هل يعد الانسحاب الأمريكي من سوريا تخليا عن أمن إسرائيل؟.. خبراء يوضحون| خاص
أعلنت الولايات المتحدة، أمس، وجود تطورات استراتيجية جديدة بالداخل السوري، في اتجاه لتقليص وجودها العسكري في العمق السوري، في خطوة تعد هي الثالثة من نوعها عقد تدخلها المباشر عام 2015، ومحاولة سحب القوات عام 2019 الماضية، وهذه التحركات تأتي في ظل تحولات إقليمية ودولية متسارعة، لاسيما مع تزايد القلق الإسرائيلي من تصاعد الدور التركي، مع الانقسام الإقليمي والدولي بشأن ملء الفراغ الأمني والعسكري الذي سيخلفه الانسحاب الأمريكي، وفي السطور التالية نستعرض القرار الأمريكي لسحب القوات، فضلا عن التداعيات الأمنية والعسكرية لهذا القرار.
انسحاب "القوات الأمريكية" من الأراضي السورية للمرة الثانية
نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين أمريكيين، أن الجيش الأمريكي في طريقه إلى دمج كافة القوات المتواجدة في العمق السوري، لأجل بداية تقليص الأعداد إلى النصف، فضلا عن أن أحد المسؤولين الأمريكيين قد تحدث عن أن عدد القوات الأمريكية من المحتمل أن تتقلص إلى النصف تقريبا، وأضافت: أن القوات الأمريكية تستعد خلال الأسابيع والأشهر المقبلة للانسحاب تدريجيا.
وتحدث مسؤول أمريكي رفيع المستوى، أنه لا يوجد يقين حتى هذه اللحظة بشأن الأعداد المقترح انسحابها خلال الفترة المقبلة، إذ إن الجيش الأمريكي يمتلك قرابة ألفي جندي موزعين على عدد من القواعد العسكرية، معظمها يرتكز في الشمال الشرقي.
خوف إسرائيلي من تصاعد النفوذ التركي بسوريا مع انسحاب القوات الأمريكية
قالت يديعوت احرونوت، أن مسؤولين أمريكيين، قد أبلغوا الجيش الإسرائيلي بالانسحاب من الداخل السوري في خلال الشهرين المقبلين، وعلى جانب أخر، يضغط في الوقت الحالي، مسؤولين عسكريين إسرائيليين على الإدارة الأمريكية الحالية لتأجيل انسحابها.
وأضافت الصحيفة: أن إسرائيل في الوقت الحالي تخشى من تنامي قوة الجيش التركي وسيطرته على مزيد من الأراضي السورية، وأن ذلك سيكون نتيجة حتمية ومتوقعة للانسحاب الأمريكي، فقد شهدت الفترة الأخيرة، توغل القوات الإسرائيلية داخل الحدود السورية، معللة عدم فرض النظام في سوريا، فضلا عن كبح جماح الجانب التركي داخل أراضي دمشق، خاصة على الجنوب من الحدود من إسرائيل.
صلاح حليمة: لا خطر أمني على إسرائيل في انسحاب القوات الأمريكية في ظل التنسيق الروسي الأمريكي التركي
قال السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية السابق، إن الموقف الامريكي في عهد ترامب معروف من البداية وهو عدم وجود أي قوات أمريكية بالخارج، مع استثناء القاعدة وهي الصومال ومنطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، وأن التواجد الأمريكي من البداية لأجل استغلال حقول البترول والغاز، في إطار حماية وتأمين الثروة المعدنية.
وأضاف حليمة، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال" أنه لا يتوقع ابدا حدوث تغيرات في المعادلة الإقليمية خاصة مابعد الانسحاب التدريجي الثاني للقوات الأميركية، وذلك نتيجة التنسيق الأمني بين الجانبين الأمريكي والروسي والتركي، على أن يكون هناك تحجيم كبير لتواجد كل من تلك القوات في أماكنها.
وأشار حليمة في تصريح بعض المسؤولين الإسرائيليين من مخاوفهم بشأن الانسحاب الأمريكي، وتعاظم النفوذ التركي على حد قولهم داخل الأراضي السورية، أنه التضخيم المعتاد من الجانب الإسرائيلي غرضه تأمين حدودها وأمنها القومي، في رسائل واضحة للجانب التركي بالتوقف أو تحجيم نفوذها المتزايد.
واختتم حديثه: بأنه من غير المتوقع حدوث صدام امني وعسكري بين الجانبين التركي والإسرائيلي نظرا للتنسيق المسبق بينهما منذ ما قبل سقوط نظام الأسد.
حسين هريدي: يرجح انتقال القوات الأمريكية المنسحبة من سوريا إلى اليمن لتنفيذ عملية برية
وفي سياق متصل، تحدث السفير حسين هريدي، أن ترامب ومنذ ولايته الأولي تحديدا في عام 2019، كان مصرا على سحب القوات الامريكية من الداخل السوري، ولكن وقتها رفض هذا الطلب من جانب وزير الدفاع، فضلا عن أن هذا الانسحاب كان بالتنسيق مع الجانب التركي.
