«بطاقة الخدمات المتكاملة».. ضمان «حياة كريمة» لذوي الإعاقة
وضعت وزارة التضامن الاجتماعي الأشخاص ذوي الإعاقة في مقدمة أولوياتها، عبر إطلاقها مبادرات وبرامج تهدف إلى تعزيز حقوقهم وضمان حياة كريمة لهم، ومن بين هذه المبادرات، جاءت «بطاقة الخدمات المتكاملة» كأداة مركزية تمثل أكثر من مجرد وثيقة، إذ تُعد بوابة لضمان الحقوق وتحقيق الاستقلالية.
وفى إطار تحقيق الحماية الاجتماعية الشاملة، أطلقت وزارة التضامن منظومة إلكترونية جديدة لتظلمات بطاقات الخدمات المتكاملة، بالتعاون مع وزارة الصحة، ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان حصول جميع الأشخاص ذوى الإعاقة على الخدمات التى يكفلها لهم القانون، دون عوائق.
وكما أكدت وزيرة التضامن الدكتورة مايا مرسى، فإن «الجهود المبذولة فى هذا الإطار تمثل التزامًا حقيقيًا بتحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان حياة كريمة للأشخاص ذوى الإعاقة، بما يعكس رؤية الدولة لبناء مجتمع شامل يحتضن جميع فئاته دون تمييز»، موضحة أن «هذه الجهود تعكس التزام الدولة بحقوق الإنسان، وتوفير سبل الرعاية الشاملة لذوى الإعاقة بالتعاون مع المجتمع المدني».
خدمات موجهة ومتكاملة
بلغ عدد المستفيدين من بطاقة الخدمات المتكاملة أكثر من 1.5 مليون شخص، فى حين يوفر برنامج «كرامة» دعماً نقدياً لأكثر من مليون و150 ألف مواطن من ذوى الإعاقة، بمخصصات سنوية تتجاوز 8.6 مليار جنيه، كما أطلقت الوزارة حملة «هنوصلك» بالتعاون مع مؤسسة صناع الحياة والهلال الأحمر المصرى لإيصال الخدمات للمستحقين فى أماكن إقامتهم، مع توفير قوافل طبية للتوعية والكشف المبكر عن الإعاقة.
حياة جديدة لـ «معتز»
منذ أن حصل معتز محمد، على بطاقة الخدمات المتكاملة، تغيرت حياته بشكل جذرى. «معتز»، الشاب فى العقد الثالث من عمره، من قرية «الزينية» التابعة لمحافظة الأقصر، يعانى من إعاقة حركية ناجمة عن شلل دماغى منذ ولادته، مما جعل من الصعب عليه التنقل بحرية أو الحصول على الخدمات الصحية والاجتماعية التى يحتاجها، ولكن الآن، يرى فى بطاقة الخدمات المتكاملة أكثر من مجرد وثيقة؛ هى مفتاح لحياة كريمة ومستقلة.
بطاقة الخدمات المتكاملة التى أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعى لم تكن مجرد وسيلة لتحسين وصول ذوى الإعاقة للخدمات الحكومية فحسب، بل كانت بوابة لفرص جديدة فى الحياة، فقد أصبح «معتز» قادرًا على الاستفادة من برنامج «كرامة»، الذى يوفر له مساعدات مالية شهريًا، إضافة إلى الحصول على خدمات طبية مجانية، وتلقى الدعم النفسى والاجتماعى، وهو ما كان يشكل عبئًا ثقيلًا عليه قبل الحصول على البطاقة.
وبجانب الدعم المالى والرعاية الصحية، أوضح «معتز»، أن بطاقة الخدمات المتكاملة سمحت له أيضًا بالوصول إلى تدريب مهنى وتوظيف عبر برامج الوزارة، مضيفًا: «شاركت فى ورش تدريبية لتطوير مهاراتى، وتمكنت من الحصول على وظيفة بدوام جزئى، وهو شيء لم أكن أتصور حدوثه من قبل».
أما عن الخدمات الطبية، فقد أصبح «معتز» الآن قادرًا على تلقى العلاج الطبيعى والحصول على الأدوية اللازمة بشكل دورى، حيث يوفر له النظام الصحى المدعوم من الدولة الدعم الذى يضمن له حياة صحية مستقرة، مشيرًا إلى أنه لم يكن ليتمكن من تحمل تكاليف هذه الخدمات من دون البطاقة.
تظلمات إلكترونية لتحقيق العدالة
فى ذات السياق أطلقت الوزارة منظومة إلكترونية لتظلمات الأشخاص ذوى الإعاقة ممن تم رفض طلباتهم للحصول على بطاقات الخدمات المتكاملة، وأكد خليل محمد خليل، رئيس الإدارة المركزية لشؤون الإعاقة بوزارة التضامن الاجتماعى، أن هذه المنظومة تأتى فى إطار التحول الرقمى للوزارة لتسهيل حصول المواطنين على حقوقهم.
