رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الفن والزمن

3-2-2025 | 14:43


ماجدة موريس

أعلنت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، عن إقامة حفل تكريم لأسرة مسلسل (أم كلثوم) والذي يعتبره الكثيرون من النقاد المسلسل الأشهر في تاريخ مسلسلات السيرة الذاتية في العالم العربي، وقال أحمد المسلماني (إن تكريم أسرة مسلسل أم كلثوم بمناسبة مرور 25 عاما على عرضه بالتليفزيون المصري والعديد من الشاشات العربية (عرض في رمضان عام 1999) يتواكب مع الذكرى الخمسين لرحيل سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وإن الهيئة ستقيم حفلاً غنائياً لهاتين المناسبتين في مسرح ماسبيرو، وسيكون الحفل الأول بهذا المسرح بعد إغلاقه لسنوات طويلة. وسوف يتم تكريم بعض أفراد من أسرة أم كلثوم الملقبة بكوكب الشرق.

كان التليفزيون المصري قد أنتج المسلسل عام 1999 من خلال قطاع الإنتاج به وتأليف الكاتب الكبير (محفوظ عبدالرحمن)، وإخراج المبدعة (أنعام محمد علي) والتي فوجئت ساعتها برغبة العديد من نجمات السينما المصرية لأداء دور أم كلثوم، ولكن المخرجة اختارت البطلة من خارج الصندوق كما يقال حين توقفت عند الممثلة الشابة الصاعدة (صابرين) لتقوم بالدور الذي تمنته النجمات السوبر ستار وقتها، وجاءت اختياراتها لكل شخصيات المسلسل معبرة عن قيمة وموهبة نجوم التمثيل في مصر مع تعدد أعمارهم وأجيالهم، وهو ما بدا واضحا في أسماء مثل حسن حسني في دور والد ثومة أو أم كلثوم الشيخ إبراهيم البلتاجي إمام مسجد قريتها (طماي الزهايرة)، وسميرة عبدالعزيز في دور والدتها في مرحلتها الأولى كطفلة حين اكتشف والدها قدرتها على مشاركة شيخ القرية في ترتيل آيات القرآن مما جذب إليها كبار قريتها، وصولا إلى ترك الأسرة للقرية والذهاب للقاهرة لتبدأ رحلتها الكبيرة والعظيمة مبكرا وتستمر مع جهدها الكبير الذي جعل الغناء هو حياتها وليس فقط حلم ضمن أحلام أخرى، وحيث اختارت هي وأسرتها دائرة حياة صعبة ومؤثرة ومليئة بالانتصارات والنجاحات التي أوصلتها إلى مكان ومكانة تخطت فيه كل النجاحات التي نعرفها.

والتي يعرفها العالم بالنسبة لفنانينه الكبار، فقد تحولت أم كلثوم إلى أسطورة الغناء العربي في مصر، وكل البلاد العربية وفي كل مكان يتحدث بالعربية، حتى لو كان مسرحا في باريس عاصمة فرنسا، أو موسكو عاصمة روسيا، وحيث احتشد كل العرب في هذين البلدين الكبيرين ليسمعوا أم كلثوم الأسطورة في حفل إقامته في موسكو، وفي مسرح (أوليمبيا) في باريس لأجل دعم المجهود الحربي لمصر وهي تجهز للرد على العدوان الإسرائيلي عام 1976، ومن الملفت للتفكير هنا هذا الشغف الكبير لأم كلثوم بالتعلم، سواء اللغة العربية، أو الموسيقى والمقامات الموسيقية، وهو ما أضاف الكثير إلى أدائها، وقدراتها في التعامل مع ألحان أكبر الموسيقيين في عصرها، وهو أيضا ما أبرزه المسلسل ورؤية الكاتب محفوظ عبدالرحمن في تقديم هذه المسيرة الفذة والمتفردة لها.

والتي ساهم فيها الكثيرون في حياتها لإدراكهم لأهمية موهبتها. هي ونجوم عصرها من أروع ما قدمه المسلسل أيضا عناية كاتبه بكل شخصية لها علاقة برحلة البطلة، بدءا من العائلة وأهل بيتها وحتى الآخرين من مؤلفي أغانيها، وملحنيها، والمسؤولين في كل مكان توجهت إليه، وحتى المنافسات مثل (منيرة المهدية) المطربة التي اعتبرت نجاح أم كلثوم كارثة، ولأنه نجاح تحول من عائلي إلى شعبي وصنع شغفا كبيرا بها، فقد تجاوز حدود السيرة الذاتية نفسها ليتحول إلى سيرة زمن وعصر وتحولات كبيرة وهو ما حدث من خلال تفاعل بطلته مع أحداث بلدها، وتأثيرها المهم والملهم في هذه الأحداث.

وأيضا أبطال ذلك الزمن الذين شاركوها رحلة النجاح والصعود من الشعراء وكتاب الأغنية، ومن صانعي ألحان كبار أمثال زكريا أحمد ورياض السنباطي والقصبجي وأحمد رامي وبيرم التونسي وعلي محمود طه وبليغ حمدي وأخيرا عبدالوهاب وغيرهم ممن صنعوا معها فن وموسيقى وغنائيات ذلك العصر، وأيضاً غيرهم ممن أبدعوا في دعم ثقافة هذا الزمن أمثال طلعت حرب ومحمد التابعي وآخرون، ولم يكن مسلسل (أم كلثوم) هو العمل الوحيد عن سيدة الغناء العربي، وإنما كانت هناك مشروعات لمسلسلات أخرى لم تكتمل برغم الإعلان عنها. صوت يشبه مصر أما السينما، فقد قدمت فيلمان عن حياتها، الأول هو (كوكب الشرق) الذي يقدم حياتها وعلاقاتها في مرحلة أخرى أصبحت فيها نجمة الغناء الكبيرة ابتداء من عام 1944 للكاتب إبراهيم الموجي والمخرج محمد فاضل، وقد قامت بدور أم كلثوم الفنانة فردوس عبدالحميد، وقد أنتج الفيلم وعرض عام 1999، أي نفس عام إنتاج وعرض المسلسل.

أما الفيلم الثاني فهو بعنوان (صوت يشبه مصر) للمخرجة الأمريكية ميشيل جولدمان، وقد عرض في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي قبل أن يعرض في العديد من الدول العربية وتقام حوله مناقشات مهمة لكونه فيلما وثائقيا قدم حياة استثنائية لفتاة من أسرة ريفية أصبحت أيقونة الغناء العربي في كل العالم، وكان التعليق على الفيلم بصوت عمر الشريف أيضا وهو ما أضاف لجاذبية الفيلم الذي أنتج عام 1996، أي قبل المسلسل بأعوام ثلاثة واليوم، ونحن في بداية عام 2025، ننتظر رؤية الفيلم الجديد، الثالث، عن أم كلثوم بعنوان (الست) والذي يخرجه مروان حامد وتقوم منى ذكي بدور أم كلثوم فيه، ومن المؤكد أنه سيقدم وجها مختلفا لأسطورة الغناء العظيمة.