وأضاف هريدي، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال" أنه من أحد أهم أسباب اتخاذ هذا القرار في التوقيت الحالي، أنه لا يوجد ابدا اي خطورة من النظام السوري على أمن إسرائيل خاصة وان النظام السوري الحالي لا يعمل ضد المصالح الأمريكية، بل هو نظام يعمل لصالح الأتراك.
وأشار انه ومن المتوقع سحب تلك القوات من الجانب الامريكية لأجل دخول اليمن مستقبلا فضلا عن تدعيم القوات الامريكية في حال التدخل في اليمن بريا.
جمال بيومي: أمن إسرائيل لم يعد مهددا بعد سيطرتها على الجولان
وقال السفير جمال بيومي، أن قرار الانسحاب الأمريكي من الداخل السوري، جاء نتيجة عدة أسباب، أولها اطمئنان الولايات المتحدة على انه لن يكون هناك تهديد أمني في المستقبل على الجانب الإسرائيلي.
وأضاف بيومي في تصريح لبوابة "دار الهلال" أن السبب الثاني أن إسرائيل في الوقت الحالي قد احتلت جزء لا بأس به من الحدود السورية "الجولان" وذلك يضمن لها حاليا تأمين حدودها في حالة حدود اي اعتداء مستقبلي، وثالثا: الولايات المتحدة مطمئنة من ناحية الجانب التركي نظرا للتنسيق المسبق بينهما فضلا عن انه لن يكون هناك تعارض مستقبلي بين الجانبيين نظرا لاكتفاء الأتراك باحتلال لواء إسكندرون فضلا عن اكتسابهم مناطق جديدة في الفترة السابقة.
اختتم حديثه بجانب رابع وهو جانب اقتصادي ، موضحا أن الولايات المتحدة تريد توفير بعض النفقات في تلك الفترة خاصة وأنها تمر بحالة بؤس غير مسبوق.
إكرام بدر الدين: التساؤل الأهم بعد خروج القوات الأمريكية في من سيملأ الفراغ العسكري
قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، أن الولايات المتحدة وإسرائيل في حالة تبادل وجهات نظر وتنسيق على أعلى المستويات فيما بينهم قبل اتخاذ أي طرف لقرار، سواء سوف يؤثر سلبيا أو إيجابيا على الطرف الأخر، وهذا ما يمكننا تطبيق على قرار انسحاب القوات الأمريكية.
وأوضح بدر الدين في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال" أن تنفيذ حرب برية وسحب القوات الأمريكية لإشغالها في موقع آخر يعد أمرا بالغ الصعوبة، خاصة أن الطبيعة الجبلية لليمن تمثل عائقا كبيرا، كما أن القوات الأمريكية التي قد يتم سحبها لن تكون كافية على الإطلاق لاحتلال اليمن، الذي يحتاج إلى حشود عسكرية ضخمة، وأضاف: أعتقد أن الولايات المتحدة لا ترغب في تكرار خطأ أفغانستان مرة أخرى.
وأوضح بدر الدين أن هناك تنسيقا أمنيا كبيرا بين الجانبين الأمريكي والتركي، قائم على مصالح متبادلة، حيث تسعى كل دولة إلى تحقيق مكاسب خاصة بها فقط.
وأشار كذلك إلى أن قرار الانسحاب الأمريكي سوف يحمل إشكالية كبيرة في الفترة القادمة، وهي أن الساحة تضم أطرافا متعددة وطوائف وقوى دولية مختلفة، فضلا عن الجماعات المسلحة، ما يطرح تساؤلا: من سيملأ فراغ القوات الأمريكية، وهل ستتحد الجماعات ذات التوجهات المتقاربة في كيان واحد، أم أن الساحة ستتجه نحو الصدام، فالمشكلة الحقيقية تكمن في من سيملأ الفراغ السياسي والعسكري بعد الانسحاب.
بداية التواجد الأمريكي بالأراضي السورية
ويذكر أن التواجد العسكري الأمريكي بدأ في شمال وشرق سوريا بشكل فعلي في عام 2015، رغم أن الضربات الجوية كانت قد بدأت قبل ذلك بأشهر، وقد تمركزت القوات الأمريكية في مناطق تضم ثروات نفطية هامة مثل: الحسكة ودير الزور، وبدأ بدعم الأكراد تدريجيا، لإنفاذ مصالحهم في المنطقة.
هذا ولم يكن قرار الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية، في عهد دونالد ترامب هو الأول من نوعه، فقد أعلن ترامب في فترة ولايته الأولى، خروج القوات من شمال سوريا، تحديدا في أكتوبر 2019، وهو ما أثار جدلا واسعا داخل وخارج الولايات المتحدة، فقد أدى ذلك الانسحاب إلى توسع النفوذ الروسي والإيراني وفي كافة المناطق تشهد الساحة السورية مجددا التي انسحبت منها القوات منها.