رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مساجد حول العالم (1_ 30)| بيت الله الحرام .. مهد التوحيد وملتقى الحجيج

1-3-2025 | 15:22


بيت الله الحرام

همت مصطفى

في كل زاوية من زوايا الأرض، قامت صروح شاهقة تنطق بالجلال، وتعكس نور الإيمان، وتُردد أصداء التكبير والتهليل. إنها المساجد والجوامع، بيوت الله التي جمعت القلوب، ووحدت الصفوف، واحتضنت أرواحًا وجدت فيها السكينة والطمأنينة.

وفي هذا الشهر المبارك، شهر رمضان، حيث تصفو الأرواح وتسمو النفوس، نأخذكم في رحلة روحانية عبر الزمان والمكان، لنطوف بكم حول أجمل وأعظم الجوامع والمساجد في العالم، من قلب الحرمين الشريفين، إلى مآذن الأندلس الشامخة، ومن سحر مساجد إسطنبول العتيقة إلى عبق التاريخ في مساجد المغرب العربي، سنعيش معًا حكاياتٍ من الجمال المعماري، والتاريخ العريق، والمواقف الإيمانية الخالدة.

 وعبر بوابة «دار الهلال» خلال أيام شهر رمضان الكريم، لعام 1664 هجريًا / مارس 2025 ميلادي، نستعرض معكم أحد أشهر المساجد، والجوامع التاريخية في دول العالم الإسلامي، والدول العربية، حيث يجتمع الفن والهندسة والإيمان في لوحات تأسر القلوب، وتروي قصصًا من العظمة والروحانية، في ليالي رمضان المباركة.

ونتناول اليوم.. المسجد الحرام..  بيت الله الحرام (1_ 30)

المسجد الحرام هو أول وأعظم مسجد في الإسلام،  ويقع في قلب مدينة مكة غرب المملكة العربية السعودية وتتوسطه الكعبة المشرفة التي هو أول بناء وضع على وجه الأرض، وهذه هي أعظم وأقدس بقعة على وجه الأرض عند المسلمين، والمسجد الحرام هو قبلة المسلمين في صلاتهم.

وقال تعالى: {إِنَّ أَوَّل بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لِلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمَيْنِ} (آل عمران: آية 96).

أول المساجد الثلاثة
والمسجد الحرام،  هو أول المساجد الثلاثة التي تُشد لها الرحال، فقد قال النبي  محمد : لا تُشَدّ اَلرِّحَال إِلَّا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى.

 قبلة المسلمين 

والمسجد الحرام قبلة المسلمين جميعًا، إليه يتجهون في صلواتهم أينما كانوا، قال الله تعالى: { قَدْ نَرَى تَقَلُّب وَجْهِكَ فِي اَلسَّمَاء فَلَنُولِّينَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرام } (البقرة:144).

وحج هذا البيت واجب على كل مسلم مرة واحدة في العمر، إذا كان قادرًا.

 

ويقول تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حَجّ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} (آل عمران: 97). كما يُسَنّ للمسلم أن يزوره معتمراً كل عام إن استطاع، وقد خص الله تعالى هذا البيت بخصائص كثيرة؛ منها أنه جعله مثابة للناس؛ أي يثوبون إليه ثم يرجعون.

ويقول الإمام ابن كثير: إن الله تعالى يذكر شرف البيت، وما جعله موصوفاً به شرعاً وقدراً من كونه مثابة للناس، أي جعله محلًا تشتاق إليه الأرواح وتحن إليه، ولا تقضي منه وطرًا، ولو ترددت إليه كل عام، استجابة من الله تعالى لدعوة خليله إبراهيم عليه السلام، في قوله تعالى: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنَّاس تَهْوِي إِلَيْهِم } (إبراهيم:37).

حرم مكة

ومن خصائصه الأمن في ربوع المسجد الحرام،  للناس والطير والحيوان، فصيده وقطع شجره حرام مطلقًا على الناس، وكذلك القتال، وتغلّظ الدّية على من قتل غيره خطأً في حرم مكة، وهي منةٌ عظيمة امتنَّ الله تعالى بها على أهل الحرم، وذكَّرهم بها كثيراً في كتابه العزيز، في أكثر من آية، منها قوله تعالى:

 

{وإذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَاَبةً لِلنَّاسِ وأَمنْا} (البقرة:125). وقوله سبحانه: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمناً } (آل عمران:97) وقوله عز وجل:{ وقَالُوا إِنْ نَتبِّعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أرْضِنَا أوَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَئٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا } (القصص:57).

وهذا البيت هو موضع تعظيم المسلمين وتقديسهم جميعا، وأكبر سلاطين الإسلام وملوكهم يفخرون بأنهم خُدّامه، وأول من حَمَل لقب خادم الحرمين الشريفين، المسجد الحرام بمكة ومسجد الرسول بالمدينة، السلطان العثماني سليم الثاني (974-982هـ/ 1566-1574م)، فلمّا امتد سلطانه السياسي إلى الحجاز، خاطبه الناس بحامي الحرمين، لكنه رفض ذلك، وقال: «إن حاميها هو الله عز شأنه، وأما أنا فخادم الحرمين الشريفين»،  وأحب الألقاب إلى الملوك السعوديين لقب خادم الحرمين الشريفين.