الحرب تقف على مشارف عامها الرابع.. هل تفلح الاستراتيجية الأمريكية في إنهاء الأزمة الروسية الأوكرانية؟
دون استراتيجية واضحة، يمضي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قدمًا في تحركاته الرامية لإنهاء الحرب في أوكرانيا التي تدخل عامها الرابع، حتى لو كان ذلك على حساب الحليفة التي قدمت لها بلاده عشرات المليارات من الدولارات.
وبينما تسود حالة من التوتر بين الرئيس الأمريكي ونظيره الأوكراني، يعتزم الأول العمل على إنهاء الصراع في أوكرانيا، بما في ذلك من خلال العمل الفعال في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ودون حضور أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين، عقدت الثلاثاء الماضي جولة من المباحثات بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وروسيا من جهة أخرى، على أمل إنهاء الحرب الروسية ضد "كييف".
توافق الجانبان فيها على تشكيل لجان رفيعة المستوى لإجراء مفاوضات سلام تعمل في هذا الصدد.
الرئيس الأمريكي اعتبر أنه لا أهمية كبيرة في مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا، الرامية لإنهاء الحرب. وفي تحول جذري في السياسة الأمريكية، أعرب ترامب عن اعتقاده أن روسيا ليست المسؤولة عن بدء الحرب، التي ما كان لها أن تستمر كل هذه المدة لو كان الرئيس الأوكراني قد قام بدوره الصحيح.
ماذا يحدث؟
وفي قراءته للمشهد، يقول الدكتور نبيل رشوان، الخبير في الشأن الروسي، إنه حتى الآن لم تقم مفاوضات فعلية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا.
ويوضح الدكتور نبيل رشوان، في حديث لـ"دار الهلال"، أن ما شهدته مباحثات الرياض، الثلاثاء الماضي، يدور بشكل رئيسي حول تطبيع العلاقات بين البلدين مرة أخرى، بما يحقق عودة الدبلوماسيين والشركات التي خرجت من الأسواق.
وكشف أن سبب غضب أوكرانيا من هذا الاجتماع يرجع إلى اعتقادها أن المباحثات كانت تدور حول إنهاء الحرب، لكن ذلك غير صحيح، لأن ذلك لا يمكن أن يتم إلا بدونها.
وأضاف الخبير السياسي، أن ما يهم الولايات المتحدة في الوقت الحالي هو أن تحصل على مقابل ما قدمته لـ"كييف" من دعم طوال الحرب، وذلك عبر حصولها منها على معادن أرضية نادرة، مثل "التيتانيوم" و"الزركونيوم".
المطلب الأمريكي هذا يتعارض مع ظروف أوكرانيا، ففي حال إنهاء الحرب ستكون في حاجة إلى تنفيذ إعادة إعمار للبلاد، فضلًا عن بناء قوات مسلحة، فهي تريد أن تستثمر مواردها في هذا الإطار، حسبما قال "رشوان"، الذي أوضح أن هذا محور الخلاف بين البلدين في الوقت الراهن.
وفي تقديره، أن الولايات المتحدة وأوكرانيا قادرتان على تجاوز هذه الأزمة، وذلك نظرًا لأن الأخيرة لا تمتلك أي حلول أخرى.
وبخصوص الموقف الأوروبي، يشير رشوان، إلى أن المشهد الحالي لا يحظى بالقبول لديه، وذلك لأنه لم يحضر مباحثات "الرياض"، وفي المقابل، نجد أن هذا ما تريده روسيا، حيث إنها تعتقد أنهم أحد أسباب استمرار الحرب، وذلك نظرًا لدعمهم أوكرانيا.
وبناءً عليه، يرى أن اللجنة التي تم التوافق عليها من قبل الولايات المتحدة وروسيا لإنهاء الحرب على أوكرانيا ستبدأ عملها فعليًا بعد عودة العلاقات بين البلدين.
وأوضح أنه لا سبيل لإنهاء الحرب دون حضور أوكرانيا، وهذا ما تؤكد الولايات المتحدة، حيث قالت وزارة خارجيتها مؤخرًا: "لا أحد سيفرض حلًا على أوكرانيا"، بمعنى أن المبدأ الذي أرساه الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ما زال قائمًا، وفقًا له.
ولذلك، يقول إن تصريح الرئيس دونالد ترامب بخصوص أنه لا أهمية لمشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مفاوضات وقف الحرب يأتي في التلاسن الحاصل بينهما فقط، لا أكثر.
وجدد تأكيده على أنه لا يمكن أن يحدد مصير بلد بحجم أوكرانيا دون وجود ممثل لها، فلا سبيل لإنهاء الحرب دونها.
وتشن روسيا منذ فبراير 2022، هجومًا عسكريًا على جارتها أوكرانيا تشترط لإنهائه تخلي "كييف" عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما اعتبرته تدخلًا في شؤونها.