة لبرامج القراءة.

كما أطلقت وزارة الثقافة مبادرة «المليون كتاب»، بهدف تعزيز الوعى الثقافى والمعرفى بين أبناء الوطن، وهى المبادرة التى تأتى تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية التى تسعى لتفعيل استراتيجية بناء الإنسان المصرى.

وتم توزيع كتب المرحلة الأولى على الوزارات والمؤسسات التى تُعنى ببناء الإنسان ونشر الوعي، ومنها: وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، ووزارة التعليم العالى والبحث العلمي، ووزارة الشباب والرياضة، ووزارة التضامن الاجتماعي، بالإضافة إلى جامعة الأزهر، الكنيسة المصرية، ونقابة الصحفيين.

وشهد جناح سور الأزبكية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب إقبالًا ملحوظًا من الزوار، حيث يتوافد محبو القراءة لشراء مجموعة متنوعة من الكتب المخفضة، ما بين مؤلفات دينية، ثقافية، تاريخية، أكاديمية فى مجالات العلوم والهندسة، بالإضافة إلى الكتب التعليمية والروايات والقصص البوليسية، وتبدأ أسعار الكتب من 5 جنيهات وتصل إلى 50 جنيهًا أو أكثر حسب نوع الكتاب.