رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


خبراء عرب لـ"دار الهلال": القمة الطارئة محطة تاريخية في دعم القضية الفلسطينية

5-3-2025 | 11:41


جانب من القمة

محمود غانم

أجمع خبراء عرب على أهمية القمة العربية الطارئة، التي عُقدت في مصر أمس الثلاثاء، بحضور زعماء وممثلين عن مختلف الدول العربية، لما صدر عنها من قرارات في مواجهة مخططات التهجير الأمريكية والإسرائيلية. 

وشدد الخبراء العرب، في أحاديث منفصلة لـ"دار الهلال"، على فعالية الخطة المصرية بشأن إعادة إعمار قطاع غزة في دحض دعاوى التهجير، وذلك نظرًا لتأكيدها أن مسألة الإعمار ممكنة دون مغادرة الفلسطينيين.

وأبرز الخبراء أهمية التوافق العربي الرافض لتهجير الفلسطينيين، وذلك وفق ما تمخضت عنه القمة الطارئة، والذي يُمكن أن يُستند إليه مستقبلًا لتبني مواقف أكثر قوة في هذا السياق. 

وأكد الخبراء على ضرورة تحويل مخرجات القمة إلى خطوات عملية، وذلك من خلال اتخاذ تدابير لمنع التهجير، ووقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وبدء عمليات إعادة الإعمار في المنطقة. 

إلى ذلك، أكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، على أهمية التوقيت الذي عُقدت فيه القمة العربية الطارئة، حيث جاءت بتزامن مع محاولات الاحتلال الإسرائيلي للانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في يناير الماضي، وهو ما تماهت معه الولايات المتحدة الأمريكية. 

وشدد الدكتور أيمن الرقب، في حديث لـ"دار الهلال"، على أن القمة العربية رفعت شعارًا واحدًا: "التعمير بدون تهجير"، لافتًا إلى أن الخطة المصرية بشأن إعادة إعمار قطاع غزة أصبحت الخطة الأساسية في القمة. 

وعلق "الرقب" على تصدر الخطة المصرية القمة العربية، قائلًا: "وهذا أمر جيد، لأن الخطة المصرية تقوم على ديباجة طموحها، حيث تتضمن تفاصيل دقيقة، مما يدل على أن من كتبها من المتخصصين، الذي يمتلك خبرة في هذا الأمر"، مشددًا على ضرورة إعادة إعمار قطاع غزة مرة أخرى. 

وفي شأن البيان الختامي للقمة، يوضح أستاذ العلوم السياسية، أنه كان واضحًا، حيث شمل نواحي كثيرة على الصعيد الإقليمي، بما في ذلك الأوضاع في سوريا ولبنان، لكن النصيب الأكبر كان لصالح القضية الفلسطينية، حيث ركز على ضرورة إيجاد حل عادل لها على أساس حل الدولتين، كما سلط الضوء على شكل الحكم، في اليوم التالي للحرب، وذلك عبر تشكيل لجنة إدارية لإدارة غزة بشكل مؤقت، كما تم الحديث بشكل كبير عن إعادة إعمار القطاع وآلياتها. 

وسلط الضوء على أن البيان الختامي أشار كذلك إلى قضية مهمة، وهي الأطفال اليتامى، الذين قُدِّر عددهم بـ40 ألف طفل، وهذا يعني أنهم بمثابة قنابل موقوتة، إذ لم يتم استيعابهم.  

وفي المقابل، لم يتطرق إلى سلاح المقاومة، كما يضيف "الرقب"، الذي اعتبر هذا الأمر "جيدًا" لأن هذا الأمر جدلي، قبل أن يؤكد أن هذا السلاح يزول إذا زال سبب وجوده وهو الاحتلال.  

وشدد على أن المهم في الوقت الراهن هو متابعة تنفيذ ما جاء في البيان، حيث قد لا نستطيع تنفيذ أي مما جاء فيه، إذ امتنع الاحتلال عن تسليم القطاع للجنة المقرر إنشاؤها أو رفض دخول قوات دولية، حيث قد يلزم ذلك قرار صادر من مجلس الأمن.  

وبناءً على ذلك، يؤكد "الرقب"، على أهمية تضافر الجهود في هذا الإطار، ليس خلال الأشهر القادمة، بل الأيام القادمة، وذلك عبر صدور قرارات مجلس الأمن بإرسال قوات دولية إلى قطاع غزة، وإدخال المساعدات فورًا إلى هناك، خاصة أن الأمور تزداد سوءًا يومًا بعد يوم.

