نظمت هيئة الشارقة للكتاب سلسلة جلسات أدبية جمعت كتّاباً وشعراء من الإمارات والمغرب، ناقشوا خلالها رمزية الماء في الأدب، وتطور القصة القصيرة، وقوة الشعر في تجسير المسافات بين الثقافات، ضمن فعاليات الشارقة ضيف شرف الدورة الثلاثين لمعرض الرباط الدولي للنشر والكتاب.
في جلسة بعنوان "الماء في السرد الأدبي"، تناول الكاتب المغربي محفوظ عبد اللطيف والكاتبة الإماراتية لولوة المنصوري دلالات الماء في الأدب، بإدارة شيخة المطيري حيث أكد عبد اللطيف أن الماء يحمل رموزاً متعددة تختلف باختلاف السياق، مشيراً إلى أن النهر قد يرمز للحياة أو العدوان عند فيضانه، بينما يرتبط البحر بالغموض والهجرة.
واستحضر تأثير كتاب "الماء والأحلام" لغاستون باشلار، الذي يرى الماء كعنصر تحوّل دائم، لافتاً إلى العلاقة النفسية المعقدة بين الإنسان والبحر، والتي تجمع بين الصراع والانجذاب .
من جانبها، كشفت المنصوري عن جذور علاقتها بالماء من خلال بيئة الإمارات، حيث كان السعي وراءه جزءً من حياة الأجداد، سواء عبر الغوص أو البحث عن الآبار.
وأوضحت كيف استلهمت "الأنهار المنسية" من كتابات الرحالة مثل جون فيليبي لبناء عالم روايتها "قوس الرمل"، التي تروي قصة صحراء تواجه طوفاناً خفياً، مؤكدة أن توثيق الذاكرة المائية مسؤولية أدبية وثقافية.
في جلسة "شهادات سردية"، ناقش كتّاب من الإمارات والمغرب تطور القصة القصيرة، بمشاركة مريم الغفلي ومريم ناصر من الإمارات، وعبد النبي دشين من المغرب.
استعرضت الغفلي مراحل تطور القصة الإماراتية، بدءاً من الحكايات الشعبية مثل السيرة الهلالية، مروراً بمرحلة ما بعد الاتحاد التي ركزت على القضايا المحلية، ووصولاً إلى مرحلة الحداثة في التسعينيات. وأشارت إلى رواد مثل عبد الله صقر ومحمد المر، الذي وصفته بـ"عرّاب القصة الإماراتية".
بدوره، تتبع دشين مسار القصة المغربية منذ الخمسينيات، حين ارتبطت بالهم الوطني، ثم تحولت في السبعينيات إلى كسر النمط التقليدي والتفاعل مع الفنون الأخرى.
وأكد دور الحكاية الشفوية كأساس للتخييل الأدبي.
أما مريم ناصر، فركزت على التحديات الفنية للقصة القصيرة، واصفة إياها بـ"أصعب الأجناس الأدبية" لضرورة تكثيف المعنى. واستشهدت بمقولة غابرييل غارسيا ماركيز: "لا تحضر مسماراً إلى قصتك إذا لم تكن تستخدمه"، مشيرة إلى أن القصة الومضة تتيح مساحات للتأويل والتجريب.
وفي أمسية بعنوان "تحت سماء واحدة"، جمعت الشاعرة الإماراتية خلود المعلا والشاعر المغربي إدريس الملياني، قدما نصوصاً تزاوج بين التأمل والحنين، قرأت المعلا قصائد مثل "لا جدوى" و"البيت كما عهدناه"، التي تعكس هشاشة الواقع وصراع الذات مع القيود، بينما مزج الملياني بين العربية والروسية في قصيدة "لو سالومي"، مستكشفاً ثيمات الحب والموت والانبعاث.
عكست الفعاليات حيوية الحوار الثقافي بين الإمارات والمغرب، مؤكدة أن الأدب يبقى جسراً بين الجغرافيا والتاريخ، سواء عبر رمزية الماء، أو تطور السرد، أو قوة الكلمة الشعرية.