في مؤتمر "البيئة في الأديان السماوية": جميع الديانات تدعو للحفاظ على البيئة والتناغم معها
أكد المشاركون في مؤتمر "البيئة في الأديان السماوية"، الذي عقده المجلس الأعلى للثقافة، أن جميع الديانات السماوية اهتمت بالحفاظ على البيئة، وتحقيق التناغم بين الإنسان والطبيعة.
وجاء المؤتمر، اليوم الأربعاء، بتنظيم مشترك بين لجنة الجغرافيا والبيئة بالمجلس الأعلى للثقافة ولجنة التعليم ببيت العائلة المصرية، وافتتحته وقدمته أمينة المؤتمر ووكيل كُلِّيَّة الدراسات الإنسانية بنات بجامعة الأزهر، الدكتورة منى نور الدين.
وأكدت الدكتورة منى نور الدين أن جميع الديانات السماوية اهتمت بالحفاظ على البيئة، مشيرة إلى أن مصر أول مهبط للوحي الإلهي، ومعبر الأنبياء والمرسلين، وهدية مصر لأبي الأنبياء "إبراهيم" (عليه السلام) هي هاجر المصرية أم إسماعيل وأم العرب، وبمصر كان مسار العائلة المقدسة، وقد ذكرت في القرآن الكريم في (خمسة) مواضع، مؤكدة أننا في ظل التغيرات المناخية والمشكلات البيئية لا بد أن نتوقف أمام تلك التحديات في هذا المؤتمر المهم.
وأكد المنسق العام لبيت العائلة المصرية الدكتور محمد الأمير - في كلمة نيابةً عن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف - أن عِلاقة الإنسان بالكون في فلسفة الأديان الإلهية هي عِلاقة حب متبادل، مشيرًا إلى أن خطاب الله للمؤمنين في هذه القضية واضح في القرآن "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارَة أخرى".
وأوضح أن علاقة الإنسان بالبيئة هي عِلاقة مسئولية ومبادئ وأخلاق، موضحًا أن الدين قد حذَّر من الإفساد في الأرض، ونبَّه على أن أي إنسان ليس حرًا في أن يفسد في الأرض، فالطبيعة بكل عناصرها ومواردها هي ملك لله تعالى، ولا يحل لإنسان أن يتعامل معها إلا في إطار إصلاحها.
بدوره، قال مقرر لجنة التعليم ببيت العائلة المصرية وعضو لجنة الجغرافيا والبيئة بالمجلس الأعلى للثقافة، الدكتور عبد المسيح سمعان، إن من مبادئ الديانات السماوية احترام البيئة والحفاظ عليها، والتعامل معها بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة، إذ ترسِّخ لاستمرار الإنسان في الحفاظ على البيئة، مع أهمية العمل للحفاظ على المستقبل، مضيفا أنها أيضًا قضية أخلاقية، فالقواسم مشتركة بين الأديان في الحفاظ على البيئة، ومشيراً إلى دعوة الأديان لمبدأ التضامن ورفض الإسراف في الموارد الطبيعية ونبذ كل مسببات التلوث، فالطبيعة تعكس حكمة الله وجماله، مستشهدًا بآيات من القرآن والإنجيل.
كما أكد مقرر لجنة الجغرافيا والبيئة بالمجلس، الدكتور عطية الطنطاوي، أهمية موضوع المؤتمر في ظل ما يهدد بقاء الكوكب ككل وليس الإنسان فقط، مضيفا: "لا يخفى علينا حجم الكوارث التي تضرب الأرض"، ضاربًا المثل بموجات الجفاف المتكررة التي تضرب مناطق كثيرة متنوعة من العالم، وكذلك العواصف التي تتكون في المناطق الاستوائية، كل هذه الكوارث نتجت عن التغيرات المناخية التي تسبب الإنسان في ظهورها.
وأوضح أن الأرض تتعرض لمشكلات جمة منها ظاهرة التصحر والتلوث وكأن الأرض أصيبت بفيروس، وليس لدينا علاج لهذا الفيروس حتى الآن.
وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الدكتور أشرف العزازي في كلمته: "إن هذا اللقاء هو فرصة لتسليط الضوء على العِلاقة العميقة بين الإنسان وبيئته من خلال عدسة الأديان التي تشترك في توجيهنا نحو الاعتناء بالعالم الذي خلقه الله لنا. فمنذ بداية الخلق نجد أن الأديان السماوية قد أكدت أهمية حماية البيئة والعيش بتوازن مع الطبيعة، فقد كان النداء المشترك في جميع الأديان هو الاعتراف بقدسية الأرض وجمالها، والمسئولية التي يتحملها الإنسان في الحفاظ عليها ورعايتها"، مؤكدًا أننا في عالم يعاني من تحديات بيئية متزايدة، تبرز الحاجة الماسة إلى النظر في هذه المبادئ الدينية، وأن نستلهم منها سبلًا عملية للحفاظ على الكوكب.
وأكد أن هذا المؤتمر هي خطوة مهمة نحو تعزيز الوعي البيئي، وتطوير حلول مستدامة تنبع من تعاليمنا الدينية العميقة لتكون نموذجًا يحتذى به في جميع جوانب الحياة، متمنيًا أن تكون مناقشات اليوم غنية ومثمرة، وأن يتم الخروج منها برؤى وأفكار جديدة تسهم في تفعيل دور الأديان في حماية البيئة وتحقيق التناغم بين الإنسان والطبيعة.
وعلى هامش الافتتاحية قدَّم الدكتور أشرف العزازي شهادات تقدير للسادة المشاركين بالمؤتمر.
وجاءت الجَلسة الأولى بعدد من المشاركات للقس أرميا مكرم، الذي جاءت كلمته بعنوان "المسيحية والبيئة"، مستشهدًا بسفر التكوين "في البَدْء خلق الله السماوات والأرض"، مؤكدا أن "الأرض قد خُلقَت من أجل الإنسان". وجاءت كلمة الدكتور رمضان الصاوي بعنوان "البيئة في الكتاب والسنة"، مستشهدًا بعدد من آيات القرآن والأحاديث النبوية.
كما تحدث الدكتور محمد السبعاوي عن صحة البيئة في الديانات السماوية، التي جاءت من أجل تنظيم الحياة على كوكب الأرض، بالنظر إلى مفهوم صحة البيئة، متطرقًا إلى هذا المفهوم في اليهودية والمسيحية والإسلام وكذلك في الديانات الأخرى.
وفي الختام، جاءت كلمة الدكتور محمد الشربيني بعنوان "إيمان واحد.. كوكب واحد"، مشيرًا إلى الصراع الفكري والمعرفي الذي يعاني منه الشباب اليوم، نتيجة التغير المناخي الذي صار ملموسًا دون الحاجة إلى رصد واستبيانات علمية، مؤكداً ضرورة الالتزام بالحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية، والتحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات الحرارية.