في غضون ذلك، يرى أستاذ العلوم السياسية، أن البيان الختامي للقمة العربية طموح، لكنه يحتاج إلى خطوات عملية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا في هذا السياق إلى أن الجهة الوحيدة القادرة على الضغط عليه هي الولايات المتحدة الأمريكية. 

واستبعد سيناريو عودة الحرب مرة أخرى إلى قطاع غزة كما كانت قبل، مؤكدًا أن الاحتلال الإسرائيلي لا يرغب في ذلك، وكذا الأمريكان لا يرغبون في ذلك، لكن لديهم رؤية أخرى في هذا السياق تتمحور حول استمرار عملية الحصار ضد قطاع غزة حتى تصبح غير قابلة للحياة. 

ولفت إلى أن حركة حماس ما زالت لديها أسرى إسرائيليون، وهم لن يتحرروا إلا عبر المفاوضات. 

وفي رأيه، فإن إسرائيل ستحاول مساعيها الرامية إلى تهجير الفلسطينيين، حيث سبق القمة العربية حديث من قبل مختلف الأوساط السياسية العربرية حول هذا السياق، لكنه يؤكد على أهمية وجود موقف عربي متماسك إزاء رفض تهجير الفلسطينيين. 

وفي هذا الإطار، يلفت إلى أن إسرائيل ستواصل الضغط من أجل إخراج أهالي قطاع غزة بذريعة أنها غير قابلة للحياة، ولكن ذلك لن يتم عبر مصر، لأنها لن تسمح بذلك، فقد تخرجهم إسرائيل عبر منافذها، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني لن يكون لقمة سهلة في يد الاحتلال، حيث إنه لن يوافق على مغادرة وطنه بعد كل هذه التضحيات. 

ثقل سياسي يدعم رفض التهجير 

من جانبه، سلط الدكتور الحارث الحلالمة، أستاذ العلوم السياسية الأردني، الضوء على أهم القرارات المتخذة في القمة العربية الطارئة التي عقدت في مصر، بحضور رؤساء وممثلين عن مختلف الدول العربية. 

وأكد الدكتور الحارث الحلالمة، في حديث لـ"دار الهلال"، أن من أهم مخرجات القمة العربية هو انتقال الرفض الأردني والمصري ليصبح قرارًا من جميع الدول العربية، مما يكسبه درجة من الثقل السياسي الذي يرسل رسائل إلى الولايات المتحدة، صاحبة اقتراح التهجير، ولليمين الإسرائيلي بأنه يواجه الآن رفضًا عربيًا مطلقًا. 

ويلفت "الحلالمة" إلى أنه في مقابل طرح التهجير، هناك خطة مصرية تم إقرارها في القمة تؤكد أن إعادة البناء ممكنة بوجود سكان القطاع، وأن مقاربات الرئيس الأمريكي التي تتحدث عن وجوب تهجير سكان القطاع غير مقبولة.

وأوضح أن القمة كذلك أظهرت أن الدول العربية تعتبر التهجير مسألة تتعلق بالأمن القومي والوطني، ولا يمكن القبول بها، وهذا أمر مرتبط كذلك برفض التهجير في القطاع، مؤكدين أمام الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية المتماهية معه بأن الإجراءات العسكرية الإسرائيلية في القطاع الفلسطيني، وكذلك في الضفة الغربية، لن تنال من إرادة الفلسطينيين، ولن يخرجوا من أرضهم. 

وأضاف مختتمًا أن"حل الدولتين وخيار السلام هو استراتيجية العرب، لكنها تريد إرادة حقيقية من الجانب الإسرائيلي، إذا كان بالفعل يريد السلام، حيث إن أي اتفاق تطبيع لن ترضى به الدول العربية إلا بشرط إقامة الدولة الفلسطينية".

 ترجمة القرارات عمليًا 

بدوره، أكد رجا طلب، الباحث السياسي الأردني، على نجاح القمة العربية الطارئة التي عقدت في مصر، اليوم، وذلك وفقًا للقرارات التي صدرت عنها، حيث وصلت إلى مستوى ما تستحقه القضية الفلسطينية من دعم ومؤازرة، وكذلك من أجل مواجهة التعنت الإسرائيلي والخطط الإسرائيلية لكسر إرادة الشعب الفلسطيني وفرض وقائع غريبة على العرب، وتحديدًا على الأردن ومصر في قضية التهجير.

