فرانسيس.. بابا السلام والانسانية
يعد البابا فرانسيس من أبرز المدافعين عن السلام والعدالة على الساحة الدولية، حيث أبدى اهتمامًا خاصًا بالقضية الفلسطينية، اشتهر بمواقفه الإنسانية ودعواته المتكررة لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط من خلال الحوار والتفاهم المتبادل.
قام البابا بزيارة الأراضي المقدسة عام 2014، وأظهر تعاطفه العميق مع معاناة الشعب الفلسطيني، في لفتة رمزية لا تُنسى، حيث توقّف للصلاة أمام الجدار الفاصل في بيت لحم، معبّرًا عن رفضه لكل أشكال العنف والتفرقة، لم تكن هذه الزيارة مجرد حدث بروتوكولي، بل كانت رسالة واضحة للعالم بأن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال العدالة واحترام حقوق الإنسان.
دعا البابا فرانسيس في خطبه المتكررة، إلى ضرورة تحقيق حلّ الدولتين الذي يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام، مشددًا على أن القدس يجب أن تكون مدينة مفتوحة لكل الأديان، ومكانًا للتعايش السلمي، وأكد مرارًا على أهمية احترام الكرامة الإنسانية وحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقهم في تقرير المصير والعيش بحرية وكرامة.
كما أكد فرانسيس بابا الفاتيكان خلال افتتاحه لقمة حول حقوق الأطفال، أنه غير مقبول أن يكون الأطفال ضحايا للحرب والفقر والهجرة، وقال "كيف يمكن أن تنتهي حياة طفل بهذا الشكل؟ هذا غير مقبول .. حرمان الأطفال هو صرخة صامتة تدين ظلم النظام الاقتصادي، وجرائم الحروب، ونقص العلاج الطبي والتعليم".
وشدد البابا قائلا: "نحن هنا اليوم لقول إننا لا نريد أن يصبح هذا الوضع الطبيعي الجديد، لا يمكننا قبول الاعتياد على هذا الوضع".
كما سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية، الضوء على دعوة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان لإجراء تحقيق فيما يمكن وصفه بأنه "إبادة جماعية" ترتكبها القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن تلك الدعوة من جانب البابا فرانسيس بالتحقيق في ارتكاب "جرائم حرب" في غزة تشي بزيادة وعي المجتمع الدولي بالممارسات التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة منذ نشوب الحرب هناك في أكتوبر من العام الماضي، لافتة إلى أن تلك الدعوة تأتي في أعقاب قيام القوات الإسرائيلية بشن غارة جوية مستهدفة مبنى سكنيا في شمال غزة، مما تسبب في مقتل 30 شخصا.
وأضافت الصحيفة أن البابا فرانسيس طالب في دعوته بالتحقق ما إذا كان ثمة مجازر جماعية ترتكب في غزة تحت غطاء الحرب هناك، بالإضافة إلى إخضاع المسئول عن تلك المجازر للمحاسبة، موضحة أن ارتفاع أعداد القتلى جراء القصف الإسرائيلي والتي وصلت إلى ما يربو على 44 ألف شخص تؤكد أهمية تلك الدعوة من أجل محاسبة المسئول عن سقوط كل هؤلاء الضحايا.
ونوهت إلى أن البابا فرانسيس طالما أدان من قبل الحرب التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يطالب فيها بفتح تحقيق فيما يحدث في غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي.
لم يكتفى بذلك بل جدد البابا فرانسيس، مطالباته بتحقيق وقف إطلاق النار في غزة وضمان دخول المساعدات والإفراج السريع عن الرهائن.
ولم ينسى البابا الفلسطنين وما يعانوه في قطاع غزة، حيث قال في كلمته بمناسبة عيد الفصح، إن طرفي الحرب في أوكرانيا يجب أن ينخرطا في تبادل للسجناء، مطالبا أيضا بمساعدة من يعانون من نقص الغذاء وأضرار تغير المناخ ووقف تهريب البشر.
ويعكس دعم البابا فرانسيس للقضية الفلسطينية رؤيته الأوسع للسلام العالمي، إذ يرى أن العدالة هي أساس السلام، ويؤمن بضرورة بناء جسور التواصل بدلاً من الجدران الفاصلة، مشددًا على أن الحوار هو الطريق الأمثل لحلّ النزاعات.
من خلال مواقفه الثابتة ومبادرته الشجاعة، نجح البابا فرانسيس في تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني ودعوة العالم للتحرك من أجل إنهاء هذا الصراع المستمر. وفي عالم مضطرب، يبقى صوته صوتًا للسلام والعدل، ملهمًا للملايين حول العالم للعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.