يحلّ يوم الشهيد، الموافق لتاريخ التاسع من مارس من كل عام، ليُحيي في نفوسنا ذكرى شهدائنا الأبرار، الذين بذلوا أرواحهم فداءً لوطنهم، حيث ارتوت أرضنا الطاهرة بدمائهم الطاهرة دفاعًا عن الوطن والعرض في مواجهة العدو.

وفي يوم كهذا، نتذكر شهداء هجوم البرث، الذين سقطوا ضحايا لهجوم إرهابي غادر، تجلت فيه أبشع صور العنف والإجرام. 

هجوم "البرث"

نُفذ هجوم "البرث" مع بزوغ فجر يوم 7 يوليو 2017، حيث قامت إحدى السيارات المفخخة التي تم تدريعها بشكل جيد وتمويهها داخل إحدى المزارع، بالدخول إلى كمين "البرث" برفح، وعلى الفور تعاملت معها قوات الكمين من أبناء قواتنا المسلحة المصرية، ولكن لشدة تدريعها انفجرت قرب الكمين.

وتقع منطقة البرث بجنوب رفح المصرية، وهي نقطة أمنية شديدة الأهمية، حيث كانت تقطع طريق الإمدادات عن العناصر الإرهابية، وتمثل عائقًا أمام تسللهم، ومن ثم كانت هناك محاولات مختلفة لاستهداف تلك النقطة التي تربط وسط سيناء برفح والشيخ زويد.

ويذكر الشهود الذين حضروا الواقعة، أن العناصر الإرهابية بدأت في شن الهجوم الساعة الرابعة فجرًا، خلال تبديل الورديات. 

وحصل ذلك الهجوم على الكمين بواسطة 150 عنصرًا إرهابيًا معهم 12 عربة كروز محملة بالسلاح، بالإضافة إلى أسلحة خفيفة ومتوسطة وقذائف "آر بي جي" وقذائف "هاون" ومدافع "جرينوف" وقنابل يدوية ومفخخات.

وفي المقابل، تصدت قوات الكمين بكل بسالة إلى العناصر الإرهابية، التي قامت بتطويق الكمين بالكامل وزرع عدد من الألغام؛ لصد أي محاولة للدعم البري.

ودرات رحى المعركة بين أفراد الكمين من أبناء قواتنا المسلحة من جهة، والعناصر الإرهابية التابعة لـ تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" من جهة أخرى، تبادلا فيها إطلاق النار للمدة أربع ساعات، صمدت فيها قواتنا صمود الأبطال، موقعين عشرات القتلى في صفوف العناصر الإرهابية.

وفي إطار هذه التطورات، تحركت قوات الدعم من الجيش لمعاونة قوات الكمين في دحر العناصر الإرهابية، إلا أنها هوجمت بالألغام والسيارات المفخخة، مما أعاق وصوله إلى الكمين بسرعة.

وبعد نحو أربع ساعات دارت فيها رحى المعركة، وصلت وحدات الدعم الجوي، التي قامت بقصف العناصر، مما دفعهم للتراجع والهروب.

أسفر الهجوم الإرهابي على كمين "البرث" عن سقوط 26 فردًا من أبناء قواتنا المسلحة ما بين شهيد وجريح، وتضمنت قائمة الشهداء العقيد أحمد منسي -قائد الكتيبة 103 صاعقة بشمال سيناء وقت الهجوم الإرهابي-، في حين قتل ما يزيد عن 40 فردًا من العناصر الإرهابية، فضلًا عن تدمير 6 عربات تابعة لهم.  

قائمة الشرف

وإلى جانب العقيد أحمد منسي، سقط في تلك المعركة عدد من رجال قواتنا المسلحة المصرية، وهم: النقيب أحمد عمر الشبراوي، والملازم أول أحمد محمد محمود حسنين، والملازم أول خالد محمد كمال المغربي، والعريف محمد السيد إسماعيل رمضان.

فيما سقط من قوات المدفعية، النقيب محمد صلاح محمد، والجندي محمد محمود فرج، وأحمد العربي مصطفى، والمندوب المدني صبري.

وسقط من الجنود: محمود رجب السيد فتاح، ومحمد صلاح الدين جاد عرفات، وعلي علي السيد إبراهيم، ومحمد عزت إبراهيم، ومؤمن رزق أبو اليزيد، وفراج محمد محمود أحمد، وعماد أمير رشدي يعقوب، ومحمد محمود محسن، وأحمد محمد علي نجم، وعلي حسن محمد الطوخي، ومحمود صبري محمد. 

وتكريمًا لأرواحهم، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي الكوبري العائم الذي يربط بين قناة السويس القديمة والجديدة ببعضهما البعض، ويقع بمنطقة نمرة 6 في مدينة الإسماعيلية، وأطلقت عليه هيئة قناة السويس اسم الشهيد أحمد منسي، وأطلق اسمه على عدد من المدارس بمحافظة الشرقية، التي ولد بها.

ولا يُعتبر ذلك تكريمًا للمنسي وحده فحسب، بل يشمل أيضًا رفاقه الذين سقطوا إلى جانبه، حيث يعكس ذلك تقديرًا لهم جميعًا، فالمنسي، كناية عنهم جميعًا.

ويبقى التكريم الشعبي لهم، وتذكُّرهم في كل مناسبة محفوفة بالملاحم الوطنية، لخير تأبين لهذه الأرواح التي لم تتوانَ عن بذل دمائها فداءً لهذا الوطن.