لعقود من الزمن، جمعت مصر وإسبانيا علاقات تعاون وصداقة تتسم بالعمق وتوافق الرؤى، حيث حرصت البلدان على تعزيز أوجه التعاون والتنسيق المشترك فيما بينهما في العديد من القضايا الثنائية وذات الاهتمام المشترك، خاصة ما يخص منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط، في ظل ما يجمعهما من تفاهم سياسي وتواصل بين المجتمع المدني، وترابط دائم بين شعبي الدولتين الصديقتين.

ويجري الرئيس عبد الفتاح السيسي، زيارة حاليا، إلى إسبانيا، حيث سيجري لقاءات مع جلالة ملك أسبانيا، ورئيس الوزراء، وممثلي بعض من الشركات الأسبانية الكبرى، فضلاً عن مشاركة سيادته في فعالية اقتصادية مع مجتمع الأعمال والشركات الأسبانية، كذلك تتضمن الزيارة توقيع اتفاق ترفيع العلاقات بين مصر وأسبانيا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، إلى جانب توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات التعاون المختلفة.

العلاقات المصرية الإسبانية

تعود العلاقات بين البلدين لعقود طويلة من الزمن، حيث اعترفت مصر بحكومة الجنرال فرانكو عام 1939 بعد رفع توصية الأمم المتحدة بسحب السفراء من مدريد، كذلك عادت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1950 واتخذت العلاقات شكلا مختلفا بعد تأسيس النظام الملكى الإسبانى عام 1975.

تجسيداً لمتانة العلاقات الثنائية واتساع دائرة التشاور والتنسيق السياسى بين الحكومتين فيما يخص القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وقع وزيرا خارجية البلدين على معاهدة الصداقة والتعاون بين مصر وأسبانيا خلال زيارة الملك خوان كارلوس والملكة صوفيا إلى مصر فى الفترة من 4 إلى 6 فبراير 2008، وبما يعتبر بمثابة نقلة تعاقدية وسياسية نوعية فى العلاقات الثنائية وتشكل إطاراً لكافة أوجه العلاقات بين البلدين، وقد انتهى الجانب المصرى من إجراءات التصديق على المعاهدة.

وهناك عدة اتفاقيات التوأمة بين مدن إسبانية ومصرية، حيث ترتبط برشلونة مع القاهرة باتفاقية توأمة منذ 1984، كذلك ترتبط لقنت مع الإسكندرية باتفاقية توأمة منذ 1 ديسمبر 1995.

العلاقات المتبادلة في عهد السيسي

ومنذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم، وحرصت البلدان على تعزيز أوجه التعاون والتشاور، وفي 30 أبريل 2015، زار الرئيس السيسي إسبانيا، والتقى بجلالة الملك فيليب السادس ملك إسبانيا، تم عقد جلسة مباحثات ثنائية تناولت مجمل أوضاع العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها وتعزيزها في كافة المجالات، كما عقد السيسي جلسة مباحثات ثنائية مع رئيس الوزراء الأسباني - حينها - ماريانو راخوي، تم خلال الاجتماع استعراض سبل دفع العلاقات الثنائية بين البلدين من خلال طرح عدد من المبادرات والمقترحات لتفعيل التعاون فيما بينهما .

وفى 17/2/2022 أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي حوار مع بيدرو سانشيز رئيس وزراء اسبانيا، وذلك على هامش انعقاد القمة الأوروبية الإفريقية بالعاصمة البلجيكية بروكسل، بحث الجانبان العلاقات الثنائية ذات الاهتمام المشترك.

فى 1/12/2021 زار بيدرو سانشيز رئيس وزراء إسبانيا مصر للمشاركة فى افتتاح مُنتدى الأعمال المصري الإسباني، التقى به الرئيس عبد الفتاح السيسى بقصر الاتحادية، شهد اللقاء عقد مباحثات ثنائية، أعقبها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، حيث رحب الرئيس برئيس الحكومة الإسبانية، مشيراً إلى ما تعكسه هذه الزيارة من التزام الجانبين باستمرار العمل على توطيد العلاقات القوية بينهما والممتدة عبر ضفتي المتوسط، بحث الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وإسبانيا، حيث تم التوافق في هذا الإطار بشأن إنشاء لجنة وزارية مشتركة تعقد اجتماعاتها بصفة دورية بالتناوب بين البلدين .

وهناك أوجه عديدة للتعاون بينهما، حيث يجري تنفيذ عدد من المشروعات الاقتصادية المشتركة في مجال السكك الحديدية والصناعات الطبية، كذلك تنخرط الشركات الإسبانية في مشروعات النهوض بقطاع النقل المصري، وتتطلع مصر لتوسيع نطاق الشراكة بين البلدين والبناء على هذه التجربة الناجحة في العديد من المجالات الواعدة في مصر كمجالات البنية التحتية، والطاقة المُتجددة والخضراء، والربط الكهربائي.

وفيما يخص القضية الفلسطينية، تتفق البلدان في وجهات النظر بضرورة حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وثمنت مصر قرار إسبانيا الشجاع بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، في مايو الماضي، في ظل هذا الظرف الدقيق الذي تشهده القضية الفلسطينية والذي يُضاف إلى سجل حافل من الدعم الإسباني للقضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن وصول قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى 3.1 مليار دولار في عام 2024، مقارنةً بـ 3.2 مليار دولار في عام 2023.

أما في مجال الاستثمارات، فقد أوضح جهاز الإحصاء أن الاستثمارات الإسبانية في مصر بلغت 123 مليون دولار خلال العام المالي 2023/2024، مقابل 161 مليون دولار في العام المالي 2022/2023. في حين سجلت الاستثمارات المصرية في إسبانيا 61.9 مليون دولار خلال العام المالي 2023/2024، مقارنةً بـ 63 مليون دولار في العام المالي السابق.