معرض القاهرة للكتاب الـ 56| يناقش المجموعة القصصية «ملح على المائدة» للكاتب سمير الفيل
في إطار فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، شهدت قاعة «فكر وإبداع» مساء الثلاثاء ندوة لمناقشة المجموعة القصصية «ملح على المائدة» للكاتب سمير الفيل، وأدار الندوة الكاتب يوسف بدر، وشارك في المناقشة الناقد سيف علي البدري، والكاتب محمد سامي البوهي، حيث تناولوا أهم الملامح الفنية والفكرية التي تميز المجموعة.
مسيرة الكاتب سمير الفيل
واستهل الكاتب يوسف بدر الندوة بتقديم مسيرة الكاتب سمير الفيل، الذي ينتمي لمحافظة دمياط، وأوضح أنه بدأ الكتابة منذ صغره، وخاض رحلة أدبية مميزة أنتج خلالها أكثر من 30 مؤلفًا إبداعيًا، شملت الرواية، القصة القصيرة، وأدب الأطفال.
وأشار إلى أن الكاتب يحمل روح الطفل في داخله، لكنه يكتب بعين ورؤية الناضج، مما انعكس في كتاباته للأطفال وللكبار على حد سواء.
خلط الواقعي باللاواقعي
و قدم الناقد سيف علي البدري، قراءة نقدية متعمقة للمجموعة، مشيرًا إلى أن العنوان «ملح على المائدة» يعكس رمزية قوية للذات الإنسانية، وأوضح أن الكاتب استخدم أسلوب الميتاسرد في النص الافتتاحي، حيث أفصح عن ذاته داخل النص، مما يعزز العلاقة بين القارئ والسرد.
وأكد أن المجموعة تعتمد على خلط الواقعي باللاواقعي، حيث يقدم الكاتب نصوصًا تبدو واقعية لكنها تحمل أبعادًا سردية تتجاوز الواقع إلى التأمل الفلسفي.
وأضاف «البدري» أن الكاتب يعيد التأمل في فكرة الموت، حيث تظهر هذه الفكرة في جميع القصص تقريبًا، لكنه يطرحها بأسلوب ساخر وتأملي في الوقت ذاته، مقدمًا رؤية فلسفية عميقة عن الوجود والضمير الإنساني. كما أشار إلى أن النصوص تحمل خطابًا تأمليًا يعتمد على التساؤل، مما يجعل القارئ مشاركًا في بناء النص وليس مجرد متلقٍ له.
الأسلوب التصويري
وتحدث الكاتب محمد سامي البوهي عن الأسلوب التصويري للكاتب سمير الفيل، مشيرًا إلى أن سمير الفيل يتمتع بقدرة توثيقية دقيقة، حيث يوظف خبراته الحياتية في بناء شخصياته، مما يضفي على النصوص واقعية حية. كما أوضح أن الكاتب يعتمد على لغة تمزج بين العامية القريبة من الفصحى، مما يمنح النص طابعًا شعريًا سلسًا.
وأشار«البوهي» إلى أن الكاتب سمير الفيل يولي اهتمامًا كبيرًا بالبيئة المحلية في دمياط، حيث يوثق العادات، الأطعمة، والحياة اليومية للبسطاء، وهو ما يظهر في قصص تحمل عناوين مثل «رز وعدس»، كما لفت إلى أن العنوان نفسه «ملح على المائدة∙» يحمل دلالات متناقضة بين المتعة والشقاء، مما يعكس طبيعة الحياة نفسها.
في ختام الندوة، تحدث الكاتب سمير الفيل عن تجربته الشخصية، مشيرًا إلى أن «مقهى العيسوي» في دمياط كان دائمًا مصدر إلهامه، حيث يجتمع فيه مع أصدقائه من الأدباء والكتاب.
واستعرض«الفيل» بداياته الأدبية، التي انطلقت بعد مشاركته في حرب الاستنزاف، حيث كتب أولى قصصه عن تجارب الحرب، وحصل على المركز الأول في مسابقة مجلة صباح الخير. كما أوضح أنه كتب خمس مجموعات قصصية عن الحرب، استند فيها إلى شهادات حقيقية من أسر الشهداء.
وختم «الفيل» حديثه قائلا: «أنا أحب الكتابة، وأهتم بانسيابية النص وبساطته، لأن الكاتب الذي يكتب ببساطة يصل إلى قلوب الناس بسهولة».
اختتمت الندوة بتفاعل الحضور، الذين أثنوا على المجموعة القصصية «ملح على المائدة»، وأشادوا بقدرة الكاتب على دمج التجربة الشخصية بالخيال السردي، مما جعل النصوص تحمل عمقًا إنسانيًا وفكريًا كبيرًا.
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
ويقام معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه الهيئة العامة المصرية للكتاب، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، وأعلن لأول مرة عن ضيفي شرف المعرض في الدورتين 2026، و2027، وهما رومانيا وقطر كما أعلن إطلاق مبادرة المليون كتاب ضمن فعاليات المعرض هذا العام.
ويشهد المعرض استحداثات جديدة لأول مرة ومن بينها جناح مجاني لاتحاد الناشرين الذي تشارك فيه دور النشر الناشئة وذلك بهدف دعم صناعة النشر، بالإضافة إلى استحداث قاعة جديدة لتكون عدد قاعات معرض الكتاب فى دورته الجديدة 6 قاعات بدلًا من 5 قاعات، بالإضافة إلى أجنحة للكتب المخفضة.
ووقع الاختيار على اسم العالم والمفكر الدكتور أحمد مستجير، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب، والكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول، شخصية معرض كتاب الطفل، وجاء شعار المعرض هذا العام بعنوان «اقرأ.. في البدء كان الكلمة».
وتحل دولة سلطنة عمان ضيف شرف المعرض، وتشارك ببرنامج ثقافي متنوع يعكس التاريخ الثقافي والفكري للسلطنة، ويسلط الضوء على العديد من الجوانب التاريخية والتراثية والفكرية بها.
وتشهد الدورة الحالية نقلة نوعية تستحق التقدير، سواء من حيث التنظيم أو المُشاركة الدولية والمحلية، وتقام الدورة الحالية للمعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، بإجمالي مساحة تضم 6 صالات للعرض، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة من مختلف دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضًا هذا العام، يعرضون تنوعًا ثريًا من الإصدارات الأدبية والفكرية.
ويضم البرنامج الثقافي للمعرض ما يقرب من الـ 600 فعالية متنوعة تشمل ندوات أدبية وحوارات فكرية وعروضًا فنية، بمشاركة نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم.
ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وفي عام 2006 م اعتبر ثاني أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، زار المعرض في دورته السابقة الـ55 4,785,539 زائر.
وانطلق المعرض لأول مرة في عام 1969م، حينما كانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفي، فقرر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الكاتبة والباحثة الراحلة سهير القلماوي بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب في مصر.
وأوضح أن ريادة مصر تعتمد في جوهرها على العلم والمعرفة وموقعها المتميز كمركز للثقافة والفكر، ومن هنا تأتي الدعوة لكل فئات الشعب المصري لتوجيه طاقاتهم نحو القراءة والتعمق في المعرفة، لتنوير العقول والاستفادة من ثمار الفكر الإنساني.