رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ديوان العرب| لِمَنِ الدارُ مِثلُ خَطِّ الكِتابِ..قصيدة عدي بن الرقاع

28-2-2025 | 11:23


عدي بن الرقاع

فاطمة الزهراء حمدي

تُعد قصيدة «لِمَنِ الدارُ مِثلُ خَطِّ الكِتابِ» للشاعر عدي بن الرقاع، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم. 

يُعَد «عدي بن الرقاع» شاعر كبير، من أهل دمشق، يكنى أبا داود. كان معاصراً لجرير، مهاجياً له، مقدماً عند بني أمية، مدّاحاً لهم. 

وتعتبر قصيدته «لِمَنِ الدارُ مِثلُ خَطِّ الكِتابِ» من أبرز ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على بيتًا، علاوة على تميز أسلوب وقصائد عدي بن الرقاع بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.

نص قصيدة «لِمَنِ الدارُ مِثلُ خَطِّ الكِتابِ»:

لِمَنِ الدارُ مِثلُ خَطِّ الكِتابِ

بِالمَراقيدِ أَو بِذِكرِ العُقابِ

جَرَتِ الريحُ فَوقَها مُذلَعِبّاً

مِن إِهابِيَّ تَرتَمي بِالتُرابِ

لَيتَ لي جيرَةً كَآلِ خُلَيدٍ

حَسبي الَّذي ماتِعي الأَحسابِ

بَذَلوا الماءَ يَومَ جِئنا وَحَيّوا

وَسَقَونا عَلى مَناقي الرِكابِ

ظاهِرو الأُنسِ وَالعَفافِ إِذا

ما لُّزَّ بَينَ البُيوتِ بِالأَطنابِ

وَرَأَيتُ الدُخانَ يَنسِلُ قُدماً

نَسَلَ الذيبِ مِن وَراءِ الحِجابِ

عادَ لِلقَلبِ مِن رُوَيمَةَ رَدُّ

بَعدَ صَرمٍ مُبَيَّنٍ وَاِجتِنابِ

وَسَبَتهُ بِناصِعِ اللَونِ حُرٍّ

وَثَنايا مُفَلَّجاتٍ وَاِجتِنابِ

دُميَةٌ شافَها رِجالٌ نَصارى

يَومَ فَقحٍ بِماءِ كَنزٍ مُذابِ

أَو مَهاةٌ تَبَلَّجَ اللَيلُ عَنها

بِاللَوى بِينَ عالِجٍ فَالجَنابِ

وَإِذا الناشِئُ الرِفَلُّ رَآها

لَجَّ مِن ذاتِ نَفسِهِ في التَصابي

بَيَّتَتنا تَزورُ صَرعى نُعاسٍ

عَرَّسوا مَوهِناً بِأَرضِ يَبابِ

فَتَرى الغِرَّ بِالمَناكِبِ يَكبو

شَهوَةَ النَومِ كَالأَميمِ المُصابِ

هُجَّداً فاتِري العُيونِ تَراهُم

كَالثَمالى وَما اِنتَشَوا مِن شَرابِ

راعَهُم بَعدَ رَقدَةٍ رَقَدوها

دَعوَةٌ مِن صَمَحمَحٍ غَيرِ كابِ

قَد فَشا في مُضمَرِ الغِسلِ مِنهُ

وَضَحُ الشيبِ بَعدَ غَضِّ الشَبابِ

قَد دَعاهُم حَتّى تَغَلَّلَ لَأياً

صَوتُهُ مِن رُؤوسِهِم في النِقابِ

مائِلاً رَأسُهُ نُعاساً يُنادي

ثُمَّ يَعيا لِسانُهُ بِالجَوابِ

عَشِقَ الكَرَمَةَ الَّتي اَستَنكَحَتهُ

فَهوَ يُنصى بِرَأسِهِ وَهوَ آبِ

فَاِتَقوا ظاهِرَ الحَصا بِرِحالٍ

مُثبَتاتٍ عَلى ظُهورِ الرِكابِ

فَتَحَزحَزنَ إِذ سَمِعنَ وَغانا

جَزَعاً أَو تَيَسُّراً لِلهِبابِ

ضامِراتٍ عَلى ذَخائِرَ كَانَت

جَرَّةً يَأنَدِمنَها بِاللُعابِ

يَبتَدِرنَ القِيامَ يَجمُزنَ قُدماً

ثانِياتٍ وَهُنَّ غَيرُ صِعابِ

قَد شَهِدتُ الجِيادَ يَخرُجنَ فَوتاً

مِن غُبارٍ مُجَلَّلٍ مُنجابِ

ساطِعٍ يَصطَنِعنَ مِنهُ ذُيولاً

كَمُلاءِ العِراقِ ذي الهَدّابِ

ضَرَبَتهُ الرِياحُ فَاِغتَصَبَتهُ

جِلدَ الأَرضِ وَقعُ صُمَّ صَلابِ

جنِحاتٍ كَأَنَّهُنَّ رِجالٌ

مُستَغيرونَ طارِحو الأَسلابِ

فَوقَهُنَّ المُستَلئِمونَ قُعوداً

يَستَحِثّونَهُنَّ بِالأَحقابِ

بَينَ أَيدي عَرَمرَمٍ ذي دُروءٍ

جَحفَلٍ فيهِ رايَةٌ كَالعُقابِ

تَحتَها وَاحِدٌ وَعِشرونَ كَعاباً

رُدَنِيّاً وَمُذلَقٌ كَالشِهابِ

وَكُماةٌ كَسَتهُمُ الحَربُ بَيضاً

وَسَرابيلُ كُسِّرَت لِلضِرابِ

مِن بَني قاسِطٍ وَأَبناءِ زُهدٍ

ذانَكَ المَخلَبانِ ظُفري وَنابي

طَوَت طَلَّتي إِلى أَرضِ قَومي

وَشَجاها تَقَلُّبي وَاِغتِرابي

بَعدَما حَرَّتِ المِياهُ وَقِظنا

وَالمُنى لَيسَ مِن أُمورِ الصَوابِ

لَو تَقَدَّمتِ أَمسِ كَنتِ شَفيعاً

وَتَأَخَّرتِ أَشهُراً في العِتابِ

سَوفَ يَكفيكَ بَعدَهُم إِذ نَأَونا

سَنِماتٌ قَناعِسٌ كَالهِضابِ

طَرَفاتٌ إِذا اِستَبَحنَ مَكاناً

صاحَ فيهِنَّ يافِعٌ كَالغُرابِ

حَبَشِيٌّ يُلاعِبُ السَقبَ مِنها

فَرَحاً أَن يَعَضَّهُ بِالثِيابِ

يَمتَطي كُلِّ صَعبَةٍ وَذَلولٍ

سَمِنٌ خالِدٌ عَلى الأَصلابِ

فَتَراهُنَّ بُدَّناً رَهِلاتٍ

وارِماتِ الشُطوطِ غُلبَ الرِقابِ

فَرَعَت شابِكاً فَبَطنَ شُهَيبٍ

حَيثُ مَجَّ الرَبيعُ ماءَ السَحابِ

وَإِذا بَرَكَت تَلَجلَجَ مِنها

سُرَرٌ يَقتَحِمنَ حُرَّ التُرابِ

في دِيارِ العَزيزِ مِن أَرضِ كَلبٍ

بَينَ أَحياءِ عامِرٍ وَجَنابِ