رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


نساء في الإسلام (18ـ 30)| فاطمة بنت الخطاب.. مفتاح النور في طريق «الفاروق»

18-3-2025 | 16:58


فاطمة بنت الخطاب

همت مصطفى

في أروقة التاريخ وإشراقة الحضارة، تتلألأ صور «نساء الإسلام» كنجومٍ سطعت في سماء الإيمان والعطاء، خلدهن إيمانهن و مواقفهن القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركن أثرًا كبيرًا  محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق.

ومع بوابة «دار الهلال» في أيام شهر رمضان الكريم لعام 1446 هجريًا  نقدم كل يوم حلقة من سلسلة «نساء في الإسلام» لتأخذنا إلى عمق النفوس، حيث تتجسد شجاعة المرأة وعزمها في مواجهة تقلبات الزمان، في كل حلقةٍ، نكتشف حكاياتٍ نسجت بخيوط العزيمة والإيمان، رسمت بمسحاتٍ من النور ملامح الحضارة الإسلامية هنا، يتلاقى الجمال الروحي مع القوة الإنسانية، وتنبثق من رحم التحديات أروع معاني التضحية والكرامة، لتكون المرأة ركيزة لا غنى عنها في بناء حضارتنا وإرثها العريق.

ولقاءنا في اليوم الثامن عشر من رمضان 1446 هجريًا الموافق 18 مارس 2025 ميلاديًا مع الصحابية الجليلة.. فاطمة بنت الخطاب.. صوت الإيمان الذي هز قلب عمر
فاطمة بنت الخطاب بن نفيل بن عبد العزى، القرشيَّة العدويَّة، أخت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتُكنَّى «أم جميل»، ولقبها «أُميمة»، ولم تكن تُعرف في حياتها باسم فاطمة؛ إنما اشتهرت بلقبها وكنيتها، وأمُّها حنتمة بنت هاشم بن المغيرة، وزوجها سعيد بن زيد «رضي الله عنه»  أحد العشرة المبشرين بالجنَّة.

من السابقات إلى الإسلام

كانت الصحابية فاطمة بنت الخطاب، ذات إيمانٍ قويٍّ وصلاحٍ ودين، شديدة الإعتزاز بالإسلام، راجحة العقل، وكانت «رضي الله عنها» من فواضل نساء عصرها ومن السابقات إلى الإسلام، فأسلمت قديمًا في فجر الإسلام مع زوجها سعيد بن زيد رضي الله عنه، وقبل إسلام أخيها عمر «رضي الله عنه» كما أنَّها بايعت  رسول الله  صلى الله عليه وسلم» فكانت من المبايعات الأُوَل

فاطمة بنت الخطاب.. الشعلة التي أنارت درب الفاروق​

وكانت  فاطمة بنت الخطاب أحد أسباب إسلام «الفاروق»  حيث خرج عمر بن الخطاب رضي الله» عنه يومًا ومعه سيفه يُريد قتل النبيِّ صلى الله عليه وسلم»، فلقيه نعيم بن عبد الله فقال له: ماذا تريد يا عمر؟» فقال عمر: أريد محمَّدًا فأقتله، فقال نعيم: أفلا ترجع إلى أهلك فتُقيم أمرهم؟» قال عمر: وأيُّ أهلي؟» قال نعيم: ابن عمِّك سعيد بن زيد وأختك فاطمة».
فدخل عمر عليهما وعندهما الصحابي الجليل خباب بن الأرت يُقرئهما القرآن، فبطش بزوجها وضربها فشجَّها، فقالت له حينئذٍ: «قد أسلمنا وآمنَّا بالله ورسوله فاصنع ما شئت»، فلمَّا رأى عمر ما بأخته من دم ندم وقال لها: «أعطني الصحيفة التي تقرأون فيها»، فأعطته الصحيفة وكان فيها قوله تعالى{طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1، 2]. فلمَّا قرأ بعضها قال لـ خباب بن الأرت، دلَّني على محمدٍ حتى آتيه فأُسلم، فدلَّه خباب على الرسول صلى الله عليه وسلم، فأسلم عمر رضي الله عنه
».


و كان إسلام عمر «رضي الله عنه» من المواقف المهمة في تاريخ فاطمة  «رضي الله عنها»، وأحد المواقف المهمة  في الحياة الإسلامية عامة، وفيه يعود الفضل لفاطمة بنت الخطاب وثباتها على دينها، ودعوتها الصادقة لأخيها، الذي كانت البلاد بأجمعها تخاف من بطشه في جاهليته، ولكنها لم تخشه قط، بل أصرت على موقفها، وكانت سببًا في إسلامه، وبذلك تحققت فيه دعوة رسول الله  «صلى الله عليه وسلم»

وكانت فاطمة بنت الخطاب مع زوجها سعيد بن زيد من المهاجرين الأولين إلى المدينة المنورة، وروى ابن كثير أنهما كانا من الذين هاجروا مع عمر بن الخطاب علانيةً، حيث تقلد عمر بن الخطاب سيفه ووضع قوسه على كتفه وحمل أسهمًا، وذهب إلى الكعبة حيث طاف سبع مرات، ثم توجه إلى مقام إبراهيم فصلى، ثم قال لحلقات قريش المجتمعة: «شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده أو يُرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي».

التائبة العابدة

وعرفت الصحابية الجليلة فاطمة بنت الخطاب، بعبادتها وورعها ويذكر أن أطلق عليها «التائبة العابدة»  فقد عاشت الجاهلية، ولما جاء الإسلام اعتنقته بكل حب وتفان، فصنع منها امرأة الجهاد والعلم والدعوة  شديدة الإيمان بالله.