رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


وكالات التصنيف الائتمانية ..هل تستمر في توقعاتها الإيجابية للاقتصاد العُماني؟

16-3-2025 | 00:53


.

بقلم: أحمد تركي .. خبير الشئون العربية

عامًا بعد عام يكتسب الاقتصاد العُماني قوة وثباتًا واستقرارًا، بفضل السياسات التنويعية الحكيمة على مدار 5 سنوات من التخطيط والاستراتيجيات والمبادرات الحكومية والخاصة، خاصة مع استمرار تحسن المؤشرات المالية ونمو الاقتصاد ومواصلة الحكومة خططها لإدارة الالتزامات المالية وخفض مستويات الدين العام، وتعزيز الإيرادات غير النفطية.

 

هذه القوة وتلك المتانة للاقتصاد العُماني كانت محل تقدير وإشادة، ولا تزال من قبل وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى وكالة «ستاندرد أند بورز»، ووكالتي «موديز» و«فيتش» لتحديث تصنيفاتها للجدارة الائتمانية لسلطنة عُمان والتي تتوقع تقارير الاقتصاد العالمية أن يواصل الاقتصاد العُماني التحسن خلال عام 2025، مرتكزة على تقرير وكالة «ستاندرد آند بورز» برفع التصنيف إلى درجة الجدارة الاستثمارية خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن تحذو وكالتا «موديز» و «فيتش» ذات الجدارة والتصنيف الائتماني.

 

وفي واقع الأمر يتضمن التصنيف الائتماني الذي تصدره وكالات التصنيف العالمية عددًا من فئات التصنيف بدءًا من فئة تصنَف التطورات المالية والاقتصادية للدولة عند مستوى مترد غير مشجع على جذب الاستثمار، وصولًا إلى أعلى فئة في التصنيف من خلال حلول الدول في الفئة الجاذبة جدًا للاستثمار، وبينهما فئات متفاوتة يبدأ أفضلها من دخول الدول إلى فئة الجدارة الائتمانية المشجعة للاستثمار، وهو الإنجاز الذي حققته سلطنة عُمان من خلال التحسين المتواصل في تصنيفها الائتماني خلال السنوات الماضية لتصل إلى أولى درجات الجدارة الاستثمارية خلال العام الماضي.

 

وخلال العام الماضي، قامت وكالة ستاندرد آند بورز برفع التصنيف الائتمانى لسلطنة عُمان مرتين الأولى في شهر مارس، حيث تم تعديل النظرة المستقبلية من «مستقرة» إلى «إيجابية» مع إبقاء درجة التصنيف دون تغيير، وبعد ذلك قامت الوكالة في سبتمبر 2024 يرفع درجة التصنيف الائتماني السلطنة عُمان من «+BB »  إلى «- BBB » مع نظرة مستقبلية مستقرة، وكان ذلك تقدمًا مهمًا استعادت به سلطنة عُمان جودة تصنيفها الائتماني الذي كان قد تراجع بشكل كبير وسريع خلال فترة الأزمة المالية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط.

 

وفيما يتعلق بتطورات التصنيف المتوقعة من قبل« ستاندرد آند بورز » خلال الفترة المقبلة، يتطلب رفع التصنيف مجددًا قيام الوكالة بتعديل النظرة المستقبلية أولًا إلى «إيجابية»، وهو ما يعتمد على استمرار التقدم في العوامل المواتية لرفع النظرة إلى إيجابية، وتحسين درجة التصنيف، وقد أشارت الوكالة في آخر تقرير لها حول سلطنة عمان في العام الماضي إلى أن رفع التصنيف إلى درجة الجدارة الاستثمارية جاء نتيجة استمرار تحسن الأداء المالي. وتحقيق الفوائض، وخفض المديونية العامة، وأكدت الوكالة أن التصنيف الائتماني السلطنة عمان قد يشهد مزيدا من التحسن خلال العامين القادمين إذا استمرت الحكومة في الإجمالي. إدارة المالية العامة للدولة كما هو مخطط من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية ورفع كفاءة الإنفاق العام.

 

أما التصنيف الائتماني والنظرة المستقبلية لسلطنة عمان من قبل وكالتي «موديز» و«فيتش». فمن المرجح أن يشهد تحسنًا جديدًا خلال العام الجاري، إذ قامت «موديز» في نهاية أغسطس عام 2024 بتعديل نظرتها المستقبلية لسلطنة عُمان من « مستقرة» إلى «إيجابية». وأبقت التصنيف الائتماني عند « Ba1 ». وأرجعت الوكالة هذا التحسن في النظرة المستقبلية إلى استمرار تراجع مستويات الدين العام وتحسن إيرادات النفط والتزام حكومة سلطنة عُمان باستراتيجية إدارة الدين العام التي أدت إلى تقليل مخاطر الديون الخارجية، وتعزيز قوة المركز المالي للدولة. وتحقيق نتائج إيجابية ومستويات مستقرة في الاحتياطيات الأجنبية.