وفي تقدير "طلب"، الذي كشف عنه لـ"دار الهلال"، فإن القرارات التي خرجت بها القمة العربية من الممكن أن تُنفذ على الأرض، وذلك بحكم الثقل الذي تمثله الدول العربية. 

وأوضح أن هذا يتطلب متابعة من الأطراف العربية من أجل تنفيذ القرارات، وكذلك من أجل أن يكون هناك تطبيق وإزالة العوائق أمام تطبيق قرارات القمة، وتحديدًا العائق الأمريكي، وهو العائق الأكبر والخطير.

أما بالنسبة للعائق الإسرائيلي، فيوضح أنه تحصيل حاصل لن يقبل بأي شيء، حيث تعتقد إسرائيل أن العالم تناسى أنها دولة احتلال، وأن لها الحق في التمدد في الضفة الغربية وفي غزة، وكأن هذا أمر واقع، مؤكدًا أن إسرائيل دولة مارقة لا تملك أخلاقًا.

وأشار إلى أن الذي يدعم لديها هذا التوجه هو الإدارة الأمريكية، التي يجب عليها أن تدرك بعد هذه القمة أنه يجب عليها أن تقايض مصالحها مع العرب، ويجب أن تكون هذه المصالح على حساب إسرائيل، وليس على حساب العرب.

وبناءً عليه، يؤكد الباحث السياسي، على أهمية قرارات القمة العربية الطارئة، لكن الأهم من ذلك هو أن يتم تطبيقها، وذلك عبر منع التهجير، ووقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وبدء عمليات الإعمار هناك.

انتصار للجهود المصرية

من جهته، أكد الدكتور ماك شرقاوي، المحلل السياسي المتخصص في الشأن الأمريكي، أنه مما لا شك فيه أن اجتماع القمة الطارئة لجامعة الدول العربية بالقاهرة برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخروج بيان قوي يتضمن 23 نقطة، بما فيها من إعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير الفلسطينيين من أرضهم، يمثل انتصارًا لما تقوم به مصر لمحاولة منع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

وأضاف "شرقاوي"، في حديث لـ"دار الهلال"، أن ذلك يعبر بالتأكيد عن الالتفاف العربي حول هذا القرار، حيث إن القمة خرجت بالإجماع على رفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

وأوضح أن الخطة المصرية بشأن غزة شملت خروج حركة حماس من المعادلة السياسية، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تصران على نزع سلاحها، مشيرًا في هذا السياق، إلى أن هذا الأمر قد يكون محور الجدل في الفترة المقبلة.

وفي هذا الإطار، شدد المحلل السياسي، على أن هناك العديد من الأطراف دعموا جهود مصر في الجامعة العربية والوصول إلى التوافق على القرار بالإجماع، وهذا لم يكن بالتأكيد سهل في ظل وجود غيابات عن القمة.

وأبرز أن القمة أظهرت أن الدول العربية يمكن أن تجتمع، وهذا في حد ذاته قد يكون ناقوس خطر لإسرائيل وبنيامين نتنياهو. 

وفي ختام حديثه، أعرب شرقاوي عن اعتقاده أن هذه هي بداية الوقوف في خندق واحد، مما يمكن أن يُبنى عليه في المستقبل مواقف أقوى أمام هذا العدو المتغطرس. 

قمة تاريخية

وفي الإطار نفسه، شدد الدكتور محمد اليمني، خبير العلاقات الدولية، على أهمية الخطة المصرية بشأن إعادة إعمار قطاع غزة، حيث إنها "مقبولة" ومرحب بها كذلك من الأوساط الإقليمية، ويوجد اتفاق عليها من قبل الدول العربية. 

وأضاف "اليمني"، في حديث لـ"دار الهلال"، أن المشكلة لا تكمن في الخطة المصرية، بل في تقبل هذه الخطة من قبل الولايات المتحدة، وفي مقدمة ذلك رئيسها دونالد ترامب، وكذلك عدم تقبلها من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

وفي شأن القمة، يؤكد خبير العلاقات الدولية، أنها "تاريخية" لما تمر به منطقة الشرق الأوسط من أزمات حقيقية على المستوى"الجيوسياسي"و"الجيواقتصادي" من جهة.

