رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


نساء في الإسلام (10 ـ 30)| «جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ».. أم المؤمنين تحررت بالإيمان وعاشت باليقين

10-3-2025 | 16:28


جويرية بنت الحارث

همت مصطفى

في أروقة التاريخ وإشراقة الحضارة، تتلألأ صور «نساء الإسلام» كنجومٍ سطعت في سماء الإيمان والعطاء، خلدهن إيمانهن و مواقفهن القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركن أثرًا كبيرًا  محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق.

ومع بوابة «دار الهلال» في أيام شهر رمضان الكريم لعام 1446 هجريًا  نقدم كل يوم حلقة من سلسلة «نساء في الإسلام» لتأخذنا إلى عمق النفوس، حيث تتجسد شجاعة المرأة وعزمها في مواجهة تقلبات الزمان، في كل حلقةٍ، نكتشف حكاياتٍ نسجت بخيوط العزيمة والإيمان، رسمت بمسحاتٍ من النور ملامح الحضارة الإسلامية هنا، يتلاقى الجمال الروحي مع القوة الإنسانية، وتنبثق من رحم التحديات أروع معاني التضحية والكرامة، لتكون المرأة ركيزة لا غنى عنها في بناء حضارتنا وإرثها العريق.

و لقاءنا  في اليوم العاشر من رمضان 1446 هجريًا الموافق 10 مارس 2025 ميلاديًا مع الصحابية الجليلة .. أم المؤمنين السيدة  جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ 

زوجات النبي.. أمهات المؤمنين

تعد  السيدة جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ  إحدى أمهات المؤمنين، حيث يُطلق على زوجات الرسول كذلك  تكريمًا لشأنهنَّ وإعلاءً لقدرهنَّ.

لسيدة «جويرية» رضي الله عنها هي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن جذيمة الخزاعية المصطلقيَّة رضي الله عنها، وقد تم سيبيها  يوم غزوة «المريسيع» في السنة الخامسة من الهجرة، وكانت تحت ابن عم لها، يقال له: مسافع بن صفوان المصطلقي، وقد قُتل في يوم المريسيع، ثم غزا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قومها بني المصطلق، وكانت  السيدة "«جويرية» من جُملة السَّبي، وقعت في سهم ثابت بن قيس رضي الله عنه.

جويرية بنت الحارث من الأسر إلى بيت النبوة 

وروى ابن سعد في «الطبقات» أنه لما وقعت جويرية بنت الحارث في السبي، جاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إن ابنتي لا يُسبى مثلها؛ فأنا أكرم من ذاك، فخلِّ سبيلها، فقال: «أَرَأَيْتَ إِنْ خَيَّرْنَاهَا أَلَيْسَ قَدْ أَحْسَنَّا»، قال: بلى، وأدّيت ما عليك، فأتاها أبوها فقال:« إن هذا الرجل قد خيّرك فلا تفضحينا»، فقالت: «فإني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وسلم».

 

 وتزوج رسول الله السيدة «جويرية»، وكان عمرها حينذاك عشرين سنة، وكان من ثمار هذا الزواج المبارك فِكاك المسلمين لأسراهم من قومها  فكانت أعظم امرأة بركة على قومها تبعًا  لرواية  وحديث السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، ويذكر أنه  لما رأى «بنو المصطلق» هذا السمو وهذا العفو  والكرم أسلموا جميعًا وآمنوا بالله ورسوله  فكانت السيدة «جويرية» أيمن امرأة  على قومها.

 

وفي الحديث أنَّ السيدة عائشة أمَّ المؤمنين رضي الله عنها قالت: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ -أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ- وَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا..، فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَوَقَعْتُ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ -أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ- فَكَاتَبْتُهُ عَلَى نَفْسِي، فَجِئْتُكَ أَسْتَعِينُكَ عَلَى كِتَابَتِي. قَالَ: «فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ»؟ قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَقْضِي كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ». قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «قَدْ فَعَلْتُ»، وَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، فَقَالَ النَّاسُ: أَصْهَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ -أي أعتقوا- من السَّبي، قَالَتْ: «فَلَقَدْ أَعْتَقَ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا». رواه الإمام أحمد في مسنده 

تغيير الاسم 

واتسمت السيدة  «جويرية» رضي الله عنها بالصبرٍ وكثرة العبادة،  وكانت كثيرة الذكر لله عز وجل ،وكانت تصوم من النوافل الكثير، ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  غيَّر اسمها؛ فعن ابن عباس قال: كان اسم جويرية بنت الحارث «برة»، فحوَّل النبي صلى الله عليه وآله وسلم اسمها، فسماها جويرية.

توفيت السيدة  أم المؤمنين السيدة  جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ رضي الله عنها في المدينة المنورة سنة خمسين هجرية، وقيل: توفيت سنة سبع وخمسين للهجرة، وعمرها 65 سنة  وصعدت روحها  الطاهرة مطمئنة بجوار ربها  سبحانه وتعالى.