حققت بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تقدما ملحوظا في التعليم والصحة على مدى العقدين الماضيين، رغم التحديات الهيكلية المستمرة وذلك فقا لبيانات البنك الدولي الصادرة في تقرير جديد له والذي صدر على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي.
وذكر موقع "زووم ايكو" الإخباري وفقا للبنك، أنه بين عامي 2000 و2020، شهدت المنطقة زيادة مذهلة في معدلات الالتحاق بالمدارس وتحسنا في مؤشرات الصحة العامة حيث ارتفع معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية من 61% إلى 80%، وهو ما يمثل أكثر من 95 مليون طفل إضافي مسجلين في المدارس، في سياق الانفجار السكاني (حيث زاد عدد الأطفال والشباب من 87.6 مليون إلى 182.9 مليون).
وانخفضت نسبة الأطفال غير الملتحقين بالمدارس إلى النصف في التعليم الابتدائي (من 33% إلى 17%)، وانخفضت بشكل كبير في التعليم الثانوي (من 40% إلى 33%).
وفيما يتعلق بالصحة، ارتفع متوسط العمر المتوقع عند الولادة من 51 إلى 60 عاماً، في حين تحسن معدل الإلمام بالقراءة والكتابة بين البالغين من 56% إلى 68%.. ويعتبر هذا التقدم كبيرا لكنه يظل هشا في مواجهة التحديات الميزانية والانفجار السكاني.
ويدعو الخبراء الحكومات إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتية للمدارس والصحة، وخاصة في المناطق الريفية وشبه الحضرية، و تحسين تدريب المعلمين والعاملين في مجال الصحة ورفع أجورهم لتحسين جودة الخدمات، ودمج الأدوات الرقمية في التعليم لمعالجة مشكلة نقص الفصول الدراسية والوصول إلى المناطق النائية، وتعزيز سياسات العدالة الاجتماعية لضمان حصول الفتيات والأطفال النازحين والفئات المهمشة على التعليم.
وبشكل عام، يشير الخبراء إلى أن منطقة جنوب الصحراء الكبرى قد وصلت إلى مرحلة حاسمة في توفير التعليم والرعاية الصحية على نطاق واسع وسيكون التحدي في السنوات المقبلة هو ضمان الجودة والاستدامة في ظل الضغوط المالية المتزايدة.
وفي السياق، دعا الخبراء إلى استجابة مستهدفة وطموحة ومتعددة الأوجه من خلال التركيز على الاستثمارات العامة والخاصة في المناطق الأكثر كثافة سكانية والأكثر فقرا، من خلال برامج ذات تأثير مضاعف قوي، ووزيادة التمويل للقطاعات المدرة للدخل للسكان ذوي الدخل المنخفض، بما في ذلك الزراعة المعيشية، وريادة الأعمال الريفية، والوصول إلى الطاقة، وإصلاح شبكات الأمان الاجتماعي من خلال جعلها أكثر كفاءة ورقمية واستهدافًا، لتجنب الهدر والوصول بشكل أفضل إلى الفئات السكانية الضعيفة، وتعزيز التعاون الإقليمي لمعالجة الأسباب البنيوية مثل عدم الاستقرار، وانخفاض الإنتاجية، والعزلة، والانفجار السكاني.
وأشار البنك الدولي، في التقرير الذي نشره على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي لعام 2025، إلى أنه خلال عام 2024، ظلت منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بمثابة مركز عالمي للفقر المدقع، حيث يعيش 80 % من فقراء العالم هناك؛ مقارنة مع 8 % فقط في جنوب آسيا؛ و5 % في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ و 3 % في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي؛ و2 % في شرق آسيا والمحيط الهادي.
ودق البنك الدولي ناقوس الخطر نظرا لأن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تضم وحدها 80 % من إجمالي 695 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع في جميع أنحاء العالم وهو وضع مثير للقلق، خاصة وأن نصف الفقراء في المنطقة يتركزون في أربع دول فقط.
وأشار موقع "زووم ايكو" إلى أنه من بين 560 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع في المنطقة، يعيش نصفهم في أربعة بلدان فقط، وعلى الرغم من عدم ذكر أسمائها في التقرير، فإنها تتوافق مع الدول الأكثر اكتظاظا بالسكان والأكثر ضعفا من الناحية الهيكلية مثل نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وموزمبيق.
واختتم البنك الدولي تقريره قائلا إن التحدي الذي يفرضه الفقر المدقع في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا ليس مجرد مسألة إحصائية بل يرجع لأسباب جغرافية وبنيوية وسياسية عميقة، ويقول الخبراء إن هذا الفقر المركّز والمستمر والمتفاقم بسبب الصدمات العالمية، يتطلب حلولاً عاجلة ومصممة خصيصاً، وبدون ذلك فإن هدف القضاء عليه عالمياً بحلول عام 2030 سيظل مجرد وهم.