ويوضح أن هذه القمة كانت وما زالت تصب في القضية الفلسطينية، والحرب أيضًا على قطاع غزة، ودراسة الخطة المصرية، ومن ثم أيضًا إعادة الإعمار، ومن ثم الوصول إلى المرحلة الثانية، ومن ثم المرحلة الثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال وحركة حماس من جهة أخرى.

وبيّن أن الدول العربية أولت اهتمامًا كبيرًا بالمشاركة في إعادة الإعمار، ولكنها تحتاج إلى مساندة المنظمات الدولية والأمم المتحدة والدول المانحة عبر تقديم الاستثمارات أو المساعدات، وذلك نظرًا لأن المرحلة الأولى تحتاج إلى عشرات مليارات الدولارات، وتستمر من ثلاث إلى أربع سنوات، وفقًا له. 

أما بالنسبة لقطاع غزة، ففي تقديره أنه يحتاج إلى أكثر من 10 سنوات حتى يعود مرة أخرى إلى ما كان عليه قبل الحرب، وهذه السنوات تحتاج إلى ميزانية تقدر بعشرات مليارات الدولارات. 

وفي غضون ذلك، يؤكد "اليمني"، على أن الخطة المصرية بشأن إعادة إعمار قطاع غزة "محورية"، وذلك نظرًا لأن الدول العربية تعلم أن الأمر خطير جدًا، ولذا يجب التكاتف والترابط وتوحيد الصف والكلمة في مواجهة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأيضًا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. 

ومثال على ذلك، يشير إلى وقوف الدول الأوروبية في وجه دونالد ترامب، الذي يُعتبر أسوأ من الموقف العربي، وذلك نظرًا لأن الرسوم الجمركية التي فُرضت على المكسيك وكندا والصين، ومن ثم مشادته مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، التي بُثت على الهواء مباشرة، ومع ذلك، فإن بلاده حظيت بدعم الدول الأوروبية، لأنها ترغب في الاستقلال عن الولايات المتحدة الأمريكية والخروج من عباءتها، ولا بد أيضًا من وجود توافق بهذا الشكل على المستوى العربي.

عبقرية خطة إعادة الإعمار 

في موازة ما سبق، يؤكد السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، على نجاح القمة العربية الطارئة التي عقدت اليوم في مصر بكل المقاييس، وذلك قبل أن تبدأ. 

وأوضح السفير جمال بيومي، في حديث لـ"دار الهلال"، أن نجاح القمة يأتي بناءً على أن الدول العربية رفضت بشكل قاطع أي طرح يتصل بتهجير الفلسطينيين قبل أن تنعقد القمة، وهو ما أجبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاحقًا على التراجع عن مقترحه.

وعدد "بيومي" عوامل نجاح القمة العربية الطارئة، موضحًا أن ذلك يظهر من خلال حضور زعماء وممثلين عن مختلف الدول العربية، فضلًا عن ذلك، اتفقت على جدول أعمالها، وكذلك اتفقت على بيان مشترك أعدته وزارة الخارجية المصرية وحظي بموافقة الدول المشاركة. 

وسلط الضوء على أن القمة شددت على أن عملية إعمار قطاع غزة ستتم والفلسطينيون في أرضهم، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن الإعلام نجح في إبراز مشاهد عودة الفلسطينيين إلى منازلهم عقب سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وفي شأن خطة إعادة الإعمار المصرية، يؤكد "بيومي"، أنها تعكس عبقرية، لأن تحركاتها على الأرض شاهدناها قبل أن يتم عرضها في القمة.  

وشدد على أن الموقف المصري بشأن تهجير الفلسطينيين كان أوضح ما يكون اليوم، حيث يتضح ذلك من خلال المصطلحات التي استعملها الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه، خاصة وصفه المشهد في قطاع غزة بـ"الكارثي"، وفضلًا عن ذلك، أكد أن مصر لا تقبل بأي حال من الأحوال تهجير الفلسطينيين، وكل ذلك تم بنبرة هادئة.  

وفي ختام حديثه، ثمّن ما جاء في البيان الختامي من ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث إن ذلك يقطع الطريق على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لممارسة أفعاله الرامية لتهجير الفلسطينيين أو تهجيرهم من أرضهم.