نساء في الإسلام (4ـ 30)| سُمَيّة بنت خُبّاط.. أول شهيدة دفاعًا عن الدين
في أروقة التاريخ وإشراقة الحضارة، تتلألأ صور «نساء الإسلام» كنجومٍ سطعت في سماء الإيمان والعطاء، خلدهن إيمانهن و مواقفهن القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركن أثرًا كبيرًا محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق.
ومع بوابة «دار الهلال» في أيام شهر رمضان الكريم لعام 1446 هجريًا نقدم كل يوم حلقة من سلسلة «نساء في الإسلام» لتأخذنا إلى عمق النفوس، حيث تتجسد شجاعة المرأة وعزمها في مواجهة تقلبات الزمان، في كل حلقةٍ، نكتشف حكاياتٍ نسجت بخيوط العزيمة والإيمان، رسمت بمسحاتٍ من النور ملامح الحضارة الإسلامية هنا، يتلاقى الجمال الروحي مع القوة الإنسانية، وتنبثق من رحم التحديات أروع معاني التضحية والكرامة، لتكون المرأة ركيزة لا غنى عنها في بناء حضارتنا وإرثها العريق.
و لقاءنا اليوم في رابع أيام رمضان 1446 هجريًا.. 4 مارس 2025 ميلاديًا مع الصحابية السيدة .. سمية بنت خباط
أم عمار.. أول شهيدة في الإسلام
تعرف السيدة سمية بنت خباط بـ «أم عمار» فهي والدة الصحابي عمار بن ياسر، وزوجها الصحابي ياسر بن عامر، وكانت أَمَةً لأبي حذيفة بن المغيرة، وهو أحد سادات بني مخزوم في الجاهلية، أسلمت بمكة مع بداية رحلة الدعوة الإسلامية من قبل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن ثم كانت من بين المعذبين، من أجل أن تتراجع عن الدخول في الإسلام لكنها لم تفعل، و امتثلت لقرارها و إيمانها برسول الله، وذات يوم مر بها أبو جهل «عمرو بن هشام بن المغيرة» فطعنها في قلبها فماتت، وتذكر بعض المصادر الأخرى أن أبا جهل رماها بحربة في قُبُلِها حتى ماتت، وكان ذلك في السنة السادسة بعد البعثة.
ويقول الداعية والدكتور محمود عمارة: «لعلنا ندرك عمق المأساة في عين عمار بن ياسر رضي الله عنه يرى أمه تقتل وهو لا يملك لها من الأمر شيئا، ولئن مات أبوه ياسر تحت وطأة العذاب فقد كان مصيره جارحًا كعربي ومسلم لكنها المبادئ العليا تكلف أربابها أن يعيشوا لها ويموتوا في سبيلها ،ولك أن تتصور عمق البلاء هنا» .
وعن «ابن إسحاق» أحد أبرز علماء وحفاظ الحديث ومن مؤرخي العرب قال: حدَّثني رجال من آل عَمَّار بن ياسر: «أن سُمَيَّة أُم عمَّار عذَّبها هذا الحي من بني المغيرة بن عبد اللّه بن عُمَر بن مخزوم على الإسلام، وهي تأْبى غيره، حتى قتلوها.
وكان رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يمر بعَمَّار وأُمه وبأَبيه، وهم يعذَّبون بالأَبطح في رَمْضاء مكة، فيقول: «صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ، مَوْعِدُكُمْ الْجَنَّةُ».