فتاوى رمضان.. هل الإفطار على الأشياء المنقوعة باللبن أو الماء محرم؟
كشف الأزهر الشريف عن الحكم الشرعي في إفطار الصائم على الأشياء المنقوعة في الماء أو اللبن، وهي من الأمور التي درج عليها المسلمون في مختلف الأقطار الإسلامية.
فتاوى رمضان
رد الأزهر الشريف على من يقول إن إفطار الصائم على أشياء منقوعة باللبن أو الماء محرم، حيث أوضح أن ما اعتاده الصائمون من خلط التمر والزبيب في اللبن أو الماء ليفطروا عليه عند سماع النداء لصلاة المغرب ليس أمرًا محرمًا.
وتابع: "من قال إنه محرم فليس عنده علم بالأحكام الشرعية، زاعمًا فيما قال أن السنة النبوية نهت عن الشراب الذي فيه خليطين أو أكثر!"، مؤكدًا أن من قال بذلك فقد حرم على الناس ما أحله الشرع لهم.
وأوضح أن في السنة النبوية نفسها ما يدحض هذا الكلام، حيث روى الطبراني في (المعجم الأوسط) وكذا أبو داود وابن ماجة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: "كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سِقَاءِ، فَنَأْخُذُ قَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ قَبْضَةً مِنْ زَبِيبٍ، فَنَطْرَحُهَا فِيهِ، ثُمَّ نَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَنَنْبِذُهُ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً، وَنَنْبِذْهُ عَشِيَّةً فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً"، وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: "نَهَارًا فَيَشْرَبُهُ لَيْلًا، أَوْ لَيْلًا فَيَشْرَبُهُ نَهَارًا".
وبيّن أنه لما كانت مدة الخلط قريبة، وهي يوم أو ليلة، لا يتوهم الإسكار فيها، لم يكن ذلك حرامًا ولا مكروهًا، وإلا ما فعل هذا في بيت النبوة، ولنهى عنه الله، لكنه لم ينه عنه وشربه؛ فدل ذلك على حله.
أما أحاديث النهي عن شرب الخليطين فإنها محمولة على ما إذا طالت مدة النقع فكانت يومين أو ثلاثة بحيث يحتمل أن يتوقع منه الإسكار، كما قال الأزهر.
حكمة مشروعية الصيام
وحول حكمة مشروعية الصيام، يوضح الأزهر الشريف، أن معرفة الحكمة لحكم من الأحكام تضاعف الرغبة في الخضوع له، والأخذ به والعمل بمقتضاه، فمما هو مركوز في فطرة الإنسان أن توقع المنفعة في عمل من الأعمال يسارع بالمكلف إلى تحصيله والقيام به، كما أن توقع المضرة فيه يسارع به إلى اجتنابه والابتعاد عنه.
وفي ضوء هذا، يحسن أن نحاول معرفة الحكمة المقصودة للشارع من شرع الصيام بقدر ما يتسع له الجهد وتبلغه الطاقة، وذلك مع أن المؤمن يجب عليه أن يتلقى أوامر الله بالقبول، ولو لم يعرف الحكمة منها؛ لأنه على يقين بأنه الحكيم الخبير لم يُفرض على عباده شيئًا إلا لمصلحتهم، كما يذكر الأزهر الشريف.
ويشير إلى أنه لا ريب أن الصوم ينطوي على حكم بالغة ومنافع جمة وفوائد متعددة، وقد طواها القرآن الكريم في قوله: «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»، وهي للغني والفقير، والأمير والغفير، حيث إن من صام صومًا حقيقيًّا أثمر صومه ثمرة التقوى، وعليه تبرز مشروعية الصوم في النقاط التالية:
- رمضان شهر مبارك الثمرات، ميمون الغدوات والروحات؛ ففي الحديث القدسي: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ...».
- الصوم سر ليس فيه عمل يُشاهد، وجميع أعمال الطاعات بمشهد من الخلق، ومَرَأى، فالصوم لا يطلع عليه إلا الله فإنه عمل في الباطن، ليس عملًا يمكن رؤيته كالحج والصلاة، فهو سر بين العبد وربه، يربي في المؤمن مراقبة الله في السر والعلن والحياء منه سبحانه.
- الصوم يحفظ الجوارح عن الآثام، ويكسبها الصبر والصفح والغفران، ففي صحيح البخاري؛ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«... وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ...».