رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أمثال شعبية| يحسدوا الأعمى على كبر عيونه (30 – 2)

2-3-2025 | 03:32


أمثال شعبية

بيمن خليل

تُعدّ الثقافة الشعبية من المداخل الأساسية لدراسة الشعوب، حيث تعكس الجوانب النفسية والعاطفية في حياة المجتمعات، وتعتبر الأمثال الشعبية أحد أبرز عناصر هذه الثقافة، إذ تمثل حجر الزاوية لفهم الشعوب.

والمثل هو حكمة تتجسد في كلمات مسجوعة أو غير مسجوعة، تنطوي على رمز يحمل نقدًا أو علاجًا لأحد جوانب الحياة المتنوعة. والحكمة في جوهرها قديمة، هي نتاج الروح وثمار تجربتها، تتشكل من نعم الحياة وابتلاءاتها، نادرًا ما تخلو أمة أو قبيلة من قول الحكمة في أمثال تتداولها، وقد تتجاوز هذه الأمثال حدودها إلى أمم أخرى، إذ إن النفوس البشرية، رغم اختلاف درجات تطورها، تشترك في العديد من جوانب الحياة، وقد تتسم هذه الحكمة بالرقي، لتصبح جزءًا من ثقافة الأمة ومعرفتها العميقة، ويعكس ذلك مستوى تطور الأمة ونضوجها.

خلال أيام شهر رمضان المبارك، نعرض معًا مجموعة من الأمثال الشعبية المصرية التي تناولت موضوعات حياتية يومية متنوعة.

واليوم نناقش الأمثال التي تدور حول الحسد

  • "عضة أسد ولا نظرة حسد"

هذا مثل شعبي يعبر عن تفضيل البعض أن يتعرضوا لعضة أسد، المعروف بكونه حيوانًا مفترسًا، على أن يصابوا بنظرة حسد، والتي تعد أكثر تأثيرًا وألمًا في الحياة.

  • "دارى على شمعتك تقيد"

يعتبر هذا مثلًا شعبيًا يعكس سعي بعض الأشخاص لإخفاء نعمهم أو إنجازاتهم، مثل الترقية في العمل أو إنجاب الأطفال أو شراء شيء جديد، حتى تبقى هذه النعم محفوظة ولا تُفقد.

  • "عين الحسود فيها عود"

يشير هذا المثل إلى تأثير الحسد على الشخص الآخر، حيث شبه الحسد بعود طويل يظل يؤثر في حياة من يحسده.

  • "حسدوا الفقيرة على الحصيرة"

يُعبّر هذا المثل عن أن الحسد لا يميز بين طبقات المجتمع، بل قد يصل إلى الفقراء أيضًا، مما يعكس مدى عمق وتأثير هذه الظاهرة في مختلف الفئات.

  • "ما يحسد المال إلا أصحابه"

هذا مثل شعبي يعبر عن أن الشخص الذي يمتلك المال هو أول من يحسد نفسه عليه، في إشارة إلى أن بعض الأشخاص ينشغلون بالحسد حتى في ممتلكاتهم الخاصة.

  • "يحسدوا الأعمى على كبر عيونه"

يُستخدم هذا المثل للتعبير عن أن الحسد قد يصل إلى حد المبالغة، حتى في حالات غير منطقية، مثل الحسد على شيء لا يمتلكه الشخص بالفعل، كما في الحسد على كبر عين الأعمى.

ومن أبرز الأمم التي اشتهرت بهذه الحكمة هي الأمة اليونانية، التي غلبت عليها ثقافة الحكمة التي خلدت في حكمائها عبر العصور.

الحكمة هي وحي الروح وسكينتها، وتحررها من نزوات الهوى والشهوات. إنها عدالة النفس وتقواها.

وقد تجلت الحكمة في الأمة العربية قبل الإسلام، حيث كانت سائدة في الصحراء، وأخذت شكلًا بسيطًا وجميلًا يعكس الخيال الساذج للبدو تحت الكواكب ليلاً وفي شمس الصحراء نهارًا. كان هؤلاء البدو يعبرون عن حكمتهم في شعر موزون وفي نثر بليغ، سواء كان مسجوعًا أو غير مسجوع.

ثم جاء الإسلام ليُقدّم الحكمة الكبرى من خلال آيات القرآن الكريم، التي كان ينزل بها جبريل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ليعلم بها الناس قوانين دينهم ودنياهم، مما رفع الأمة العربية إلى أعلى درجات العز والرفاهية والعدل.

وكثر شعراء الحكمة وكتّابها في الإسلام، وازدادت الأمثال الشعبية المتداولة، فاز شعراؤها وكتّابها بالخلود، وأصبحت هذه الأمثال من أسمى آداب الأدب العربي، فالمتنبي وأبو العلاء المعري وغيرهما كانوا من رواد الحكمة في الشعر العربي، بينما كان بشار بن برد ومروان بن أبي حفصة شعراء لا يتسمون بالحكمة بقدر ما كانوا شعراء مجردين.

انتقلت الحكمة إلى شمال أفريقيا من العرب والأمم الأخرى التي استوطنت المنطقة، فتلقفها أهلها وعبّروا عنها في أمثال، مما أسفر عن مزيج لغوي رائع من الرطانة المحلية.

وقد حظيت مصر بنصيب كبير من هذه الأمثال، التي تتميز بنكهة خاصة وأسلوب فني متقن، لتصبح الأمثال المصرية جزءًا من ثقافة الشعوب الشرقية، تارة لِما فيها من حكمة وصواب، وتارة أخرى لفكاهتها وطرافتها. وقد تأثر الشرق العربي بهذا الأدب المصري المحلي، فاستمتع به وتقبله بحب وشغف، ولفتت هذه الأمثال إلى التشابه الكبير بينها وبين أمثال البلدان الأخرى، رغم اختلاف اللهجات الإقليمية.