رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


المهاجرون: سنعبر جدار «ترامب» وإن لم يكن من فوقه فمن تحته

4-3-2017 | 11:05


وكالات

لا يوجد هناك جدار يقسم تيخوانا عن سان دييجو الواقعة في منطقة "إيجلز نست" شمالي المكسيك، ولكن بدلاً من ذلك، ستجد هناك سياجًا معدنيًا يعلوه الصدأ يحمل علامة "خطر" ينتهي هناك فجأة، كما لو أنه لا يعرف إلى أين يذهب بعد هذه النقطة.

وتجعل الشجيرات والصخور من الوصول إلى الأراضي في منطقة نيدو دي لاس اجويلاس مهمة شاقة، وعلاوة على الارتفاع، يبعد هذا الأمر العديد من المهاجرين والمركبات من استخدامها كنقطة عبور إلى داخل الولايات المتحدة، وبالإضافة إلى ذلك، فإن المنطقة تخضع للمراقبة بشكل دائم من قبل حرس الحدود باستخدام المركبات وطائرات الهليكوبتر.

ومن الناحية النظرية، فإن جدارًا خرسانيًا يبلغ ارتفاعه ما بين 10 إلى 20 مترًا، مثل ذلك الذي اقترحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيغلق الحدود بين البلدين، لكن ميجيل رييس، المُرّحل مؤخرًا من الولايات المتحدة تاركًا زوجته وخمسة أبناء في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، يؤكد أن تشييد الجدار "لن يوقف المكسيكيين". وعاش رييس هناك لأكثر من 22 عامًا.

ويقول رييس لوكالة الأنباء الألمانية، "إن لم أستطع القفز من فوق الجدار، سأعبر من تحته". وتم ترحيل رييس في 20 يناير الماضي، ويمزح قائلاً إنه أول شخص قام دونالد ترامب بترحيله، لأن الرئيس الأمريكي الجديد تولى مهام منصبه في ذلك اليوم تحديدًا.

وتعد استماتة المهاجرين المرحلين على العودة إلى أسرهم، واحدة فقط من العوامل التي يتعين على إدارة ترامب أن تأخذها بعين الاعتبار إذا كانت ترغب في الحفاظ على وعدها خلال حملتها الانتخابية بوقف الهجرة غير الشرعية، وخاصة إذا كانت استراتيجيتها الرئيسية هي بناء الجدار.

وتوضح أليخاندرا كاستانيدا، وهي باحثه في مركز "كوليجيو دي لا فرونتيرا نورتي" ومقره تيخوانا، التي تدرس قضايا الحدود، أن "بناء الجدار سيدفع العازمين على الهجرة إلى تحمل مخاطر أكبر بكثير من أجل العبور إلى الولايات المتحدة".

وعلى امتداد الثلث تقريبًا من الحدود البالغ إجمالي طولها 3200 كيلومتر بين المكسيك والولايات المتحدة توجد بعض أشكال الجدران أو الحواجز أو العوائق التي تحول دون أو على الأقل تعيق وصول المهاجرين غير الشرعيين ومهربي المخدرات إلى الولايات المتحدة.

وتوضح كاستانيدا، أن ما يقرب من نصف الحدود تفصلها "حواجز طبيعية" مثل الصحاري والجبال والأنهار، ويمكن أن تعرض وعورة الأرض حياة من يغامرون بعبورها للخطر، مثلما ستتسبب خطط الرئيس ترامب لبناء جدار يريد من المكسيك دفع تكاليفه.

وتقول الباحثة: إن "الوصول إلى تلك المناطق صعب للغاية، حيث سيتوجب عليهم رصف طرق أولاً قبل بناء جدران".

وفي تقريرها الذي يحمل عنوان "بناء جسور أو رفع جدران"، قدرت أن تكلفة بناء كل ميل (1.6 كيلومتر) من الجدار ستتراوح بين 15 إلى 25 مليون دولار، ويشمل هذا تكلفة مواد البناء والعمالة والخدمات اللوجستية المطلوبة للعمل.

