عقدت لجنة الشعر، بالمجلس الأعلى للثقافة، ومقررها الدكتور يوسف نوفل، أمسية شعرية بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق أم كلثوم، وذلك تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وبإشراف الدكتور أشرف العزازي، الأمين العام للمجلس.
وأدار القاء الشاعر أحمد حسن، والذي قال إننا نحتفي بالذكرى الخمسين لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم، و الاحتفاء بالقيمة لا يكون فقط بإبداء عبارات الإعجاب والاندفاع، وإنما التحية العلمية ورصد الدور الذي لعبته كوكب الشرق هو أمر يستحق الكثير من الأدوار، فهذا عام أم كلثوم بامتياز.
وقدم لكتاب «أم كلثوم الشعر والغناء» للدكتور أحمد يوسف، الحاصل على جائزة الدولة التقديرية، ومنوهًا أن الكتاب طُبع في مركز أبوظبي الثقافي، وهو دراسة علمية توثق لجزء مهم، وهو دور أم كلثوم في الشعر وفي اختيارها لغناء قصائد بعينها.
كتاب «حديقة الأدباء»
وتحدث الدكتور أحمد يوسف عن كتابه قائلًا: «إن السيدة أم كلثوم؛ أو كوكب الشرق، «سيدة الغناء العربي»، هي صاحبة الألقاب الكثيرة، واللافت للنظر أنني حينما كنت أفتش عن أم كلثوم في أضابير الثقافة المصرية وجدت كتابًا بعنوان «حديقة الأدباء» كان منشورًا أوائل الأربعينيات، وهذا العنوان عنوان مجازي اعتمد على أن يتحدث عن كل أديب اختاره بصفته المميزة له، فهذا طاووس وهذا بلبل وهكذا، وعندما جاء إلى أم كلثوم وراح يتحدث عنها سماها «قيثارة الله»، وهذا الكتاب من تأليف الأستاذ طاهر الطناحي، وهو كتاب فريد و يستحق الالتفات إليه، ولكن لماذا التفت الطناحي إلى أم كلثوم؟ عندما فكرت في أم كلثوم فكرت من جانبين؛ السياق الاجتماعي الذي جعل أم كلثوم رائدة من رائدات التنوير.
وتابع: والجانب الثاني هو المهمة التي اضطلعت بها أم كلثوم، والتي وصارت حبة من حبات عقد التنوير الذي ما زلنا ننشده حتى الآن، وفي هذا السياق كان طه حسين ومحمود مختار وأمين الخولي والشيخ مصطفى عبدالرازق، فأم كلثوم لا يمكن أن أتحدث عنها إلا في ظل هذا السياق.
أم كلثوم وقصائد الشعراء الكبار
واستكمل: وأزعم أن المجتمع المصري لم يحقق ما ينشده إلا بإرساء قواعد التنوير، وعلى رأسها الإعلاء من قيمة العقل ومن قيمة الوجدان، ومن هنا كان التفاتي إلى أم كلثوم باعتبارها مفكِّرة في النص الذي تقدمه، متسائلًا: ما النصوص التي تعاملت معها أم كلثوم؟ ومجيبًا أن أم كلثوم تفردت في الطرب لأنها التفتت إلى فكر النهضة، فالنهضة الأدبية اعتمدت على الإحياء والإنشاء؛ إحياء التراث الشعري، ووجدنا ذلك عند البارودي وشوقي، وأم كلثوم صنعت ما صنعه هذان الشاعران في الغناء، فأول من التفتت إليه أم كلثوم من الشعراء الكبار هو شاعر من القرن الثالث الهجري «بكر بن النطاح، ثم الشريف الرضي، ومهيار الدلهمي، وأبو فراس الحمداني»، فحينما أرادت أم كلثوم أن تتجه إلى الغناء باعتباره عملها المفضل رأت أن تغني القصيدة أولًا، فغنت القصائد عند هؤلاء الشعراء، ثم غنت قصائد رشحها لها أستاذها أبو العلا محمد، والذي رافقها طيلة خمس سنوات ثم توفي عام 1927، فهل كانت تغني أم كلثوم القصيدة التي يقدمها لها الشاعر أم التي تختارها هي؟ غنت أم كلثوم لونين من القصائد؛ أحدهما ما كانت تختاره هي، وفي هذا اللون كانت تختار قصائد قديمة لشعراء من التراث، أو لشعراء غادروا العالم، وكانت تختار من القصائد الطويلة نحو ثلاثين بيتًا، وهكذا. فحينما كانت تختار لم تكن تسير على نموذج واحد، وإنما تنوعت القصائد المختارة بين 7 أبيات وثلاثة وثلاثين بيتًا..
قصائدة مغناة
وسأل يوسف: كيف حققت أم كلثوم للنص الذي كانت تختاره؟ ضاربًا المثل برباعيات الخيام، فقد ترجم أحمد رامي رباعيات الخيام في حدود 150 بيتًا، غنت منها أم كلثوم 27 بيتًا، فانصرف ذهن المستمعين إلى أن القصيدة كاملة هي ما غنته أم كلثوم فقط، بسبب التماسك البنيوي للقصيدة المغنَّاة، ولم تغنِّ أم كلثوم لأحمد شوقي سوى بعد وفاته، وغنَّت له تسع قصائد، من كبار قصائده، وكانت أول قصيدة غنتهالـ «شوقي» كانت في تنصيب الملك فاروق ملكًا لمصر عام 1936، وأما القصيدة التي أهداها شوقي إياها فلم تغنِّها سوى عام 1946م.
أم كلثوم صانعة نهضة جديدة
وأضاف «يوسف أن أم كلثوم صنعت نهضة جديدة حينما بعثت شعر شوقي بعد موته، معبرًا عن تلك النهضة بقوله: لا بد أن نفرق بين شوقيات أم كلثوم وشوقيات أحمد شوقي. وتضمَّن اللقاء كذلك قراءات شعرية لعدد من الشعراء، ومنهم: عماد غزالي وعبده المصري، وعمرو البطا، وخالد أبو العلا، وحاتم الأطير.