رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


نساء في الإسلام (26 ــ 30)| «أم شريك».. سيدةٌ هزّت صحراء الجاهلية بدعوة التوحيد

26-3-2025 | 17:10


أم شريك

همت مصطفى

في أروقة التاريخ وإشراقة الحضارة، تتلألأ صور «نساء الإسلام» كنجومٍ سطعت في سماء الإيمان والعطاء، خلدهن إيمانهن و مواقفهن القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركن أثرًا كبيرًا محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق.

ومع بوابة «دار الهلال» في أيام شهر رمضان الكريم لعام 1446 هجريًا  نقدم كل يوم حلقة من سلسلة «نساء في الإسلام» لتأخذنا إلى عمق النفوس، حيث تتجسد شجاعة المرأة وعزمها في مواجهة تقلبات الزمان،

في كل حلقةٍ، نكتشف حكاياتٍ نسجت بخيوط العزيمة والإيمان، رسمت بمسحاتٍ من النور ملامح الحضارة الإسلامية هنا، يتلاقى الجمال الروحي مع القوة الإنسانية، وتنبثق من رحم التحديات أروع معاني التضحية والكرامة، لتكون المرأة ركيزة لا غنى عنها في بناء حضارتنا وإرثها العريق.

ولقائنا في اليوم السادس والعشرين من رمضان 1446 هجريًا الموافق 26 مارس 2025 ميلاديًا مع الصحابية الجليلة مع  السيدة  «أم شَرِيك» رضي الله عنها، المسلمة الصابرة التي قادت قبيلتها للإسلام

من السباقين للإسلام 

كانت الصحابية «أم شَرِيك»  من السباقين للإسلام من أهل مكة المكرمة، ونموذجًا  من الصحابيات الجليلات التي  يأخذنَ عن رسول الله الحديث ويروينه، ويتعلمن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويدعون إلى الله بالعلم الذي تعلمنه، ويتلقين القرآن، ويحفظنه ويُعلِّمْنه للآخرين، وكانت تشعر بأنها من  مسؤولات عن الإسلام مثل الرجال،  وخصوص في مجال نشر ودعوة الناس إليه .

والصحابية الجليلة  «أم شَرِيك»، واسمها غَزِيَّة بنت جابر العَامِريَّة ، وقيل أنها كانت من بني النجار من قبيلة الخزرج وقيل من دوس من قبيلة زهران وقيل من بني غفار من قبيلة كنانة والأكثر على أنها من بني معيص بن عامر بن لؤي من قبيلة قريش.

وكانت  «أم شَرِيك»   متزوجة من الصحابي   أبو العكر الدوسي ــ رضي الله عنهماــ هاجر زوجها مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وبقيت هي في مكة المكرمة تكتم إسلامها.

الداعية إلى الإسلام
عندما رأت «أم شَرِيك»  ما حلّ بالمسلمين المستضعفين من اضطهاد وتضييق، عقدت العزم على نصرة دين الله، وحملت همّ الدعوة إليه، فأصبحت تفد على نساء مكة المكرمة وتدعوهن في سرّية إلى الإسلام، حتى وُشِي بها واكتشف الكفار أمرها، فأجمعوا أمرهم وكادوا يقتلونها، لولا تحالفهم مع قومها، لكنها بقيت ثابتة على دينها مشيحة بوجهها عن دعوتهم لها لترك الإسلام.

وعن ابن عبّاس، قال: وقع في قلب «أم شَرِيك»  الإسلام وهي بِمكّة، وكانت تحت أبي العَكَر الدَّوْسي فأسلمت، ثم جعلت تدخلُ على نساء قريش سرًّا فتدعوهن وترغّبهن في الإسلام حتى ظهر أمْرُها لأهل مكّة؛ فأخذوها وقالوا لها: لولا قومُك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم، قالت: فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطَأ ولا غيره، ثم تركوني ثلاثًا لا يطعموني ولا يسقوني، قالت: فما أتَتْ عليّ ثلاث حتى ما في الأرض شيء أسمعه، فنزلوا منزلًا، وكانوا إذا نزلوا أوْثقُوني في الشّمس و استظلوا وحبسوا عني الطّعام والشّراب حتى يرتحلوا، فبينما أنا كذلك إذ أنا بأثر شيء عليّ برد منه، ثم رفع، ثم عاد فتناولته، فإذا هو دلو ماء؛ فشربت منه قليلًا، ثم نزع مني، ثم عاد فتناولته فشربتُ منه قليلَا، ثم رفع ثم عاد أيضًا، ثم رفع فصنع ذلك مرارًا حتى رويت، ثم أفضْتُ سائره على جسدي وثيابي،  فلما استيقظوا فإذا هم بأثر الماء، ورأوني حسنة الهيئة، فقالوا لي: «انحللت فأخذتِ سقاءنا فشربتِ منه، قلت: لا والله هذا رزقًا رزقنيه الله... فانطلقوا إلى قربهم فوجدوها موكّأة ــ كما تركوها لم تحل، ولئن كنتِ صادقة فدينُك خير من ديننا، فنظروا إلى الأسقية فوجدوها كما تركوها  فجاؤوها قائلين: «نشهد أن ربك هو ربنا، وأن الذي رزقك في هذا الموضع - بعد أن فعلنا بك ما فعلنا - هو الذي شرع الإسلام، وهو ربٌّ قادر على كل شيء، أمَّا أصنامنا، فلا تملك الحركة أو النفع»، وأسلموا كلهم عن بَكْرَة أبيهم وكسروا أصنامهم بأيديهم.

وهاجروا جميعًا إلى رسول الله «صلى الله عليه وسلم» يجاهرون بإسلامهم ويشهدون أن محمًدًا عبدُ الله ورسوله، كل ذلك بفضل الله ثم بصبر أم شَرِيك عليهم وثباتها على الحق ، وعَرَفوا فضل  «أم شريك» عليهم، رضي الله - تعالى - عن الصحابية الجليلة الثابتة على الحق  «أم شريك العامرية» التي ثبتت على دينها الإسلام  فكانت نموذجا  للمرأة القوية الشجاعة الثابتة  على الإيمان التي  تقود قبيلتها للإسلام.

وجاء عن الصحابية «أم شَرِيك»  ثلاثة أحاديث مسندة، عن أم شريك؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:  «يَتَفَرَّقُ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ » ، قالت أم شريك: يا رسول الله، فأين العرب يومئذ؟ قال:  «هُمْ قَلِيلٌ »،  وأخرج ابْنُ مَاجَه عن أبي أُمَامة عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر الدّجال؛ قال:  «تَرْجُفُ المَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فََلَا يَبْقَى مُنَافِقٌ وَلَا مُنَافِقَةٌ إِلَّا خَرَجَ إِلَيْهِ وَيُدعَى ذَلِك اليَوْمُ يَوْمُ الحَلَامِ »،  قالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله؛ فأين العرب يومئذ؟ قال:  «هم يومئذ قليل»، ذكره في حديث طويل، و الثاني: أخرجه الشَّيْخانِ من رواية سعيد بن المسيب، عن أم شريك أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرها بقتْل الأوزاغ.