تعتبر السيدة أم كلثوم إرثاً ثقافياً وحضارياً فنياً لمصر وللعالم العربي بأكمله فانتماؤها إلى تلك المنطقة العربية يعد حدثا لا يتكرر كثيرا فهى جمعت بين الفن والثقافة والموهبة الطاغية التى جعلت ملحنين وشعراء عصرها يحلمون بالعمل معها والكتابة أو التلحين لها.
وكان محمد الموجى لا يختلف عنهم كثيرا فى الحلم بالعمل مع العظيمة أم كلثوم، منذ صغره وهو يدرس ويحلم بالموسيقى والفن والعمل مع أم كلثوم فهي نعمة الدنيا كما وصفها أديب نوبل الراحل نجيب محفوظ التى اجتمع على حبها واستماعها الجميع وفى كل الأقطار العربية وليس مصر فقط.
تلك المرأة التى جمعت بين الحب والقوة فأصبحت مصدر إلهام لتغيير واقع المرأة العربية، فصنعت لنفسها ومن حولها ومن عمل معها تاريخا ضخما لايزال يعيش وسيستمر لسنوات طويلة فهو صنع من الاجتهاد والإصرار والعمل، فهى ظهرت موهبتها الاستثنائية منذ طفولتها وأثناء غنائها مع والدها فى المناسبات وحفلات الزفاف فى القرى مما مهد لمسيرة تاريخية امتدت على مدار عقود وحتى يومنا هذا ونحن نحيى الذكرى الخمسين لرحيلها فى الثالث من فبراير عام 1975. فكان الموجى من معجبي السيدة أم كلثوم من صغره وهو يشق طريقه مع أصدقاء الرحلة والعمر العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ والموسيقار كمال الطويل. كانت نشأة الموجى في الأرياف وكان دائما يستمع إلى أغاني أم كلثوم من خلال جهاز الجرامافون الخاص بوالده وكان في هذا الوقت بدأ في العزف على آلة العود وغناء أغاني أم كلثوم التى حفظها من خلال الراديو والأسطوانات التى يمتلكها والده، وعادة يقوم بالغناء مع أصدقائه بالقرية حيث كان عمره وقتها ١٥ عاما.
وقتها كان يدرس فى الثانوية الزراعية حتى حصل على دبلوم زراعة وتم تعيينه ناظرا للزراعة فى مدينة إيتاي البارود. ولم يتخل أبدا عن العزف على العود ومحاولة الغناء مع أصدقائه. فقاموا بتشجيعه بالذهاب إلى القاهرة لمحاولة الدخول والاختبار فى الإذاعة ليكون مطربا، لكن شاءت الأقدار أن يتم رفضه كمطرب ويتم اختياره كملحن فى الإذاعة.
بدأ طريقه فى مجال التلحين مع العديد من المطربين منهم رفيق الطريق عبدالحليم حافظ وفايزة أحمد وغيرهم وكانت أعماله ناجحة معهم. وكان دائما يذكر أن عروس أحلامه أم كلثوم ويتمنى أن يلتقى بها ويتعاون معها، حتى جاءه الخبر الذى أسعده عندما استمعت أم كلثوم لأعماله الناجحة مثل يا امه القمر ع الباب، وأنا قلبى إليك ميال لفايزة، أحمد وصافينى مرة، وبتقوللى بكرة لعبدالحليم حافظ. طلبت من رئيس الإذاعة وقتها الاتصال بمحمد الموجى وإبلاغه بالحضور لمنزل أم كلثوم لمقابلتها. عندما علم الموجى بذلك ارتعد خوفا وفى نفس الوقت شعر بسعادة كبيرة لمقابلة عروس أحلامه. ذهب الموجى إلى منزل أم كلثوم وكان معها محمد القصبجى وعازف القانون محمد عبده صالح والشاعر أحمد رامى. وحين دخل الموجى ارتعد خوفا وشعر بالخوف. قامت أم كلثوم بطمأنة الموجى حتى شعر بالراحة.
وبدأت ثومة بالحديث معه بأنها استمعت إلى ألحانه الناجحة وأعجبت بها جدا وطلبت منه التعاون معها لأنها شعرت بأن فى ألحانه أسلوب جديد فى التلحين. أول لقاء مع أم كلثوم كان نشيد الجلاء تأليف أحمد رامى. ثم أغاني رابعة العدوية حانت الأقدار، والرضا والنور تأليف طاهر أبو فاشا. ثم أغنية بالسلام إحنا بدينا تأليف بيرم التونسي. ثم أغنية محلاك يا مصري تأليف صلاح جاهين، ثم أغنية يا سلام على الأمة تأليف عبدالفتاح مصطفى. ثم أغنية صوت بلدنا تأليف عبدالفتاح مصطفى. والأغاني العاطفية للصبر حدود، واسأل روحك تأليف عبدالوهاب محمد.