36 عامًا على تحرير طابا.. معركة قانونية لاسترداد آخر شبر من أرض مصر
تحتفل مصر اليوم، بذكرى عيد تحرير طابا، وهي الذكرى التي توافق يوم 19 مارس من كل عام، ففي هذا اليوم قبل 36 عاما رفعت مصر العلم على أرض طابا آخر شبر استردته مصر من الاحتلال الإسرائيلي، لتبثت مصر سيادتها عليها بعد معركة دبلوماسية وقانونية خاضتها لإثبات أحقيتها في عودة طابا لسيادتها ودحض الإدعاءات الإسرائيلية حولها ليظل 19 مارس من كل عام يوما استثنائيا في تاريخ مصر.
تحرير طابا
لم يكن تحرير طابا، منفصلا عن السنوات التي سبقته، فبعد انتصار عسكري مجيد حققته مصر في حرب السادس من أكتوبر 1973، بعبور الضفة الشرقية لقناة السويس وإلحاق هزيمة بالغة بالاحتلال الإسرائيلي، تلاه انتصار دبلوماسي بالمفاوضات التي أسفرت عن اكتمال الانسحاب الإسرائيلي من أرض سيناء وتحريرها، في 25 أبريل 1982، بدأت معركة أخرى انتصرت فيها مصر وهي معركة قانونية بالتحكيم الدولي.
بدأت قضيه طابا عقب توقيع معاهده السلام بين مصر وإسرائيل في 1979، والتي نصت على سحب إسرائيل لكامل قواتها من شبه جزيرة سيناء في موعد غايته 25 أبريل 1982، إلا أنه في ديسمبر 1981 أثارت تل أبيب أزمة من خلال إدعاءات بمواقع غير صحيحة للعلامة رقم 91 في محاولة لضم منطقة طابا إليها، ورفضت الانسحاب من طابا بادعاء أن هذه المساحة التي تبلغ 1020 مترا لا تقع ضمن الأراضي المصرية.
وبدأت مصر تبحث عن حل يسمح بالانسحاب الإسرائيلي في الموعد المحدد من شبه جزيرة سيناء والبحث عن وسيلة مقبولة لحل الخلافات القائمة حول العلامات المعلقة دون حسم، وفي مارس 1982 أعلن رئيس الجانب المصري في اللجنة المصرية الإسرائيلية أن هناك خلافا جذريا حول بعض النقاط الحدودية خاصة العلامة 91، ليوقع الجانبان اتفاقاً في 25 أبريل 1982 استهدف وضع النزاع في إطار محدد لتسويته بإحدى وسائل تسوية المنازعات الدولية عن طريق التفاوض أو التوافق أو التحكيم التي حددتها المادة السابعة من معاهدة السلام، في مايو 1985، تشكلت اللجنة القومية العليا لطابا.
ونصت اتفاقية السلام على أن أي نزاع ينشأ بمناسبة تطبيق وتنفيذ هذه الإتفاقية يحل أولا بالتفاوض، وإذا فشل التفاوض في حل النزاع يلجأ الطرفان إما إلى التوفيق أو إلى التحكيم، ورغم مطالبة إسرائيل باللجوء للتوفيق، رفضت مصر ذلك، ولجات إلى التحكيم الدولي كعملية قانونية، وطالبت مصر باللجوء إلى التحكيم الدولي لحل النزاع، وهو ما وافقت عليه إسرائيل في 13 يناير عام 1986.
وفي يوم 11 سبتمبر 1986، وقعت مشارطة التحكيم بين مصر وإسرائيل وشمل الاتفاق مهمة المحكمة في تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف، واتفق الطرفان على اختيار المحكمين وأُحيل النزاع إلى هيئة تحكيم دولية تشكلت من خمسة محكمين.
ومنذ تشكيل هيئة التحكيم في سبتمبر عام 1986 وحتى 29 سبتمبر 1988، قدم الفريق المصري أسانيد ووثائق تؤكد حق مصر التاريخي في منطقه طابا، تمتد من عام 1274، كما قدم أيضاً مجموعه من الأسانيد والوثائق التاريخية من المندوب السامي البريطاني إلى الخارجية المصرية، والمخابرات المصرية عام 1914 وتقارير مصلحه الحدود في عام 1931 وأخرى، إلى أن أسدل الستار في 29 سبتمبر 1988 بإصدار هيئة التحكيم حكمها التاريخي.
وبعد أن استمرت المرافعات والمداولات عامين، عقدت جلسة علنية عقدت في قاعة المجلس الكبير بالمقر الرسمي لحكومة مقاطعة جنيف في حضور وكيلي الحكومتين، وأعضاء هيئة الدفاع لكلا الجانبين معلنة عودة طابا إلى أحضان الوطن المصري، وأعلن القاضي السويدي جونار لاجرجرين، رئيس هيئة التحكيم الدولي، حكمه التاريخي بأغلبية 4 أصوات والاعتراض الوحيد من الجانب الإسرائيلى، ووقع الحكم في 230 صفحة، ونص منطوق الحكم على "أن وادي طابا بأكمله وبما عليه من إنشاءات سياحية ومدنية هي أرض مصرية خالصة".
وبعد إصدار حكم المحكمة تم التوصل إلى عقد ما سمي باتفاق روما التنفيذى في 29 نوفمبر 1988 والذي نص فيه على تحديد علامات الحدود الأربعة عشرة وفقا للحكم الصادر عن محكمة التحكيم، وعلى الانسحاب الإسرائيلي من الأرض المصرية إلى ما وراء هذه العلامات فور تحديدها، وبالفعل في 19 مارس 1989، تم جلاء الإسرائيليين عن طابا ورفع العلم المصري، لتحتفل مصر بهذا اليوم بعيد تحرير طابا.
معلومات عن طابا
طابا مدينة صغيرة تتميز بأهمية إستراتيجية فهي تقع علي بعد 7 كيلومترات من الميناء الإسرائيلي إيلات شرقاً، وعلي بعد 245 كيلومتراً شمال شرقي شرم الشيخ ذات الأهمية الكبرى في المرور داخل العقبة وعبر مضيق تيران علي مدخل الخليج.