مصر والأردن.. علاقات تاريخية متينة وتنسيق مشترك لدعم القضايا العربية
لعقود من الزمن ربطت مصر والمملكة الأردنية روابط وثيقة، حيث تتميز العلاقات المصرية الأردنية بالتوافق في الرؤى والأهداف، ويحرص قادة مصر والأردن على تعزيز أوجه التعاون والتنسيق المشترك في كل المجالات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وتتطابق وجهات نظر مصر والأردن، بشأن القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية، وخلال الأيام الماضية في ظل التهديدات الخطيرة التي تواجه القضية الفلسطينية وطرح مخططات التهجير وتصفية القضية وإخلاء قطاع غزة من الشعب الفلسطيني، أكدت القاهرة وعمّان رفضهما القاطع لكل مخططات التهجير، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية وتمسكهما بحل الدولتين وفقا لمقررات الشرعية الدولية.
العلاقات المصرية الأردنية
وتضرب العلاقات بينهما بجذورها في التاريخ منذ القدم، وهو ما دلّت عليه الكشوف الأثرية والشواهد التاريخية منذ زمن الفراعنة في مصر والأنباط في الأردن، وفي العصر الحديث، بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والأردن منذ استقلال الأردن عام 1946، وأصبحت الدولتان عضوين مؤسسَين في الجامعة العربيّة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز وعدة منظمات دولية أخرى .
وعلى مر السنوات الماضية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، مقاليد الحكم، عقد العديد من جلسات المباحثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وتتبادل البلدان الزيارات والمباحثات الرسمية باستمرار، حيث زار الملك عبد الله مصر لمرات عديدة كان آخرها في نوفمبر الماضي، حيث التقى بالرئيس السيسي وعقدا جلسة مباحثات استعرضا خلالها جهود البلدين للتواصل مع كافة الأطراف من أجل تقديم الدعم الكامل للأشقاء الفلسطينيين، معربين عن ترحيبهما بالهدنة الإنسانية، ومطالبين بضرورة تحرك المجتمع الدولي لاستغلال الهدنة الحالية لإغاثة أهالي غزة وتخفيف المأساة الإنسانية التي يتعرض لها القطاع.
كذلك يجري الزعيمان مباحثات مستمرة هاتفيا، وكان آخرها قبل أيام، يوم الثلاثاء 4 فبراير، حيث بحث الزعيمان تطورات الأوضاع الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وما يشمله من تبادل لإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين ونفاذ المساعدات الإنسانية إلى أهالى القطاع، حيث أكد الزعيمان في هذا الصدد ضرورة التنفيذ الكامل للاتفاق، وحتمية سرعة إعادة إعمار قطاع غزة.
وأكد الزعيمان أهمية التوصل إلى السلام الدائم في المنطقة القائم على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك كضمان وحيد لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وشددا على ضرورة الأخذ بالموقف العربي الموحد المطالب بالتوصل إلى السلام الدائم في منطقة الشرق الأوسط بما يحقق الاستقرار والرخاء الاقتصادي المنشودين.
جذور تاريخية عميقة
أكد المستشار جمال التهامي، رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة، أن العلاقات بين مصر والأردن، تتسم بجذور تاريخية عميقة ومصالح مشتركة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو التجاري، وتمثل القضية الفلسطينية محورًا أساسيًا في العلاقات والتنسيق والتشاور بين البلدين.
وأشار التهامي في تصريح لبوابة "دار الهلال"، إلى أن التنسيق بين البلدين يعكس عمق التعاون المشترك في مواجهة التحديات الناجمة عن التوغلات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، لاسيما في ظل سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الرامية إلى تهجير الفلسطينيين والسيطرة على قطاع غزة، وهو ما ترفضه مصر والأردن بشكل قاطع.
وأوضح التهامي أن مصر والأردن، بوصفهما الدولتين الجارتين والمواجهتين للمحتل الإسرائيلي، يحرصان على التنسيق الكامل بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله الثاني، بهدف حماية حقوق الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن الحل الوحيد لضمان استقرار المنطقة هو حل الدولتين، مع تأكيد القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وذلك لإرساء السلام في المنطقة العربية.
وأضاف أن أي تلميح إلى ضعف العلاقات بين مصر والأردن يعد بعيدًا عن الواقع، حيث أن التنسيق بين الرئيس السيسي وملك الأردن مستمر ومتين، موضحا أن القمة العربية المقبلة في القاهرة في 27 فبراير الجاري، ستشهد تعزيز هذه الروابط والاتفاقيات في إطار دعم القضية الفلسطينية، التي تمثل قضية العرب الأساسية منذ عام 1948.
وشدد التهامي على أن كل ما يقال عن خلافات غير حقيقية بين مصر والأردن حول القضية الفلسطينية لا أساس له من الصحة، مؤكدًا أن التنسيق بين البلدين قائم بشكل كامل في جميع القضايا التي تمس الأمن القومي المصري والاردني، وأهمها القضية الفلسطينية.
التنسيق المصري الأردني مستمر وقوي
وقال المستشار خالد فؤاد، رئيس حزب الشعب الديمقراطي، إن العلاقات بين مصر والأردن تمتد عبر تاريخ طويل من التعاون المشترك، حيث إن البلدين يشتركان في مواجهة التحديات التي فرضها الكيان الصهيوني منذ بداية المعارك في عام 1948.
وأضاف في تصريحات لبوابة "دار الهلال" أن التنسيق بين المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية ليس محصورًا في الجانب السياسي فقط، بل يمتد أيضًا إلى التنسيق الاقتصادي والاجتماعي، مشيرًا إلى العلاقة المتميزة بين الشعبين، حيث يمكن للمواطن الأردني دخول مصر بدون تأشيرة، وكذلك للمواطن المصري دخول الأردن.
وأوضح فؤاد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وضع القضية الفلسطينية في صدارة اهتماماته وأنها "قضية القضايا"، مؤكدًا أن مصر تعتبر هي البوابة الحقيقية لقيادة الأمة العربية، وتدعو دائمًا للسلام وتتبنى نهجًا دبلوماسيًا من خلال التفاوض والحوار، وأن مصر والمملكة الأردنية الهاشمية هما من الدول الرائدة في تبني عملية السلام في المنطقة.
وفيما يخص القضية الفلسطينية، أكد فؤاد أن التنسيق بين مصر والأردن يساهم بشكل رئيسي في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، موضحًا أن موقف مصر الثابت بشأن القضية الفلسطينية هو دعم إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد المستشار خالد فؤاد على ضرورة التنسيق العربي لمواجهة التهديدات التي تواجه المنطقة في الوقت الحالي، خاصة في ظل الضغوط الكبيرة التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية لصالح إسرائيل، موضحا أن القمة العربية المرتقبة في القاهرة يوم 27 فبراير 2025، ستعقد للتنسيق بين الدول العربية حول القضية الفلسطينية.
وأكد فؤاد أهمية الإعلام العربي في نقل الحقيقة، مشيرًا إلى ضرورة عدم الانجرار وراء الإعلام المضلل الذي يسعى لتقويض الوحدة العربية وخلخلة الموقف العربي الموحد، ودعا إلى الاعتماد على الإعلام العربي في دعم القضية الفلسطينية.
وأكد المستشار فؤاد أن مصر هي الحصن المنيع للقضية الفلسطينية، وأن التنسيق المصري الأردني مستمر وقوي في كافة المجالات، وأن العالم يجب أن يعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.