المراهنات الإلكترونية.. خسائر مادية ومجتمعية
نبهت المؤسسات الدينية والهيئات التوعوية، من الانتشار المتزايد للمراهنات الإلكترونية، واعتبرت هذه الظاهرة تهديدا خطيرا يتعلق بالأفراد، وخاصة الشباب والفئات الناشئة.
وأوضحت أن الأمر تجاوز كونه مجرد لعبة حظ ليصبح إدمانا رقميا تقوض الاستقرار المالي، النفسي والاجتماعي، حيث يجد اللاعب نفسه في حلقة مفرغة من الخسائر التي يسعى لتعويضها، لكنه ينتهي غارقا في الديون أو فريسة للاحتيال الإلكتروني.
وشددت المؤسسات الدينية وخبراء الشريعة، من خطورة القمار الإلكتروني وتداعياته المدمرة على المجتمع، سواء من الزاوية الأخلاقية أو الاقتصادية أو النفسية.
ومن جانبه، أشار الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إلى أن القضايا المجتمعية والتطورات الفكرية أصبحت مرتكزا أساسيا في العمل الدعوي، ودعا إلى التصدي للحملات التي تهدد استقرار المجتمعات وقيمها قبل تفاقم آثارها السلبية.
وكشف الجندي أن مجمع البحوث الإسلامية قد أطلق حملة توعوية بعنوان "حلالا طيبا"، بهدف الحد من انتشار المراهنات الإلكترونية، التي وصفها بأنها أحد أشكال القمار المحرم شرعا.
وأوضح الهدف من الحملة يتمثل في توعية المجتمع بمخاطر هذه الظاهرة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. وتشارك وعاظ وواعظات الأزهر في التوعية الميدانية لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد قيم المجتمع وأمنه الاجتماعي.
ومن جهة أخرى، أكد الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن المراهنات الإلكترونية لا تعدو كونها شكلًا من أشكال "الميسر" المحرم شرعا، حيث تعتمد على المقامرة دون جهد حقيقي أو منفعة ملموسة، موضحًا أن هذه الممارسات تؤدي إلى خسائر مالية جسيمة وتعرض المشاركين لعمليات احتيال ممنهجة.
كما حذر عمران، من الأثر السلبي الممتد للقمار الإلكتروني، مؤكدًا أنه يشكل خطرًا مباشرًا على الشباب من خلال آليات الاستهداف عبر الألعاب الرقمية والتطبيقات المشوقة؛ وهو ما يقود إلى الإدمان السلوكي والمالي.
وأوضح أن المستخدم ينساق وراء وهم استرجاع خسائره، لكنه يغرق أكثر في دوامة الديون والمشاكل المادية، مشيرًا إلى النتائج النفسية الوخيمة لتلك الظاهرة؛ بما في ذلك القلق، التوتر، الاكتئاب، وأحيانًا الانتحار.
وفي السياق نفسه، تناول الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أثر القمار الإلكتروني على الأسر، مبينًا أنه يتسبب في التفكك العائلي والمشكلات الزوجية نتيجة تراكم الديون والإدمان على المراهنات.
وأوضح أن البعض يلجأ إلى الاقتراض أو حتى الاحتيال لتمويل هذا الإدمان، مما يؤدي إلى تفاقم الجرائم المالية في المجتمع.
اقتصاديًا، أشار شلبي إلى أن الأموال التي يتم ضخها عبر مواقع القمار غير القانونية تذهب إلى شركات خارج الحدود، مما يستنزف الاقتصاد المحلي ويعكر استقراره، فضلاً عن المشكلات الاجتماعية الناتجة عن البطالة والتشرد والاضطرابات النفسية الناجمة من هذه الممارسات.
وعلى صعيد الفتاوى، وجه الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية السابق، تحذيرات من مخاطر المراهنات الإلكترونية، وشدد على أنها تختلف عن التجارة المشروعة بسبب محاذيرها الشرعية البالغة وأضرارها على المال العام والخاص وتأثيراتها السلبية على الأمن الفكري والقومي.