في كل زاوية من زوايا الأرض، قامت صروح شاهقة تنطق بالجلال، وتعكس نور الإيمان، وتُردد أصداء التكبير والتهليل، إنها المساجد والجوامع، بيوت الله التي جمعت القلوب، ووحدت الصفوف، واحتضنت أرواحًا وجدت فيها السكينة والطمأنينة.

وفي شهر رمضان المبارك، حيث تصفو الأرواح وتسمو النفوس، نأخذكم في رحلة روحانية عبر الزمان والمكان، لنطوف بكم حول أجمل وأعظم الجوامع والمساجد في العالم، من قلب الحرمين الشريفين، والأرض المباركة في فلسطين، إلى مآذن الأندلس الشامخة، ومن سحر مساجد الشرق العتيقة إلى عبق التاريخ في مساجد المغرب العربي، إلى قارات العالم جميعها، سنعيش معًا حكاياتٍ من الجمال المعماري، والتاريخ العريق، والمواقف الإيمانية الخالدة.

وعبر بوابة «دار الهلال» خلال أيام شهر رمضان الكريم، لعام 1664 هجريًا / مارس 2025 ميلادي، نستعرض معكم أحد أشهر المساجد، والجوامع التاريخية في دول العالم الإسلامي، والدول العربية، حيث يجتمع الفن والهندسة والإيمان في لوحات تأسر القلوب، وتروي قصصًا من العظمة والروحانية، في ليالي رمضان المباركة.

وفي اليوم السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك 1446هـ/ 25 مارس 2025م نذهب في رحلة وجولة مع «مسجد قول شريف» في روسيا

البناء والتأسيس

بني مسجد «قول شريف» أوائل القرن السادس عشر، وسمي باسم عالم الدين قول شريف، الذي قتل مع عدد كبير من طلابه أثناء الدفاع عن مدينة قازان المسلمة ــ عاصمة جمهورية تتارستان ــ  ضد القوات الروسية بقيادة إيفان الرهيب عام 1522، ونتج عن ذلك قتل المئات وتدمير المسجد بالكامل وبقي مكانه خاليا لعدة قرون، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وبمساعدة عدة دول إسلامية تتقدمها السعودية والإمارات، أعيد بناء المسجد بتصاميم حديثة  متميزة وبديعة. 
 
وافتتح المسجد في الـ 24 من يوليو 2005 بعد عمل استمر 9 سنوات، وقيل حينها إنه أكبر مسجد في روسيا وأوروبا باستثناء بعض المساجد في تركيا.

ويقع مسجد «قول شريف» في مدينة قازان بمنطقة تتارستان، وهي جزء من الاتحاد الروسي، وأصبح  رمزًا ومعلمًا حضاريًا للمدينة، وتصادف افتتاحه مع بدء احتفالات تتارستان بمرور ألف عام على بناء المدينة ودخول الإسلام.

بناء وتكوين مسجد «قول شريف»

لمسجد «قول شريف» قبة وأربع مآذن ويتسع لستة آلاف مصلٍ، ويقول متخصصون في تتارستان إن الروس استوحوا تصاميم المسجد القديم لبناء كاتدرائية سانت باسيل الشهيرة في موسكو، التي تتميز بقبتها الضخمة التي تحيط بها ثماني منائر، ويدلل هؤلاء على صحة رأيهم بالقول إن هذا التصميم غريب عن الهندسة والتصاميم الروسية.

وإلى جانب المبنى الرئيسي المخصص للصلاة، توجد عدة مبان تضم مكتبة ودارا لنشر الكتب الإسلامية ومتحفًا ومكتبًا وسكنًا لإمام الجامع.