رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مساجد حول العالم(4-30)| جامع عمرو بن العاص.. أول منارة إسلامية في مصر وإفريقيا

4-3-2025 | 15:55


جامع عمرو بن العاص

همت مصطفى

في كل زاوية من زوايا الأرض، قامت صروح شاهقة تنطق بالجلال، وتعكس نور الإيمان، وتُردد أصداء التكبير والتهليل. إنها المساجد والجوامع، بيوت الله التي جمعت القلوب، ووحدت الصفوف، واحتضنت أرواحًا وجدت فيها السكينة والطمأنينة.
وفي هذا الشهر المبارك، شهر رمضان، حيث تصفو الأرواح وتسمو النفوس، نأخذكم في رحلة روحانية عبر الزمان والمكان، لنطوف بكم حول أجمل وأعظم الجوامع والمساجد في العالم، من قلب الحرمين الشريفين، إلى مآذن الأندلس الشامخة، ومن سحر مساجد إسطنبول العتيقة إلى عبق التاريخ في مساجد المغرب العربي، سنعيش معًا حكاياتٍ من الجمال المعماري، والتاريخ العريق، والمواقف الإيمانية الخالدة.

 وعبر بوابة «دار الهلال» خلال أيام شهر رمضان الكريم، لعام 1664 هجريًا /  مارس 2025 ميلادي، نستعرض معكم أحد أشهر المساجد، والجوامع التاريخية في دول العالم الإسلامي، والدول العربية، حيث يجتمع الفن والهندسة والإيمان في لوحات تأسر القلوب، وتروي قصصًا من العظمة والروحانية، في ليالي رمضان المباركة.

ونرتحل في رابع أيام رمضان المبارك 1446هـ/  4 مارس 2025.. إلى جامع عمرو بن العاص.. تاج الجوامع

يعد جامع عمرو بن العاص أقدم و أول جامع في مصر وأفريقيا، ولُقب بـ «تاج الجوامع» ويعرف أيضًا «بالجامع العتيق»، وأنشأه الصحابي الجليل عمرو بن العاص في عام 21هـ/ 641م بعد أن قام بفتح مصر سنة 20هـ/ 640م بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب، وأسس مدينة الفسطاط عاصمة البلاد في ذلك الوقت.

iframe

 وكان الجامع عند  إنشائه مركزًا للحكم ونواة للدعوة للدين الإسلامي بمصر، ومن ثم بنيت حوله مدينة الفسطاط التي هي أول عواصم مصر الإسلامية، ولقد كان الموقع الذي اختاره عمرو بن العاص لبناء هذا المسجد  فى ذلك الوقت يطل على النيل كما كان يشرف على  حصن بابليون الذي يقع بجواره، ولأن هذا الجامع هو أول الجوامع التي بنيت فى مصر فقد عرف بعدة أسماء منها الجامع العتيق وتاج الجوامع، وهو قبلة محببة للمصريين لأداء الصلوات خاصة في شهر رمضان المبارك.

وجامع عمرو بن العاص  بمثابة تحفة معمارية فريدة في القاهرة، إذ أنه كان يشترط وقتها أن تضم المدينة الإسلامية مسجدًا جامعًا لأداء صلاة الجمعة والصلوات الخمسة اليومية.

واستخدم الجامع في بداية الأمر كمقر لاجتماع المسلمين وقوات عمرو بن العاص، وكانوا أقلية فى ذلك الوقت، و شارك عدد من صحابة رسول الله في بناء هذا المسجد منهم الزبير بن العوام وعبادة بن الصامت.

البناء والمعمار

وكان المسجد في البداية عبارة عن مساحة صغيرة، وقد بني بالطوب اللبن، وكان سقفه محمولًا على جذوع النخل، وكان محرابه مسطحًا، ثم زادت المساحة الكلية للمسجد تدريجيًا حتى صار في العصر الأموي مكونًا من صحن أوسط مكشوف محاط بأربعة أروقة أعمقها رواق القبلة

ويعلو مسجد عمرو بن العاص مئذنتان، إحداهما في المدخل والواجهة، والثانية فوق الزاوية القديمة، وهما ذاتا طرز عثمانية إلا أنهما قصيرتان، وسمي الجامع بالعديد من الأسماء، مثل الجامع العتيق، أو تاج الجوامع.