وتأتي عقبة أخرى وهي ملكية الأرض، وتوضح كاستانيدا، أنه في أماكن مثل تكساس فإن معظم الأراضي المجاورة للمنطقة الحدودية تعتبر ملكية خاصة. وقبل البناء، سيتوجب على حكومة الولايات المتحدة الذهاب إلى المحكمة لمصادرة تلك الأراضي.

وتقول كاستانيدا: "لقد حاولوا ذلك من قبل، وهي عملية قضائية طويلة ومكلفة".

ويوجد على طول الحدود أراضٍ تابعة للسكان الأمريكيين الأصليين (الهنود الحمر)، الذين يتمتعون بالاستقلالية في أنشطتهم وفي استغلال الموارد الطبيعية، ولكنهم يحتفظون بسيادة محدودة بسبب الأوامر التنفيذية أو القوانين الاتحادية لحكومة الولايات المتحدة.

وتعتبر قبيلة كومايياي واحدة من القبائل التي تملك أراضٍ في كل من المكسيك والولايات المتحدة. ويقول خافيير تشيزينا، أحد أفراد قبيلة كومايياي ويعيش على الجانب المكسيكي، "أراضينا ليس لها حدود. أسلافنا تنقلوا بين الساحل المكسيكي وجبال الولايات المتحدة بحثًا عن الطعام".

ويقول تشيزينا، إن بناء أي جدار سيعتبر هجومًا على أراضي أجدادهم وسيحارب من قبل أفراد القبيلة في كلا البلدين. وتابع: "ألم يكن كافيًا تعيين خط حدودي يقسم عائلاتنا؟ الآن يريدون تشييد جدار ليفرقوا بيننا أكثر؟"، ولم تكن القبائل القديمة هي الوحيدة التي أعربت عن استيائها من اقترح بناء جدار على الحدود، فقد بدأت الجماعات المدافعة عن البيئة على جانبي الحدود بالفعل في الإعراب عن قلقها إزاء الضرر الذي قد يتسبب فيه ذلك للنظام البيئي المشترك.

ويتوقع إدواردو ناخيرا مدير جماعة "كوستا سالفاجي" (وايلد كوست) البيئية، أن أعمال بناء بهذا الحجم سيكون لها تأثير لا يمكن إنكاره على البيئة، حيث سيتطلب ذلك بناء طرق، بالإضافة إلى ملئ وديان وتغيير مسار تيارات مائية.

وبمجرد الانتهاء من البناء، سيتسبب الجدار في إلحاق الضرر بالعديد من الأنواع المحمية من الثدييات والزواحف مثل الغزلان والجاموس والكوجر (الأسد الأمريكي) عبر التضييق على حركتها، وبالتالي الحد من قدرتها على العثور على طعام والتزاوج.

ويقول ناخيرا: يجب أن "ينظروا بعين الاعتبار إلى تلك الآثار، ليس ما يتعلق بالطبيعة فحسب، بل أيضًا ما يتعلق بالمعاهدات الدولية"، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن يتم بناء الجدار في مناطق محمية من قبل حكومتي البلدين في اتفاقيات معترف بها دوليًا.

وعلى الرغم من أن علميات بناء الجدار لم تبدأ بعد ولا تعرف كاستانيدا أي مقترحات أو مشاريع قوانين تم طرحها بعد من أجل البدء في التشييد، إلا أن الإدارة الجديدة بدأت بالفعل في تعزيز قطاعات معينة من الحدود. ففي ولاية كاليفورنيا، تم إضافة سلك إلى السور العالي الذي يبلغ ارتفاعه ستة أمتار والذي يفصل بين شاطئ تيخوانا وسان دييجو.

وبعد أقل من شهر من وضعه، ظهرت فجوة واسعة في السياج الذي يخرج من البحر، عرضها نصف متر تقريبًا وهو ما يسمح بدرجة كافية لمرور أشخاص بالغين. ويقول رييس، متحدثًا من مقعد في ملجأ للمهاجرين في تيخوانا: "حياتنا كلها هناك. يجب أن نعود، بأي طريقة ممكنة".

وبعد دقائق، يودع رييس مجموعة من المهاجرين يحملون حقائب معلقة على أكتافهم، قائلاً: "إنهم ذاهبون إلى الشمال"، ويضيف مبتسمًا: "عندما أكون قادرًا سأذهب أنا أيضًا، ولن يوقفني أحد".