كواليس صناعة قرار الهجوم على اليمن.. "ترامب" يكتب فصلًا جديدًا من العداء مع "الحوثيين"
ما إن وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، إلا أنه أعاد تصنيف جماعة "الحوثيين اليمنية" على قوائم الإرهاب الأجنبية مرة أخرى، تمهيدًا لفتح فصل جديد من العداء، مرجعًا ذلك إلى تحركاتها التي تهدد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
وفي أولى صفحات ذلك الفصل، شنَّ الجيش الأمريكي بأمر من دونالد ترامب نحو 40 غارة ضد أهداف يمنية، يُزعم أنها استهدفت مواقع تابعة لجماعة الحوثيين، التي أكدت أن هذه الهجمات لم تتعدَّ كونها استهدافًا لأحياء سكنية ومنازل مدنية.
وفي معرض تبريرها للهجمات ضد اليمن، قالت الولايات المتحدة إن هجمات الحوثيين أدت إلى تحويل مسار نحو 60 بالمائة من السفن إلى أفريقيا بدلًا من عبور البحر الأحمر، مؤكدة في ذات الوقت، أن هذا أثر سلبًا على الأمن الاقتصادي الأمريكي والتجارة العالمية.
غير أن اللافت، أن الهجمات الأمريكية ضد الحوثيين -وهي الأولى منذ تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للبلاد في يناير الماضي- لم تأتي إلا في أعقاب انتهاء المهلة التي حددتها لإسرائيل باستئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وإلا فإنها ستعاود استئناف حظر حركة الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب وخليج عدن.
وحديث الحوثيين ذلك يعني أنها ستهاجم أي سفينة إسرائيلية تدخل هذه المناطق، على نفس النحو الحاصل منذ نوفمبر 2023، قبل أن تتوقف منذ بدء دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ في الـ19 يناير 2025.
كواليس صناعة القرار
وبرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجمات بلاده ضد اليمن، التي خلفت العشرات بين قتيل وجريح، بأن الحوثيين شنوا حملة متواصلة من العنف ضد السفن والطائرات والمُسيّرات الأمريكية.
وحذر الرئيس الأمريكي، الحوثيين بأنهم إذ لم يقفوا هجماتهم فسوف تحل عليهم نار جهنم كما لم يروا من قبل، وفق قوله.
وفي المقابل، ردت الجماعة، بأن الحظر البحري الذي أعلنته دعمًا لقطاع غزة يقتصر على الملاحة الإسرائيلية حتى إدخال المساعدات، مشددًا على أن الملاحة الدولية في البحر الأحمر ستظل آمنة من جهة اليمن، في حين تمثل الغارات الأميركية "عودة لعسكرة البحر"، كما قالت.
واعتبرت التصريحات الأمريكية بأنها تهدد الملاحة الدولية في باب المندب تهدف إلى "تضليل الرأي العام الدولي".
في غضون ذلك، قالت شبكة "CNN" الأمريكية عن مصدر مطلع على استراتيجية هجمات الولايات المتحدة، إن هذه ليست عملية منفصلة، بل هي بداية سلسلة مُتواصلة من الضربات ستستمر أيامًا، إن لم يكن أسابيع، لكن لن يكون هناك غزو أو قوات برية.
وحسب ما أوردته الشبكة الأمريكية، فإن من المتوقع اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد الحوثيين، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لكن الأمر يتوقف على تقييم الأضرار الناجمة عن سلسلة الضربات.
وذات الأمر، أكده موقع "أكسيوس" الأمريكي، حيث قال عن مصدر مسؤول، إن الضربات الجوية الأمريكية على اليمن لن تكون لمرة واحدة، فسوف تستمر هذه الهجمات ضد الحوثيين لأيام أو أسابيع.
كما أكدت وكالة "رويترز" للأنباء عن مسؤول أمريكي، إن ضربات الجيش ضد الحوثيين في اليمن قد تستمر لأسابيع.
وفي الإطار نفسه، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن اليوم بدأ تنفيذ ضربات عسكرية ضد أهداف يسيطر عليها الحوثيون، حيث نفذت "واشنطن" أولاها بطائرات مقاتلة من حاملة الطائرات "هاري إس ترومان" بالبحر الأحمر.
وأضافت "نيويورك تايمز" -نقلًا عن مصدر أمريكي- إن الضربات استهدفت رادارات ودفاعات جوية وأنظمة صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين، موضحة أنها تستهدف فتح ممرات الشحن الدولية بالبحر الأحمر التي عطلتها هذه الجماعة.
ووفقًا لـ"نيويورك تايمز"، فإن استهداف ترسانة الحوثيين قد يستمر عدة أيام وقد يزداد نطاقه اعتمادًا على ردهم، مؤكد أن ذلك يستهدف أيضًا إرسال إشارة تحذير لإيران.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن المستوى الأمني يرغب بحملة أقوى تفقد الحوثيين السيطرة على أجزاء من اليمن، في ظل ترقب هجوم مضاد من قبلهم.
ترقب إسرائيلي
في موازة ذلك، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول إسرائيلي، قوله، إن الولايات المتحدة قدمت إشعارًا مسبقًا لـ"تل أبيب" بشأن الضربات في اليمن.
وقالت مجلة "إيبوك" الإسرائيلية، إن "تل أبيب" تستعد لاحتمال قيام جماعة "الحوثي" بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة.
المجلة أكدت، أن إسرائيل تلقت تحديثًا مسبقًا بشأن الهجوم الأميركي على الحوثيين في اليمن، موضحة أن التقديرات الأمنية تتوقع أن الصراع العسكري بين الولايات المتحدة والحوثيين قد يستمر لفترة طويلة.
من جانبها، قال القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصدر عسكري، إن إسرائيل تتوقع أن تتعرض لإطلاق صواريخ من اليمن، ولكن الجبهة الداخلية لم تغير تعليماتها بعد.
وأضافت القناة العبرية، أن "تل أبيب" تتابع عن كثب ما يجري في اليمن، وتدرس الفرص المناسبة لتنفيذ ضربة إسرائيلية.