وفي عام 53 هجرية أضيف للمسجد منارات على هيئة أبراج تشبه تلك التي توجد في الجامع الأموي، وفي العصر العباسي زيد في مساحته حتى وصلت إلى ما يقارب مساحته الحالية.

و يوجد بالركن الشمالي الشرقي لرواق قبلة المسجد قبة ضريحية يعود تاريخها إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، و نوافذ الجامع القديمة مزخرفة بزخارف جصية لا زالت بقاياها موجودة بالجدار الجنوبي، و للجامع مدخل رئيسي بارز يقع في الجهة الغربية ويتوج واجهات الجامع من الخارج من أعلى شرفات هرمية مسننة.

تجديدات وتوسعات

وشهد جامع عمرو بن العاص العديد من التجديدات والتوسعات طيلة تاريخه، فقد تم هدمه وتوسعته أكثر من مرة، أولها في عهد مسلمة بن مخلد الأنصاري والي مصر من قبل معاوية بن أبي سفيان وأقام فيه أربع مآذن، ومن أهم التعديلات بالجامع كانت في عهد قرة بن شريك، والي مصر أثناء خلافة الوليد بن عبد الملك الأموي، وذلك خلال الفترة من عامي 709 حتى 715 ميلادي، فقد قام بهدمه وزاد في مساحته وأنشأ فيه محرابًا مجوفًا، ومنبرًا خشبيًا ومقصورة.

وفي الدولة العباسية إبان حكم المأمون، وكان الوالي علي مصر عبد الله بن طاهر، قام بتوسعة المسجد حتى وصل إلى 112 مترًا في 120 مترًا، وفي عهد الدولة الطولونية، قام خمارويه بن طولون بإعادة عمارة ما تهدم من المسجد، وهو ما تكلف 6400 دينار، وفي عهد الدولة الإخشيدية زادت أعمال الزخرفة، من طلاء بالذهب والفضة ونقوش الفسيفساء حيث أقاموه على 400 عمود من الرخام.

 وتوالت الإصلاحات والتوسعات بعد ذلك علي يد من حكموا مصر حتى وصلت مساحته بعد عمليات التوسيع المستمرة نحو أربعة وعشرين ألف ذراع معماري، وهو الآن 120 في 110أمتار».

التخطيط الحالي للمسجد

 يتكون المسجد من مدخل رئيسي بارز يقع فى الجهة الغربية للمسجد الذي يتكون من صحن كبير مكشوف تحيط به أربعة أروقة ذات سقوف خشبية بسيطة، أكبر هذه الأروقة هو رواق القبلة، وبصدر رواق القبلة محرابين مجوفين يجاور كل منهما منبر خشبي، كما يوجد بجدار القبلة لوحتان ترجعان إلى عصر المماليك.

و يوجد بالركن الشمالي الشرقي لرواق القبلة  قبة يرجع تاريخها إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، أما صحن الجامع فإنه يتوسطه قبة مقامة على ثمانية أعمدة رخامية مستديرة الشكل، وكانت نوافذ الجامع القديمة مزخرفة بزخارف لا زالت بقاياها موجودة بالجدار الجنوبي، أما عقود المسجد فى رواق القبلة فإنها ترتكز على أعمدة رخامية ذات تيجان مختلفة استجلبت من عمائر قديمة.

تطوير المسجد

iframe

وفي 22  مارس 2023 أعلنت وزارة الإسكان الانتهاء من ترميم المسجد، ورفع كفاءته استعدادا لاستقبال المصلين في شهر رمضان في ذلك الوقت، شملت أعمال الترميم إنشاء ساحة جديدة للمسجد، تسع عشرة آلاف مُصل، ضمن مخطط تطوير منطقة الفسطاط التاريخية.

الأئمة والمشايخ لـ جامع عمرو بن العاص

وأهم الأئمة والمشايخ الذين ألقوا دروسهم وخطبهم في الجامع العتيق، الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، ثالث الأئمة الأربعة لدى أهل السنة والجماعة، وشيخُ الإسلام الإمام أبو الحارث الليثُ بن سعد، والشيخ أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، والمُلقب بـ سلطان العلماء وبائع الملوك وشيخ الإسلام، وصاحب السيرة عبد الملك بن هشام.