بعد عدول ترامب عن تصريحاته.. خبراء لـ"دار الهلال": مصر والأردن تصديا لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية
لم يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من مصر والأردن ما كان ينتظره بشأن طرحه لفكرة تهجير فلسطينيي قطاع غزة، فاضطر للاعتراف برفض الدولتين القاطع لاقتراحه، ثم أكد أنه لن يفرض خطته في هذا السياق.
وتعقيبًا على ذلك، أكد خبراء، أن تصريحات الرئيس الأمريكي بخصوص تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة كانت منعزلة عن الواقع تمامًا، حيث تجهل الصورة بأكملها، وهو ما يتضح من خلال تعجبه من رد الفعل المصري الأردني الذي قوبل به هذا الطرح.
وحذر الخبراء، في أحاديث منفصلة لـ"دار الهلال"، من أن تكون الولايات المتحدة قد استخدمت قطاع غزة كورقة إلهاء عما تبيت إسرائيل للضفة الغربية، التي تتحدث بشكل علني عن ضمها إليها.
وفي اعتقاد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مازال يتمسك برؤيته بشأن تهجير فلسطيني قطاع غزة.
وأضاف الدكتور أيمن الرقب، في حديث لـ"دار الهلال"، أن اعتقاد الرئيس الأمريكي بأن المساعدات التي يقدمها لمصر والأردن كافية لقبولهما ما يريده بتهجير الفلسطينيين، إنما يعكس عدم إدراكه لقيمة الوطن، لأنه في الأصل لا يسكن وطنه الأصلي، فالولايات المتحدة في الأصل بلد الهنود الحمر.
وأوضح أنه بالتالي لا يعلم مدى تمسك الفلسطينيين بوطن الآباء والأجداد، ويتعجب من رفض مصر والأردن لطرح التهجير وتفريغ وتدمير القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن هناك من أثر بشكل سهل على الرئيس الأمريكي خلال الفترة الماضية، موضحًا أن ذلك تم عبر مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير خارجيته ماركو روبيو، الذي صرح بأنهما ينتظرون الرؤية العربية، معلقًا: "عليهم ألا يستعجلوا، فهناك رؤية عربية ستقدم لهم بعد القمة الطارئة المقررة في الرابع من مارس الجاري".
واعتبر "الرقب" أن كل تصريحات ترامب التي بدأها بشأن غزة منذ ديسمبر الماضي تستهدف أمرين: تعجيل صفقة تبادل الأسرى، ولفت الأنظار إلى غزة والهدف هو الضفة الغربية.
وأعرب عن مخاوفه من أن تتحول الأمور إلى أن يكون قطاع غزة مقابل الضفة الغربية.
الموقف المصري الأردني كان حازمًا
ومن جانبه، قال اللواء أركان حرب الدكتور سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يظن أن الدعم الذي تقدمه بلاده لمصر والأردن، هو بوابة تُنفذ من خلالها تهجير فلسطينيي قطاع غزة.
وأكد اللواء أركان حرب الدكتور سمير فرج، في حديث لـ"دار الهلال"، أن الرفض القاطع الذي قوبل به المقترح الأمريكي من قبل مصر والأردن، لم يكن في تصور الولايات المتحدة، ولذا كانت النتيجة تصريحات ترامب الأخيرة.
وأوضح الخبير الاستراتيجي أن تصريحات البلدين، كانت مفادها للولايات المتحدة، أن الدعم المقدم لهما من قبلها ليس بالشكل المهم لهما.
وشدد فرج على أن تصريحات "ترامب" لا تعني بالضرورة العدول عن موقفه بشأن القضية الفلسطينية، وذلك بناءً على تصريح له، قال فيه إن "إسرائيل صغيرة جدًا"، وبالتالي، فإن من الوارد أن يتوجه للضفة الغربية لتوسيعها.
موقف يرتكز على ثوابت راسخة
بدوره، أكد اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق والخبير الاستراتيجي، أن مصر قادرة على مواجهة مخطط التهجير وإفشاله، وذلك لأن لدى الولايات المتحدة مصالح لدينا، فمصر هي "مفصل الحركة" ليس فقط للولايات المتحدة، بل للعالم بأكمله، مؤكدًا أن حسابات الدول الكبرى توجب عليها الحفاظ على مصالحها مع مصر.
وأوضح اللواء محمد الغباري، في حديث لـ"دار الهلال"، أن الدور المصري الداعم للقضية الفلسطينية يرتكز على ثوابت راسخة، بما فيها رفض تهجير الفلسطينيين، لأن ذلك يعني تصفية القضية الفلسطينية، أما الحديث الذي يدور بأن التهجير بشكل مؤقت فيأتي في سياق الخداع فقط لأكثر.
الغباري شدد كذلك على أهمية القمة العربية الطارئة المقرر عقدها في مصر في الرابع من مارس الحالي.
وأضاف أن أهمية القمة تكمن في أنها تأتي بغرض التباحث في كيفية مواجهة مخطط تهجير الفلسطينيين الذي طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأكد الغباري، أن اجتماع الدول العربية على قرار في هذا الإطار قادر على إفشال هذا المخطط، وذلك نظرًا لأن الولايات المتحدة حريصة على الحفاظ على مصالحها في المنطقة.
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاستراتيجي، إن القمة العربية ستجتمع لأخذ قرار برفض تهجير الفلسطينيين، أما في مصر، فقد تم اتخاذ قرارنا منذ اللحظة الأولى، فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، لم تمضِ إلا أيام معدودة حتى حذرنا من مخطط يستهدف تصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير الفلسطينيين، وأكدنا أننا لن نقبل بأن يكون حل القضية الفلسطينية على حساب الأراضي المصرية.
"ولذلك، فإن الأمر بالنسبة لمصر منتهي، أي شخص سيتفاوض معنا بخصوص هذا الأمر يعلم قرارنا مسبقًا، وهو رفض تهجير الفلسطينيين أو أن يتم حل القضية على حساب أرضنا"، حسبما قال الغباري، وكشف أن زيارة وزير الخارجية بدر عبد العاطي الأخيرة إلى "واشنطن" جاءت لعرض الخطة المصرية بشأن إعادة إعمار قطاع غزة.