قبل 15 عاما لم يكن يتخيل أحد أن تتطور برامج المقالب لظاهرة إعلامية بحجم رامز جلال، أغلبنا تربى على برامج الكاميرا الخفية التي كانت تضحكنا رغم بساطة الفكرة، ولكن فجأة ظهر رجل قرر أن ينقلنا إلى مستوى آخر من الرعب "ليفل الوحش"، تحولت برامج المقالب من مجرد استهداف مواطنين يمرون بالصدفة بشارع الكاميرا الخفية، لفريق إعداد وإنتاج ضخم يتصيد المشاهير وليس المواطن العادي، وباتت صدمة النجوم وتساقطهم مغشيا عليهم هو المعادل الترفيهي الجديد للضحك!.
البدايات ظهرت بشكلها البسيط رامز يتفنن في إخافة الفنانين يسقطهم في مقبرة فرعونية أو يلقي بهم في الماء ليلتقوا بقرش، يضعهم في مقابلة وورطه مع أسد وكأن الحياة لم تعد تمنح المشاهد جرعة كافية من الأدرينالين فقرر أن يكمل هو المعدل في شهر رمضان، في البداية الجمهور ضحك ثم تحولت المشاهدة إلى إدمان لرؤية النجوم في حالة ذعر، الغريب أن رامز كشف لنا فكرة النجاح بالصدمة!.
اكتشف أن الإنسان يضحك عندما يتعرض غيره لضغوط نفسية! من الخوف وحول هذا الاكتشاف إلى آلة تضخ مال لا تتوقف وأصبح الضيف يصرخ والجمهور يضحك، والراعي الرسمي يستثمر الملايين، والقنوات تتهافت، والسؤال الوحيد الذي لم يطرح أبدا هل هذا طبيعي؟!.
اعترض البعض وأكد عدد منهم أن المقالب أوفر بعض الشيء ولكن مع الوقت تحول كل شيء لجزء من الطقس الرمضاني، ورغم الشك في أن هؤلاء النجوم حقا مصدومون؟! أم انها مجرد جزءاً من العقد والاتفاق؟ لكن الإجابة لم تعد تهم أحدا، طالما أن الحلقة تريند والضحايا الجدد في طريقهم إلى الفخ.
هنا أصبح الجنون عادة وتدريجيا فقد الجمهور الإحساس بالخطر، فصار المطلوب جرعات أقوى من الرعب، بدأنا بأسد ثم تحولنا إلى ثعبان، ثم طائرة تلقي بالضيف من السماء، ثم ما لا يمكن توقعه لاحقا.
وبعد سنوات من العروض، صار من الصعب التفريق بين برنامج رامز والأفلام الوثائقية عن النجاة من الكوارث، لكن في النهاية لا يمكن إنكار أن رامز قدم لنا درسا عظيما في هذا الزمن لا تحتاج إلى موهبة لتنجح فقط يكفيك أن تجد الزاوية الصحيحة التي تثير غرائز المشاهدين!.
والسؤال الآن إذا كان هذا هو شكل برامج المقالب قبل 15 عاما، فكيف ستكون في المستقبل؟.
هل سيتلقى الضيف صدمة كهربائية بدلاً من الصدمة النفسية؟!.
أم أن رامز نفسه سيكون الضحية أخيراً؟! الزمن كفيل بالإجابة لكن المؤكد أن الضحك مع رامز أصبح مسألة حياة أو موت!.
ولا ينكر أحداً أن رامز جلال بات ملك المقالب يملك كاريزما الفوضى المنظمة فلا يمكنك الحديث عن برامج المقالب في الوطن العربي دون أن يمر اسم رامز جلال في ذهنك، تحول من مجرد مقدم لبرنامج ترفيهي لأيقونة له مدرسة خاصة في صناعة الإثارة الكوميدية المغلفة بالأكشن معتمداً على كاريزما استثنائية جعلته قادراً على الاستمرار في ساحة متقلبة، حيث يسقط الكثيرون بعد موسم أو موسمين.
كاريزما رامز هي سلاحه السري فهو لم يكن نجماً كوميديا بالمعنى التقليدي، لكنه امتلك حضورا طاغيا وروحا مشاغبة جعلته قادراً على اختراق عقول المشاهدين وإبقاء اسمه في دائرة الضوء، لديه قدرة فريدة على دمج الرعب بالضحك، وعلى تحويل اللحظات العصيبة إلى مشاهد كوميدية خالدة.
كما أن طريقته في السرد وتعليقاته الساخرة، ونبرة صوته المميزة واعتماده علي اصدقائه صنعت له أسلوبا خاصاً لا يمكن لأحد تقليده بنفس التأثير فهو يصرخ ويضحك ويسخر و يبالغ، لكنه يظل محبوبا لأن هذه العفوية تمثل جزءا أساسيا من جاذبيته.
ولأن الذكاء في إدارة الشخصية الإعلامية من أهم أسرار نجاح رامز، فهو يملك فهم عميق لاحتياجات الجمهور هو يعلم أن المشاهد لا يريد مجرد مقلب، بل يريد رحلة مليئة بالإثارة والمفاجآت، وهو يقدمها بحرفية شديدة، يعرف كيف يرفع التوتر، وكيف يطلق الإفيه المناسب في اللحظة المناسبة، مما يجعل المشاهد متحمساً حتى النهاية طاقته لا تنضب، رامز ليس فقط صاحب فكرة، بل هو قلب الحدث حماسه ينتقل للمشاهد فيشعر أن البرنامج حقيقي ، ما جعله يحتكر المقلب الرمضاني في كل الموائد العربية وقت الإفطار.
وفي عالم الإعلام البقاء للأذكى وليس فقط للأقوى ونجاح رامز المستمر لأكثر من 15 عاما يثبت أنه لم يكن مجرد ظاهرة مؤقتة، بل صاحب كاريزما نادرة، استطاع بها أن يصنع حالة خاصة ستظل تذكر حتى بعد أن يتوقف عن الظهور.
سواء أحببته أم انتقدته، لا يمكنك إنكار أن رامز جلال هو النجم الأول بلا منازع في فنون التخويف المضحك!.