وأوضح «خليل»، أن عدد المتقدمين بالتظلمات بلغ 73,409 مواطنين من جميع محافظات الجمهورية، حيث عقدت اللجان 900 اجتماع انتهت بفحص 40,926 حالة، مشيرًا إلى أنه «تم قبول تظلمات 4,200 حالة، وجار العمل على استخراج بطاقاتهم، فى المقابل، تم رفض 30,296 حالة لعدم توافقها مع المعايير المحددة، بينما أُعيد النظر فى 6,430 حالة لاستكمال المستندات».
«خليل»، كشف أن المرحلة المقبلة ستركز على معالجة طلبات 25,182 تظلماً ضمن قوائم الانتظار، مع إرسال رسائل نصية للمواطنين لإبلاغهم بحالة طلباتهم، لافتًا إلى أن «خطة مصر 2030 تهدف إلى تحسين الصحة الإنجابية للفتيات والنساء ذوات الإعاقة من خلال مجموعة من الاستراتيجيات المتكاملة»، موضحًا أن «هذه الخطة تشمل ضمان تطبيق التأمين الصحى الشامل فى مصر بما يضمن تمكين الأشخاص ذوى الإعاقة من الوصول إلى الخدمات الصحية اللازمة لهم، خاصة فى مجال الصحة الإنجابية، مما يعزز حقهم فى الحصول على الرعاية الصحية بسهولة وفعالية».
كما أشار رئيس الإدارة المركزية لشؤون الإعاقة، إلى أن «الدراسات أكدت وجود العديد من التحديات التى تواجه النساء ذوات الإعاقة فى المنطقة العربية، من بينها صعوبة الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية، ونقص المعلومات الصحية، إلى جانب الوصمة الاجتماعية التى تؤثر على حقوقهن فى ممارسة حياتهن الإنجابية»، موضحًا أن هذه التحديات تحتاج إلى حلول مستدامة لضمان تمتع النساء ذوات الإعاقة بحقهن فى الرعاية الصحية المتكاملة.
وعن خطة مصر 2030 أكد «خليل»، أنها «تتضمن بعض النقاط الرئيسية التى تهدف إلى تحسين الصحة الإنجابية لهذه الفئة، والتى تشمل التوعية والتثقيف بشأن حقوق النساء ذوات الإعاقة فى الصحة الإنجابية، وتوفير خدمات الرعاية الصحية المتخصصة لتلبية احتياجات الفتيات والنساء ذوات الإعاقة، الدعم النفسى والاجتماعى للمساعدة فى التغلب على التحديات المرتبطة بالصحة الإنجابية، تدريب الممارسين الصحيين على كيفية تقديم الرعاية الصحية المناسبة لهذه الفئة، تعزيز حقوق النساء ذوات الإعاقة فى اتخاذ القرارات المتعلقة بصحتهن الإنجابية، ومساعدتهن فى التعامل مع التحديات اليومية».
كما شدد «خليل»، على أهمية التعاون مع منظمات المجتمع المدنى لضمان توفير الخدمات اللازمة وتقديم دعم شامل للفتيات والنساء ذوات الإعاقة، مع ضرورة تصميم خدمات صحية تتناسب مع احتياجاتهن الخاصة وتلبى متطلباتهن الصحية، موضحًا أن «بطاقة الخدمات المتكاملة تقدم مزايا متعددة، أبرزها خصم قدره 50فى المائة على الضريبة المفروضة على الدخل الشخصى وفقًا لأحكام القانون، بالإضافة إلى الإعفاءات الجمركية على الأجهزة التعويضية والأدوات والسيارات المستوردة من الخارج. كما توفر البطاقة إمكانية الدمج فى المجالس والجامعات، والتعيين ضمن نسبة الـ5فى المائة، فضلاً عن تقديم خصومات على وسائل النقل والمواصلات، وتوفير دخول مجانى للمتاحف والمناطق الأثرية، فضلاً عن تخفيضات على الاشتراكات فى الأندية الرياضية، وتمكين الأفراد من الجمع بين معاشين».
وأكد رئيس الإدارة المركزية لشؤون الإعاقة، أن «البطاقة تعد بمثابة جواز مرور للأشخاص ذوى الإعاقة للحصول على حقوقهم الاستحقاقية التى كفلها الدستور»، مضيفًا أن «أى خدمة مخصصة للأشخاص ذوى الإعاقة تُمنح من خلال هذه البطاقة التى تعتبر الوسيلة المعتمدة الوحيدة التى تسمح لحامليها بالتعامل مع كافة الجهات، وتثبت أنهم من ذوى الإعاقة».