 

وفي ديسمبر 2024، عدَلت وكالة فيتش نظرتها المستقبلية لسلطنة عُمان من « مستقرة» إلى «إيجابية». وثبتت التصنيف الائتماني عند BB نتيجة استمرار الإجراءات الحكومية في خفض الدين العام وديون الشركات الحكومية، وضبط المالية العامة إلى جانب ارتفاع صافي الأصول الأجنبية السيادية. وأكدت الوكالة أن التصنيف الائتماني السلطنة عمان قد يرتفع في حال استمرار إجراءات ضبط الأوضاع المالية وتراجع الدين العام كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي، ونمو الإيرادات غير النفطية، وارتفاع معدل الاحتياطات بالعملة الأجنبية .

 

وتعقد هذه النظرة الإيجابية حاليًا من قبل كل من «موديز» و«فيتش» لقيامهما برفع درجة التصنيف خلال العام الجاري 2025، خاصة أن وكالة «ستاندرد أند بورز» قد سبقتهما في هذا القرار في العام الماضي، كما تواصل الحكومة خططها لضبط الوضع المالي وتقوية المركز المالي للدولة.

 

 

ومنذ بدء تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى 2020- 2024 وبرامج الضبط المالي ورفع كفاءة الإنفاق العام الداعمة للاستدامة المالية كمُمكِن رئيسي لنجاح رؤية عُمان 2040 شهد الوضع العالي في سلطنة عُمان تحولًا جذريًا من مخاطر واسعة أحاطت بالمركز المالي للدولة ليصل حاليًا إلى استقرار ملموس، وقد عززت سلطنة عُمان مركزها المالي من خلال توجيه الجانب الأكبر من الفوائض المحققة من ارتفاع النفط لتسريع سداد الديون وإيصال الدين العام لحدود آمنة من حيث نسبته من الناتج المحلى.

 

وفي مطلع مارس 2025 قامت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني برفع نظرتها المستقبلية للقطاع المصرفي العُماني من «مستقرة» إلى «إيجابية»، وكان ذلك التعديل الوحيد الذي قامت به الوكالة في نظرتها للقطاع المصرفي في دول مجلس التعاون، حيث أبقت نظرتها مستقرة دون تغيير للقطاع المصرفي في بقية دول المجلس، وقد أشارت الوكالة إلى أن تحسن النظرة المستقبلية للقطاع المصرفي العُماني يعكس عوامل تتعلق بمسار الاقتصاد، منها استمرار نمو الناتج المحلى وأداء جيد للقطاعات غير النفطية. والمبادرات التي تقدمها الحكومة لتعزيز أداء القطاع، فضلًا عن عوامل إيجابية تتعلق بأداء القطاع المصرفي، منها مستويات الربحية الجيدة للبنوك المحلية وحفاظها على جودة الأصول ونسب معتدلة من القروض المتعثرة.

 

وفي تقييمها للتطورات المقبلة في القطاع المصرفي العُماني، توقعت وكالة «موديز» أن تتواصل جودة القروض، حيث تسهم قوة النشاط الاقتصادي في دعم قدرة المقترضين على السداد وتتوقع «موديز» انخفاض) في القروض المتعثرة وأن تظل المراكز المالية في البنوك العُمانية مرنة مع استقرار مستويات الربحية، حيث من القطاع من انخفاض مخصصات القروض، حيث يتواصل المرجح أن يمثل صافي الدخل حوالي 11 في المائة من الأصول الملموسة في عام 2025، ومن المتوقع أن يستفيد تحسن أداء الاقتصاد ويسهم التوجه نحو رقمنة الخدمات والمدفوعات في تعويض النفقات التشغيلية المتزايدة، كما تواصل الحكومة دعم القطاع المصرفي، ويوفر هذا التحسن المالي أساسًا أقوى للاستقرار المالي والنمو.

 

وأشارت وكالة «موديز» إلى النمو المطرد للقطاع غير النفطي، الذي من المتوقع أن يتوسع بنحو 3 في المائة في عامي 2025 و 2026، وتشمل العوامل الدافعة لهذا التوسع ارتفاع ثقة المستهلكين والشركات وانتعاش السياحة واستثمارات القطاع الخاص في التصنيع والنقل والطاقة المتجددة، كما توقعت الوكالة أن يصل نمو الناتج المحلى الإجمالي لسلطنة عُمان إلى 2.4 في المائة في عام 2025.