زيارة الرئيس السيسي للخليج.. خبراء: دفعة قوية للشراكات الاقتصادية وتدعم تنويع موارد النقد الأجنبي| خاص
في إطار تحركات دبلوماسية واقتصادية استراتيجية، اختتم السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي جولة خليجية شملت قطر والكويت، شهدت عددًا من اللقاءات المهمة التي هدفت إلى تعزيز أواصر التعاون الثنائي، ودعم العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول الخليج، وسط تقدير كبير من القادة الخليجيين للعلاقات الأخوية الممتدة مع القاهرة.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد شوقي، في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال"، إن زيارة الرئيس السيسي إلى الدول الخليجية تأتي في توقيت بالغ الأهمية، إذ تعكس توجه الدولة المصرية نحو توسيع الشراكات الاستراتيجية مع الأشقاء العرب، بما يدعم الجهود المبذولة لتنويع وتعزيز موارد النقد الأجنبي، في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح شوقي أن مصر تسعى بجدية إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة كأحد الحلول الهيكلية المستدامة لتقليص فجوة النقد الأجنبي، خاصة في ظل ارتفاع عجز الميزان التجاري والالتزامات الخارجية، لافتًا إلى أن ضخ استثمارات مباشرة داخل الاقتصاد المصري يُعد أداة فعالة في تحفيز النمو الاقتصادي ودعم استقرار الجنيه المصري، في ظل تطبيق نظام سعر صرف مرن.
وأكد أن الاستثمار الأجنبي المباشر يتميز عن التمويل الدولي التقليدي بكونه لا يمثل دينًا على الدولة، بل يسهم في استمرارية التدفقات النقدية ويعزز الاستقرار الاقتصادي طويل الأجل، مشيرًا إلى أن تعزيز الشراكات الخليجية يُعد ركيزة رئيسية لتحقيق معدل النمو المستهدف عند 4%، ودعم خطة الدولة في خفض التضخم إلى 5% بحلول عام 2026، فضلًا عن دوره في خلق فرص عمل جديدة وخفض معدلات البطالة.

وفي السياق ذاته، قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن جولة الرئيس السيسي الخليجية التي شملت قطر والكويت تهدف إلى تعميق العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول الخليج، مستندة إلى علاقات استراتيجية قوية تربط القاهرة بالعواصم الخليجية.
وأضاف غراب أن الزيارة جاءت بالتزامن مع تنفيذ مصر لإصلاحات هيكلية شاملة في الاقتصاد، وتحسن ملحوظ في بيئة الأعمال والاستثمار، إلى جانب امتلاكها مشروعات قومية كبرى تمثل فرصًا استثمارية واعدة، من بينها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروعات الطاقة المتجددة والسياحة والزراعة.
وأشار إلى أن زيارة الرئيس أثمرت عن نتائج اقتصادية ملموسة، إذ التقى برجال أعمال ومستثمرين في كل من قطر والكويت، وقدم لهم عرضًا شاملًا حول الفرص الاستثمارية المتاحة، مشيدًا بالمقومات التنافسية التي تتمتع بها مصر، من موقع استراتيجي وبنية تحتية حديثة إلى موارد بشرية ماهرة وتشريعات جاذبة للاستثمار.
ولفت غراب إلى أن زيارة الرئيس لقطر أسفرت عن توقيع اتفاق لضخ استثمارات قطرية مباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار خلال الفترة المقبلة، كما ارتفعت الاستثمارات القطرية في مصر إلى نحو 618.5 مليون دولار في العام المالي 2023/2024، مقابل 548.2 مليون دولار في العام السابق، وبلغت تحويلات المصريين العاملين في قطر 819.5 مليون دولار، فيما زادت قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى 128.4 مليون دولار خلال عام 2024.
وعن العلاقات الاقتصادية مع الكويت، أشار غراب إلى أن زيارة الرئيس تعزز من فرص توسيع الاستثمارات الكويتية في مصر، موضحًا أن هناك نحو ألف شركة كويتية تعمل في السوق المصري باستثمارات تتجاوز 20 مليار دولار، تتركز في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية والزراعة والسياحة، مؤكدًا أن الكويت تُعد ثالث أكبر شريك تجاري عربي لمصر.
وأوضح أن التبادل التجاري بين مصر والكويت بلغ نحو 1.2 مليار دولار في عام 2024، بينما بلغ 2.6 مليار دولار في عام 2023، كما سجلت الاستثمارات الكويتية نحو 547.7 مليون دولار خلال العام المالي 2023/2024، وبلغت تحويلات المصريين العاملين بالكويت 2.1 مليار دولار.

وأكد غراب أن المرحلة المقبلة ستشهد دفعة قوية لمسار التعاون الاقتصادي بين مصر ودول الخليج، مشيرًا إلى أن التجربة الناجحة مع الإمارات في مشروع تطوير "رأس الحكمة" تمثل نموذجًا يحتذى به، وتعكس ثقة المستثمرين الخليجيين في السوق المصري، الذي يظل من أبرز الوجهات الجاذبة للاستثمارات في المنطقة.
واختتم الرئيس عبد الفتاح السيسي زيارته الرسمية إلى دولة الكويت، التي استمرت يومين، وأجرى خلالها لقاءات مكثفة تناولت سبل تعزيز التعاون الثنائي والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وأقيمت مراسم وداع رسمية للرئيس في مطار الكويت الأميري، بحضور أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وكبار المسؤولين، في مشهد يجسد عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين.