ممنوع الاقتراب والتصوير.. فستان أم كلثوم (نعم).. أشياء أخرى (لا)!!
الجمهور العربي يتابع ويشاهد كل شيء عن حياة الفنانين التي تنشرها «الميديا» الإعلامية مدعمة بكل التفاصيل مقتحمة حياة النجوم، غالبا بلا ممنوعات، العديد من نجوم هذا الجيل يسعى بعضهم لكي يمد الصحافة والفضائيات بالكثير منها، ظناً منهم أن هذا يؤدي إلى زيادة مساحة الاهتمام به، تغير الزمن الذي كان يحرص فيه الفنان أن يظل بعيداً عن اللمس، الناس لا تتعامل معه كحالة إنسانية بشرية يحب ويكره وينجب ويتزوج ويطلق ولكنهم يفضلونه كائناً خيالياً، ولهذا مثلاً تكتشف أن كلا من فريد الأطرش وعبدالحليم حافظ لم يتزوجا، بالطبع تعددت التفسيرات، وكان من بينها أنهما كانا حريصين على أن يظلا وحتى آخر نفس يمثلان فتى أحلام البنات، ولهذا ليس من صالحه إعلان الزواج، بينما الآن نتابع العديد من الحكايات عن الفنان المطرب، الذي ينتقل ببساطة من فتاة إلى أخرى ومن زوجة إلى أخرى بسرعة (الفيمتو ثانية)، ولا أحد ينزعج.
كان هناك دائماً في الزمن الماضي غطاءً لا يمكن اختراقه يغلف حياة المشاهير، بنسبة كبيرة تشكل الأغلبية، حتى تظل حياة الفنان سرا، بعيدا عن تلصص الصحافة وعيون الصحفيين، الآن صارت الأغلبية لا يعنيها سوى تحقيق (التريند) بكشف الأسرار.
روت لي مثلا الإذاعية الكبيرة الراحلة آمال فهمي والتي ربطتها صداقة مع سيدة الغناء العربي، الحكاية عمرها الآن نحو 70 عاما ولم تبرح ذاكرتها أبدا وتستحق أن نتأملها بكل ظلالها.
كان أغلب المذيعين الذين ينقلون للجمهور حفلات أم كلثوم على الهواء عبر أثير الإذاعة يقدمون كلمات الأغنية، ويتحدثون قليلاً عن المؤلف والملحن ثم تأتي لهم الفرصة بين الوصلتين الغنائيتين، لوصف فستان أم كلثوم، ولكن لا أحد منهم يتجاوز أكثر من ذلك، الكل يعلم أن (الست)، لا تسمح بما هو أكثر، كل ما هو غير ذلك يحاط بدرجة كبيرة من السرية، غير مسموح بتداوله.
إلا أن آمال فهمي غلبتها الحاسة الإعلامية، وقررت أن تبحث عن الجديد الذي من الممكن أن تقوله للمستمعين، وتنفرد به عن الآخرين، إنه (السبق الإذاعي).
وعلى طريقة (أرشميدس) هتفت (وجدتها وجدتها)، وكانت ضالتها المنشودة هي أنها استغلت علاقتها بـ سعدية وصيفة أم كلثوم، وعرفت منها ماذا أكلت أم كلثوم قبل الحفل في وجبة الغداء؟.
وقبل أن تفاجئ آمال فهمي الجمهور بهذا السبق قررت أن تفاجئ أم كلثوم في الاستراحة، وقبل رفع الستار بلحظات قالت لها: (أنا عرفت انتي أكلتي إيه النهاردة) ردت عليها بكل ثقة: (لا أحد يعرف يا شاطرة أي شيء خاص عن أم كلثوم).. فاجأتها آمال بقولها: (ربع دجاجة وكوب عصير برتقال ورغيف خبز أسمر وطبق أرز وآخر سلطة).
وهاجت وماجت أم كلثوم بعد أن افتضح سرها فهى تأكل وتشرب مثلنا، ولم تستطع آمال فهمي أمام فيضان الغضب (الكلثومي) من إذاعة سبقها على الناس، واكتفت بأن وصفت فقط للمستمعين لون الفستان، وفي الاستراحة الثانية استدعتها أم كلثوم إلى غرفتها وقالت لها إنها كانت تعتقد وهي صغيرة أن كبار الفنانين لا يأكلون مثل البشر وأنهم أقرب إلى الأساطير.
ربما كانت أم كلثوم، تبالغ كما أن العصر وقتها قبل الانفجار الفضائي أقصد طبعا الفضائيات والمحمول و(السوشيال ميديا)، كان دائماً ما يسمح بأن يظل للفنان مساحته البعيدة عن التناول والتداول اليومي، ولكن مع توفر نحو آلاف المواقع والمنصات، التي يقتات العديد منها على أحاديث النميمة، لم يعد من الممكن أن يظل الفنان محاطا بأوراق (السوليفان)، وكأنه يرفع يافطة "ممنوع الاقتراب والتصوير"، كثرة الظهور البرامجي والجرأة في الإعلان عن تفاصيل حياة النجوم الاجتماعية والشخصية، ربما تحقق لهم أموالاً تدفعها الفضائيات مقابل العثور على الأسرار، إلا أنها على الجانب الآخر تخصم الكثير من الألق الشخصي وتلك الصورة الذهنية التي يصدرها في العادة الفنان للناس. إنه كما يبدو درس أم كلثوم الذي لم يعد أحد الآن يستوعبه!!.